الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صعوبة الكلام في الأوساط المجتمعية وكيفية علاجه

السؤال

السلام عليكم.

أثناء التحدث مع شخص أشعر بالخوف في قلبي فيقف الكلام وتحدث صعوبة شديدة في الكلام أمام الغرباء، ولكن مع نفسي لنفسي أنطلق في الكلام وأكون شخصاً عادياً، لكن المشكلة الكبيرة أمام الناس، وهذا له تأثير كبير جداً علي في حياتي العلمية والاجتماعية.

أحس أنني ليس لدي وضع بين أصحابي نتيجة لقلة الكلام، وهذه المشكلة عندي منذ الصغر، وذهبت لأخصائيين تخاطب، ولكن بقيت كما أنا!! وذهبت إلى دكاترة مخ وأعصاب وقالوا: أنت سليم، المشكلة نفسية، فما أعرف أعمل ماذا؟
أحياناً أكره نفسي جداً لو تكلمت أمام أحد أو في امتحانات الشفوي، فأخاف أن هذه المشكلة تبقى معي فتؤثر علي في عملي، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فالذي استطعت أن أستنتجه من رسالتك أنك تجد صعوبة في التخاطب حينما تكون في وضع اجتماعي، ويحدث لك نوع من التأتأة والتلعثم في الكلام.

هذا التلعثم أو التأتأة مرتبط بالقلق؛ حيث إن الإنسان في أوقات المواجهة الاجتماعية - إذا كانت هذه المواجهة على مستوى بسيط أو على مستوى كبير – لا شك أن القلق مطلوب كطاقة نفسية تحسن من أداء الناس، ولكن هذا القلق نفسه قد يتحول من قلق إيجابي إلى قلق سلبي، وذلك بأن يتسع مداه ويحس الإنسان بتوتر داخلي وشيء من التلعثم.

أنا أؤكد لك أن الحالة بسيطة، والذي أريدك أن تنتبه له هو بالرغم من أن ما يحدث لك إلا أن الموضوع أقل وأبسط مما تتصور، فالذين يعانون من التأتأة في المواقف الاجتماعية دائماً تكون مشاعرهم سلبية حيال أنفسهم، ونستطيع أن نقول إنهم يستشعرون التأتأة بصورة تكون أكبر مما هي في أرض الواقع.

لا أقول إن هنالك توهما أو مبالغة، ولكن الشعور الداخلي الذي يفرض نفسه على الإنسان والذي هو ناتج من القلق يجعله يشعر كأنه فعلاً يتلعثم ويأتي بصورة تجعل كلامه غير واضح.

فأرجو أن تصحح مفاهيمك، وأعني بذلك أن تقتنع الآن بأن أداءك في المواقف الاجتماعية أفضل مما تتصور، بالرغم مما يأتك من خوف وتوتر.

ثانياً: إذا كان لديك أي صعوبة في نطق أحرف معينة، فأرجو أن تتخير كلمات تبدأ بهذه الأحرف، وقم بنطقها وتكرارها بصوت مرتفع.

ثالثاً: أريدك أن تقوم بتمرين سلوكي يسمى بالتعريض في الخيال، أي أن تعرض نفسك لنفس الموقف الاجتماعي الذي يسبب لك الخوف والرهبة والتلعثم، تعرض نفسك خيالياً لهذا الموقف، ويتم ذلك بتمرين بسيط جدّاً.

اجلس في غرفة هادئة وتصور أنك تخاطب جمعا كبيراً جدّاً من الناس، وقم فعلاً بتمثيل هذا الدور، أي بالمخاطبة، استعمل اللغة الحركية واللغة اللفظية، ويا حبذا لو قمت بتسجيل ما سوف تقوم بعرضه وأدائه، وبعد ذلك استمع لما قمت بتسجيله، وسوف تجد أن أداءك أفضل مما تتصور.
مثل هذا النوع من التمرين يكرر عدة مرات وهو مفيد جدّاً.

تمرين آخر أرى أنه يفيد كثيراً في مثل هذه الحالات، وهو قراءة القرآن بتدبر وتأمل وتؤدة وتجويد، ويا حبذا لو كان ذلك على أحد المشايخ؛ لأن تعلم مخارج الحروف على معلم متقن حقيقة يفك العقدة من اللسان، وهذا واضح جدّاً في كثير من الناس، فعليك أن تحرص على ذلك وإن شاء الله يفيدك أيضاً.

أريدك أيضاً أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، خاصة تمرين التنفس المتدرج، هذا التمرين تمرين بسيط جدّاً.

اجلس في غرفة هادئة، على كرسي مريح، أو اضطجع على السرير، يجب أن تكون في حالة استرخاء وتأمل وتركيز، لا تشغل نفسك أبداً بالضوضاء الموجودة من حولك، اجعل الإنارة في الغرفة تكون خافتة، فكر في حدث سعيد، أغمض عينيك، ثم بعد ذلك خذ نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، اجعل صدرك يمتلأ بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً، ثم بعد ذلك أمسك الهواء لفترة خمس ثوانٍ، بعد ذلك أخرج الهواء بكل قوة وبطء، وفي هذه المرة يجب أن يكون إخراجه عن طريق الفم.

كرر هذا التمرين خمس إلى ست مرات في كل جلسة بمعدل جلسة في الصباح وجلسة في المساء لمدة ثلاثة أسابيع، ثم جلسة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أسابيع أيضاً.

لا شك أن انخراطك في الأعمال التطوعية والاجتماعية سوف يعطيك الشعور بالاسترخاء والرضا، وهذا يجعلك أكثر مقدرة على التعبير.

أرجو أيضاً أن ترفع من رصيدك اللغوي والمعرفي، وهذا يأتي بالاطلاع.

حاول أيضاً أن تقلد بعض المذيعين أو المتحدثين أو الخطباء، قم باللغة اللفظية والحركية التي يقوم بها هؤلاء الأشخاص، وهذا أيضاً وجد أنه مفيد كثيراً.

بقي أن أصف لك أحد الأدوية الجيدة المضادة للقلق والتوتر، وإن شاء الله تعالى يزيل أي نوع من الرهبة الاجتماعية التي يعتقد أنها سبب لهذا التلعثم والتأتأة.

الدواء يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام) ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة مرة واحدة كل يومين لمدة عشرين يوماً، ثم توقف عن الدواء.

الدواء من الأدوية الجيدة والفعالة، وإن شاء الله سوف يفيدك كثيراً، وأحبذ أن تطبق بالطبع الإرشادات السابقة بكل جدية وبحذافيرها، وعليك أن تكون صبوراً، وسوف تجد إن شاء الله أن مشكلتك قد حُلت تماماً.

وأرجو أن تركز على دراستك وأن تستثمر وقتك بصورة طيبة، ومن جانبنا نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك وأن يحل هذه العقدة من لسانك، ونحن شاكرون ومقدرون تواصلك وثقتك في موقع إسلام ويب.

وللفائدة يمكنك مراجعة هذه الاستشارات عن علاج عدم القدرة على الحديث والتعبير عن الذات سلوكياً ً (267560 - 267075 - 257722).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • روسيا الإتحادية خالد

    جزاك الله خير

  • المملكة المتحدة احمدالسبيعي

    سبحان الله نفس المشكله الي عندي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً