الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمر المثالي الذي يتعلم فيه الإنسان

السؤال

ما هو العمر المثالي الذي يتعلم فيه الإنسان؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن كل حياة الإنسان وعمره قابل للتعليم، وهناك اختلاف ما بين عمر وآخر، فالإنسان بفطرته يتعلم أشياء معينة في مرحلة عمرية معينة، فيتعلم الكلام في مرحلة عمرية معروفة ويتعلم التواصل مع الآخرين وتستمر العملية التعليمية من الطفولة الأولى حتى يموت.

المبدأ الأساسي هو أن العملية التعليمية هي عملية متواصلة وممتدة، ولكن هناك مراحل يكون فيها استيعاب الإنسان وقدرته على الاستبصار واكتساب المعلومة وتحليلها واستنباطها والاستفادة منها أقوى.

لا نستطيع أن نفصل ما بين التعلم والتعليم والذكاء وآثار البيئة والقوة المعرفية للإنسان، والذكاء هو أحد العوامل الضرورية التي تحدد مقدرة الإنسان على التعلم واكتساب المعلومات، ونستطيع أن نقول أن الذكاء ينمو حتى عمر الثلاثين لدى الإنسان، وبعد ذلك لا يزيد الذكاء ولا ينمو.

مرحلة الطفولة هي مرحلة يكون فيها استيعاب الإنسان خصباً جدّاً، فإن الحفظ - على سبيل المثال - على الرغم من أنه ليس هو أعلى المقدرات الإنسانية المعرفية ولكن يعرف أن مرحلة الطفولة هي مرحلة القدرة على الحفظ، خاصة إذا كان الطفل يجد من يوجهه في كيفية الحفظ، ويعرف أن طفولة الإنسان هي أطول طفولة مقارنة مع بقية المخلوقات الأخرى، فطفولة الإنسان تمتد أربعة عشر أو خمسة عشر عام، ونقول أن الإنسان يعيش إلى ستين عاماً، في حين أن طفولة الفيل هي ستة أشهر ويعيش نفس العمر.

مرحلة الطفولة مرحلة هامة للتعلم، حيث يتعلم الإنسان فيها من بيئته، ويتعلم الضوابط التي يجب أن يتبعها في حياته اليومية وكيف يتفاعل مع الآخرين، وفترة الشباب هي فترة تعلم متسع، فالحفظ يكون موجودا بنفس القوة، وقوة تفهم المعلومة تكون أفضل، ويترقى الإنسان في سلم التعلم، ويستطيع اكتساب معلومات أكثر صعوبة، كما أنه يستطيع أن يحلل ويستنبط هذه المعلومات بصورة معقولة جدّاً.

بعد عمر الخامسة والثلاثين تقل القدرة على التعلم اللفظي لدى الإنسان ولكن يرتفع لديه التعلم المهاري والتعلم المهني ربما يتحسن، كما أن قدرة الإنسان على استنباط المعلومات وتحليلها تتحسن بعد عمر الأربعين، ونحن نعرف أن عمر الأربعين هام للتعلم، ونعرف أن الرسالة أتت للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا العمر، فهذا العمر أيضاً يعتبر عمراً مهماً وضرورياً للتعلم ولكنه تعلم من نوع خاص، التعلم الذي يستطيع الإنسان من خلاله أن يحلل وأن يستنبط المعلومة بصورة فيها المزيد من الحكمة والمزيد من التدبر.

عند الشيخوخة ربما تتدهور الذاكرة قليلاً بصفة طبيعية لدى الكثيرين من الناس، ويكون التدهور دائماً في عدم القدرة على تذكر المعلومات الحديثة، وربما يكون مخزون المعلومات السابقة والذاكرة السابقة لا زال سليماً وقويّاً، ولكن اكتساب معلومة جديدة ربما يضعف، هذا بخلاف الشخص الذي يصاب بمرض الخرف أو العته؛ لأن هذا المرض يؤدي إلى ضعف الذاكرة للأحداث الحديثة ثم القديمة ثم يحدث التدهور في شخصية الإنسان وفي تصرفاته وفي حكمه على الأمور، حتى يصل إلى مراحل أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً.

باختصار فإن العملية التعليمية هي عملية مستمرة، ولابد للإنسان أن يكتسب المعارف دائماً، ولكل إنسان طريقته ومصادر قوته التي يعرفها، فهناك من لديه الذاكرة السمعية قوية، وهناك من لديه الذاكرة البصرية قوية وهكذا، ومن المفترض أن يستفيد الإنسان من طاقاته المعرفية خاصة في مرحلة الشباب وحتى سن الأربعين، فهذا هو الوقت الذي يتعلم فيه الإنسان ويكتسب فيه المعلومات بصورة قوية ومثالية جدّاً، وبعد ذلك يستطيع الإنسان أن يحلل هذه المعلومات ويستنبط منها معاني قد لا يستدركها وهو في عمر أصغر.

نسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يزيدك علماً، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً