الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأفكار الوسواسية السيئة ودور الشيطان فيها

السؤال

أخت تسأل وتقول:
أنا إنسانة سيئة مع الله .. لا أدري لماذا؟ مع أني أصلي وأرتدي "طرحة" (غطاء رأس)، لكن هناك أفكار سيئة تلازمني ولا تفارقني، أنا أكره نفسي، وأعتقد أنني فتاة سيئة، أظن أن الله لا يحبني، هذا الأمر يجعلني حزينة، يفسد عليّ صلاتي، لا شيء حسن أفعله.

أرجوكم أخبروني ماذا بوسعي فعله؟ هذه الأفكار لا تحدثني في الإقدام على أمور سيئة؛ إنما مثلاً كل كلمة حسنة أقولها أسمعها في أذني كأنها كلمة سيئة، فمثلاً بعد قول: "يا رب" تأتي في ذهني كلمة سيئة .. وهكذا، ويتكرر ذلك معي في كل شيء طوال الوقت.

أعتقد أنني إنسانة سيئة أو بحاجة إلى توجيه نفسي، أنا حقيقة متعبة منذ فترة، وأريد أن أكون صالحة مع الله.

أتمنى أن تساعدوني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليّاً ونصيراً، كما نسأله تبارك وتعالى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يعافيك من السحر والكهانة والعرافة وغير ذلك.

بخصوص ما ورد بسؤال الأخ محمد عن الأخت التي تقول: أنا إنسانة سيئة مع الله.. إلى غير ذلك، وذكرت صوراً كثيرة من الأمور التي تجعلها تظن أنها سيئة في نفسها، أحب أن أقول لها: - أختي الكريمة الفاضلة – أنت لست سيئة ولا غيره، وإنما هذا أمر خارج عن إرادتك، فالشيطان – لعنه الله – يحرص دائماً أن يمنع الإنسان أساساً من طاعة الله، فقد يدعوه إلى الكفر، فإن عجز عن دعوته إلى الكفر دعاه بعد ذلك إلى البدعة، فإن عجز عن ذلك دعاه على ترك الطهارة أو ترك الصلاة أو ترك الصيام أو غيره، فإن عجز عن ذلك جعل المعركة تنتقل إلى داخل قلبه ونفسه، فيفسد عليه معتقده، يفسد عليه العلاقة بينه وبين الله، فيجعله يسوء الظن به، أو قد يسب الله – والعياذ بالله – أو قد يقول أقوالاً لا يحبها ولا يتمناها ولا يتصور أن تحدث منه، وهذا الذي يحدث معك أنت الآن.

فأنت - بارك الله فيك – امرأة تصلي وترتدي الحجاب، وهذا من فضل الله تعالى، يدل على أنك على خير، ولكن هذه الأفكار أنت لا دخل لك فيها، وإنما هذه - بارك الله فيك – إنما هي من الشيطان – لعنه الله – فالشيطان – عليه لعائن الله – يحاول دائماً أن يستخدم أسلحة لصرف الإنسان عن دينه، فيجرب سلاحاً إذا وجده مفيداً ونافعاً وجاء بنتيجة استعمله وقوَّاه ودعمه، فإن وجد الإنسان انتبه له وقاومه بحث عن سلاح آخر – وهكذا – كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام-: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: (يحضر الشيطان أحدكم عند كل شأن من شؤونه) كل شيء، يعني أنت تريدين أن تدخلي دورة المياه (الحمام) الشيطان موجود، تريدين أن تأكلي الشيطان موجود، تريدين أن تشربي الشيطان موجود، تريدين أن تنامي هو موجود معك، تريدين أن تتوضئي موجود معك، تريدين أن تصلي موجود معك، حتى لو ذهبت إلى الحج أو العمرة أيضاً هو موجود معك، فالشيطان في كل شيء موجود.

والنبي عليه الصلاة والسلام قال هذا الكلام، وقال أيضاً: (إن الشيطان عقد لابن آدم بأطرقه كلها) يعني كل طريق تسلكينه الشيطان موجود فيه، لماذا؟ (( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ))[البقرة:268]، إن الشيطان للإنسان عدوٌ مضل مبين، فهو دوره عداوة شديدة لأنه أخرج أبانا آدم – عليه السلام – من الجنة وحريص ألا ندخل نحن الجنة، فماذا يفعل؟ يستخدم أي سلاح لإفساد الناس.

ولذلك أنا أنصحك - أختي الكريمة الفاضلة – أن تتوجهي إلى الرقية الشرعية، والرقية الشرعية إما أن تقومي أنت برقية نفسك إذا كان عندك استعداد وإذا كانت ظروفك النفسية والعلمية تسمح، لأنها عبارة عن مجموعة آيات من القرآن الكريم وأحاديث من سنة النبي - عليه الصلاة والسلام - .

إذا لم تستطع الأخت أن ترقي نفسها بنفسها فمن الممكن أن تستعين بزوجها، أو بأحد إخوانها، أو بأبيها، أو بأمها، أو بأي أحد من أرحامها، يقوم بعمل الرقية الشرعية بالنسبة لها.

إذا لم يكن هناك أحد متيسرا أو موجودا فمن الممكن - بارك الله فيها – أن تذهب إلى معالج من المعالجين، بشرط أن يكون معروفاً أنه رجل ليس دجال؛ لأن بعض المعالجين في مصر دجالون وسحرة مخضرمون، ويقول أنا أعالج بالقرآن ولكنه في الواقع هو لا يعالج بالقرآن وإنما يعالج بالسحر، ولكن هناك أخوة لهم شهرة طيبة يعالجون بالقرآن فعلاً بالرقية الشرعية ولا يستعملون أي شيء أكثر من الرقية الشرعية، فنبحث عن واحد من هؤلاء ويقوم بعمل رقية شرعية بالنسبة لهذا الأخت، بشرط أن يكون معها محرم؛ لأنه لا يجوز حتى وإن كانت تجلس مع (أبو بكر أو عمر) - رضي الله تعالى عنهما – أن تكون وحدها؛ لأنه ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما.

فإذن المطلوب - بارك الله فيك – أن يكون هناك أحد المحارم، وأن يقوم الشيخ بعلاج هذه الأخت، يقرأ عليها مرة بعد مرة وأنا واثق بأنه ستعافى تماماً، وهذه الألفاظ سوف تذهب - بإذن الله تعالى – من رأسها، ولن يكون هناك شيء من هذا.

وأحب أن أخبر هذه الأخت بأن الذي يحدث لك الآن أنه غير مؤاخذة عليه، فما دام يخرج منك دون إرادة منك وأنت لا تعرفين كيف يخرج فهذا من الشيطان الرجيم – لعنه الله - .. فأنت - بارك الله فيك – تحافظين على الأذكار وتحافظين على الرقية الشرعية، وبإذن الله ستكونين بخير.

تستطيعين - أختي الكريمة الفاضلة – أن تبدئي الآن العلاج حتى قبل أن يأتي الشيخ، وذلك بأن تحافظي أولاً على الصلاة في أوقاتها، حتى وإن كنت غير مرتاحة لها الآن؛ لأن الشيطان يفسدها عليك، ثم بعد ذلك تجتهدي أن تكوني متوضئة غالب الوقت؛ لأن الوضوء هذا حصن، ثم بعد ذلك تحافظي على أذكار الصباح والمساء، إذا لم تكوني تحفظينها اقرئيها من كتاب، خاصة (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحاً ومائة مرة مساءً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن من قرأها مائة مرة كل يوم صباحاً كانت له حرزاً – وقاية وحماية وحصنا – من الشيطان طول اليوم حتى يمسي، وكذلك إذا قالها مساءً.

وأيضاً كذلك: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحاً وثلاث مرات مساءً، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات.

أيضاً اجعلي في بيتك شريطاً لسورة البقرة، إذا كنت تعرفين قراءتها فاقرئيها أنت من نفسك، وإذا كنت لا تستطيعين لأي ظرف ما فمن الممكن أن تشغليها من مسجل أو شريط كاست تضعيه في مسجل أو إذاعة القرآن الكريم أو كمبيوتر أو غيره، وتجعليها تقرأ طول النهار وطول الليل؛ لأن هذا - بإذن الله تعالى – سيطهر البيت من الشياطين ومن الوساوس كلها، وسوف تتحسن حالتك وحال بقية الأسرة - إن شاء الله تعالى -.

ولكن أقول: لا بد لك من علاج شرعي أنت شخصياً عن طريق الرقية الشرعية، فإن كنت تستطيعين أن ترقي نفسك فهذا حسن، أو يرقيك أحد أرحامك فهذا أيضاً حسن، وإذا لم تستطيعي - بارك الله فيك – فعليك بالبحث عن معالج ثقة يعالجك - بإذن الله تعالى – مع المحافظة على الأذكار – أذكار الصباح وأذكار المساء – والدعاء، اسألي الله عز وجل من فضله وألحي على الله بالدعاء أن يعافيك الله تعالى، وأبشري بفرج من الله قريب.

أسأل الله أن يغفر لنا ولك وأن يستر علينا وعليك، وأن يعافيك من كل سوء وأن يصرف عنك كل بلاء.

ويمكنها الاستفادة من هذه الاستشارات حول علاج الوساوس سلوكياً : ( 259593 - 260447 - 265121 ).

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً