الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رائحة كريهة تنبعث من جسمي؛ فما علاجها؟

السؤال

في البداية أحب أن أشكركم على هذه الصفحة المفيدة والرائعة، وأتمنى نقلها إلى صفحة الاستشارات.

وأحب أن أستفسر عن مشكلة أعاني منها منذ حوالي السنتين، وهي: رائحة غريبة جداً في جسمي، لا أعرف مصدرها، بل إنني أجدها بعد أن أستحم وألبس ملابس جديدة، وأحياناً أجد ما يشبه القطن حول فتحة الشرج، ولكن لا رائحة لها، وأيضاً أجد في أسفل الظهر، أو في أعلى المؤخرة ما يشبه الكيس الدهني، ولكن حجمه صغير، ويؤلم إذا لمسته، فهل له علاقة بالأمر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحزين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

موضوع الرائحة الكريهة قد ناقشناه بشيء من التفصيل الممل في استشارة سنرفق نسخة منها أدناه؛ لأنها محجوبة، ويمكن أن نضيف عليها هنا أنه بعد الاستحمام قد تكون الملابس الجديدة المغسولة بغسالة فيها خلل أدى إلى إعطاء الملابس هذه الرائحة الكريهة إما بسبب عدم استخدام معطر الأقمشة أو لأي سبب آخر، أو أن الصابون المستخدم في الملابس قد يحدث لك نوعا من التحسس فتفوح الرائحة بناءً على ذلك.

وأما القطن الذي لا رائحة له حول الشرج فهو على الأغلب من آثار الملابس الداخلية مشابها لما نراه في السرة من تجمع القطن الخفيف، وأما إن كان غير ذلك فننصح بمراجعة الطبيب أو أخذه للمختبر لفحصه وتحديد نوعه ومكوناته وبناء عليه يكون الجواب يقيناً موثقا بدل التخمين والخطأ.

وأما ما يشبه الكيس الدهني أسفل الظهر فقد يكون سبباً في هذه الرائحة الكريهة، خاصة إن كان مفتوحاً أو يرشح منه المادة الدهنية، والتي تشتهر برائحتها الكريهة، ولذلك ننصح بمراجعة طبيب أمراض جلدية لإبداء الرأي أو الاستئصال الكلي ومعرفة فيما إذا كان كيساً دهنيا أو كيس شعر، حيث كلاهما يسببان الرائحة الكريهة.

ختاماً: ننصح بمراجعة طبيب أمراض جلدية لفحص الكيسة وتحديد نوعها وهل هي نازة؟ وهل نزهها هو سبب الرائحة أم لا؟
وننصح فيما يلي بمراجعة الاستشارة المشار إليها أعلاه (قبل أن نبدأ بالإجابة بودي التذكير بأنه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له الدواء، وبودي أن أقول إني خلال 25 سنة من الممارسة في عيادة الأمراض التخصصية الجلدية والتي تشمل كل ما يتعلق بالجلد وتوابعه، كالرائحة الغريبة والتعرق وغيرها، وخلال كل هذه الفترة لم ترد إلي شكوى مشابهة لشكواك، وبودي أن أقول بأن ما عندك ليس بمس من الجن، ومع ذلك تكفي الرقية الشرعية لنفي هذا الهاجس.

الأخت الفاضلة: هوني عليك، فلكل مشكلة حل، ولكن الأمر يحتاج إلى روية وتدبر وتفكير، ومراجعة وصبر، وتعاون وتجريب ومتابعة.
ونظرا لضخامة الشكوى وكثرة المعاناة، فقد آثرت أن أطيل الإجابة المتعلقة بموضوعها، وألا أكتفي بالإشارة إليها، وذلك لتسهيل الموضوع ودمجه، ولو أن بعض الإجابات متعلقة بالتعرق العام، والآخر بالقدمين أوالفطريات، وبعضها بالرائحة بشكل عام، وقد يكون فيها بعض التداخل أو التكرار، نظراً لتشابه الشكوى والأعراض.

إن من القواعد الهامة البديهية، أنه لا يوجد شيء إلا وله سبب، وإن جهلنا بالسبب فهذا لا يبرّئ المسبب، وإنّ تجاهلنا لسبب يحرمنا التحسن من آثاره

من الأسباب المعروفة لرائحة البدن الكريهة واحد أو أكثر من الاحتمالات التالية:

A. التعرق وفرط التعرق، ونوعية التعرق تراجع الاستشارات رقم ( 18638 و235478 و241550 و18547 و239626 ).

B. أكل بعض المواد الغذائية كالبصل والثوم وغيره الكثير مما يأكله بعض الناس أو الشعوب، فتتميز برائحة قد لا يحتملها غيرهم.

C. هناك بعض العروق (أو المجموعات الأثنية) تتميز بروائح عن غيرها من العروق، (مثلا الزنجي أو تميز الهنود برائحة أو غيرها) علماً أن بعض العادات من أكل وعطر وثقافة سلوكية معينة، قد ينجم عنها تميز أصحابها بروائح معينة.

D. بعض الأدوية قد تؤدي إلى روائح معينة بالعرق أو البول أو الجسم بشكل عام.

E. بعض الأمراض تتميز برائحة مثل السكري، ورائحة الاسيتون، وقصور الكلية، والصدفية ورائحتها، والفقاع ورائحته، وهكذا.

F. يجب نفي وجود ناسور، أي فتحة من الأمعاء إلى الجلد، فهي تؤدي لرائحة شبيهة برائحة البراز، ولكن ينبغي أن تكون في منطقة العجان (أي الحوض وما حوله) وقد يكون هذا الناسور صغيرا، أي فتحة دقيقة تحتاج إلى تحري المخرج، وذلك بتتبع مصدر الرائحة (ولو كان هذا السبب لتم إصلاحه جراحيا بسهولة).

G. بعض الإنتانات تتميز برائحة خاصة، مثل الجراثيم والإنتانات الرطبة والإفرازات الدورية، وخاصة في المناطق الحساسة والتناسلية، وفي حالتك يجب نفي وجود الفطريات، خاصة في الأطراف السفلية أو مواضع الرائحة.

H. عدم الاستحمام الدوري، أو عند اللزوم، أي بعد جهد، أو تعرض للحرارة، أو عمل رياضي، أو غيره من موجبات الغسل، ولكن الأمر مختلف عندك؛ لأن الرائحة تفوح بعيد الاستحمام.

ومما يمكن عمله للتغلب على الرائحة هو:
1. تقصي الأسباب وتجنبها وتغيير العادات المؤدية لها.
2. الغسل اليومي.
3. علاج الالتهابات إن وجدت على اختلاف أشكالها وتوضعاتها.
الرائحة الكريهة في العرق قد يكون لها أسباب عديدة، راجعي على الإنترنت المتعلقات بعنوان (Bromohidrosis ).
والتي تعني العرق ذا الرائحة الكريهة، ونذكر بتجنب المأكولات المبهرة والبصل والثوم وغيره، مما يشك فيه، وانتبهي إلى أن هذه الرائحة تتحسن بزوال الأكل المسبب لها، ولكن على درجات وليس فوراً، (مثلا هل تخف مع الصيام؟)
وإن التعرق ذا الرائحة الكريهة غالباً ما يحدث في الإبطين والقدمين أو ما حول المنطقة التناسلية، وغالباً ما يترافق مع:
أ‌- زيادة التعرق.
ب‌- سوء وظيفة الغدد العرقية المفرزة.
ج‌- إنتانات فطرية أو جرثومية.
د‌- تفكك الحموض الدسمة يؤدي لرائحة متميزة.
هـ‌- بعض أنواع الطعام مثل الثوم، البصل، وفرط تناول البروتينات.
و‌- أو الانسمام ببعض المعادن الثقيلة، كالزرنيخ وما أظنك تناولتيه.
أما المعالجة للرائحة الكريهة في العرق:
1. فأولها معالجة السبب إن أمكن (خاصة الطعام والإنتانات الموضعية، وخاصة الفطرية منها).
2. تنظيف عام للجسم وحمامات متكررة.
3. تغيير الألبسة، خاصة الداخلية والجوارب بشكل متكرر.
4. واستخدام ألبسة غير ضيقة وتجنب التعرق المفرط.
5. تجنب بعض أنواع الطعام مثل كثرة البروتينيات ـ الثوم ـ البهارات.
6. تهوية المنطقة.
7. بودرة خاصة للقدمين قبل ارتداء الجوارب أو بودرة خاصة للإبطين.
8. أما الإبطين خاصة، فمزيلات الرائحة المتوفرة بمستحضرات مختلفة، ومنها الدرايكلور، ولكن يجب الحذر من الحساسية الموضعية الناجمة عن بعض هذه المركبات.
9. صوابين مطهرة مضادة للجراثيم.
10. كما يمكن للبوتكس أن يخفف التعرق، وبالتالي تخف الرائحة التي يحملها العرق، حتى ولو كان العرق خفيفا، وأنصح بتجريبه حتى ولو كان تأثيره جزئياً، أو مؤقتا، خاصة قرب المواضع شديدة الرائحة.
11.وآخر الدواء الكي، فإن كانت الغدة التي تفرز العرق القليل بالكمية والكريه بالرائحة لا تستجيب لأي من العلاجات السابقة، فهناك الاستئصال الجراحي لهذه القطعة، خاصة من جلد الإبط الحاوية على هذه الغدد، وليس من القدمين، وبهذا تنتهي المشكلة إلى الأبد، وهذا الإجراء يحتاج إلى طبيب مجرب، وقد كان من الإجراءات المتبعة قبل عهد البوتكس.
وإن كانت هذه الرائحة متعلقة بالقدم، فلابد أنها مكتسبة وليست من الولادة أو من الطفولة.
فإن كانت مكتسبة، فلابد من وقت بدأت به، وهو إما مع البلوغ، أو وقت آخر معلوم للمريض، وغالباً ما يكون قد تصاحب بأي من التبدلات التي تدل على السبب.

تتميز القدم الطبيعية بشكل طبيعي غير مرضي، وعند كل البالغين برائحة مزعجة، ولكن إن زادت عن حد معين فهي مرضية، وبحاجة للتدخل أو الاستقصاء أو العلاج.

بشكل عام يجب فحص القدم ورؤية التغيرات الموجودة ووصفها، وخاصة ما بين الأصابع والأظافر وأخمص القدم، فقد يكون هناك زيادة في التعرق، أو حويصلات صغيرة، أو وسوف أو تعطن أو طبقة بيضاء، أو تسمك في الجلد، أو ثخانة في الأظافر أو ما تحتها أو غيره.

أما العلاج فهو بعلاج السبب إن عرف، أو باتخاذ الأسباب العامة التالية:
A. الغسل اليومي المنتظم، ولكن بالماء والصابون وليس بالماء فقط.
B. التنشيف والتجفيف بعد كل غسل، ولكن بالورق وليس بالفوطة أو المنشفة القماش.
C. تغيير الجوارب اليومي مرة أو مرتين.
D. استعمال الحذاء المهوي، أي الذي فيه فتحات، وليس كتيما (أي استعمال الحذاء الذي يحوي مسام مفتوحة أو خروما أو موديلا يسمح بالتهوية أثناء استعماله).
E. استعمال مغاطس (ليد صب اسيتيت 10%) مرة إلى مرتين يومياً لمدة 10 دقائق (تقل المدة مع التحسن).
F. عدم إبقاء الحذاء لفترات طويلة؛ لأن ذلك يؤدي إلى التعرق واحتباسه وعدم تهوية القدمين.
G. استعمال المنيوم كلورايد ودهن القدمين، خاصة من الجهة الأخمصية وبين الأصابع.
H. دهن كريم بيفاريل أو كانيستين أو داكتارين مرتين يومياً على كامل القدم، مع التركيز على الأخمص، وأما ما بين الأصابع فيدهن نفس المستحضر على شكل لوشن وليس كريم.
I. إن لم تتحسن، يمكن إضافة استعمال بخاخ سائل أو بودرة مضاد فطريات (نفس الأسماء السابقة) داخل الجورب وقبل استعماله مباشرة في كل مرة نستعمل الجورب.
J. لا تستعملي نفس الحذاء ليومين متتاليين، ولكن البسيه كل يومين بالتناوب مع غيره، أو كل ثلاثة أيام، أو حتى كل أربعة أيام، حسب المتوفر.
K. لو كنت من هواة الرياضة، فلا تستعملي الجورب الرياضي استعمالا متكررا بحجة أنه للرياضة، بل غيريه واغسليه بعد كل استعمال.
L. في الفترة الأولى قد تحتاجين الالتزام بصرامة مع التعليمات المذكورة، ولكن مع الزمن ستشعرين أن الرائحة بدأت تخف بالتدريج، ويصبح الالتزام عند التحسن الذي يرضيك أقل ضرورة، بل حسب الحاجة.
M. قد تكفي واحدة أو أكثر من الإجراءات المذكورة، والتي نزيد عددها حسب الضرورة، ونكثر من الالتزام بها حسب حاجتنا لمزيد من التحسن.

الإجراءات المذكورة أعلاه تفيد في حفظ صحة القدم ووقايتها من التعرق الزائد والفطريات والعدوى، سواء أكانت طبيعية أم مرضية.
وأخيراً: استعيني بالله وفتشي عن الأسباب وتجنبيها واغسلي واستعملي مجففات العرق ثم البوتكس، وأخيراً الجراحة حيث أنه إن لم تجد خطوة أخذنا ما بعدها.

وختاماً: اقرئي بتمعن، وراجعي هذه الإجابة وما حولها من المتعلقات، وابدئي بالسبب، وراجعي طبيبة النساء، وانتبهي لغذائك ووزنك، والاستحمام الدوري، وتغيير الملابس الدوري، وإن شاء الله سيكون كل شيء على ما يرام.

والكلمة الفصل هي لطبيبة ثقة أمينة خبيرة تفحص وتتحرى الأسباب، ولو احتاجت العديد من التحريات والاستشارات لبقية الزملاء ثم تصل إلى التشخيص، فمشكلة كهذه لا تكفي فيها المراسلة ولا الاستشارة عن بعد، خاصة وأنك قد فقدت وظيفتك وخطيبك أكثر من مرة، فالأمر يحتاج متابعة وإخلاصاً كما ذكرنا سابقاً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً