الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العصبية الزائدة والتفكير في المستقبل.

السؤال

السلام عليكم

يا دكتور طاب مساءك:

أرجوك ساعدني للتخلص من العصبية الزائدة والتفكير بشأن المستقبل، فإنني أعاني منها وبشدة، وخلقت لديّ الكثير من المشاكل مثل القولون العصبي وارتجاع المريء، وأعظمها الشيب الذي لوّن شعري وأنا في العشرين من عمري، وأتعصب بسرعة ولأقل سبب، ودائماً ألوم نفسي جراء ذلك، كأن أكون أغضبت أحد إخواني أو حتى أمي أو رفعت صوتي على أحدهما، ما العمل -يا دكتور- حاولت جاهدة البحث عن طرق ولم أفلح؟

وأشعر بألم في رأسي وأتمنى لو أنني أبكي، ولا أخفيك أني أصبت قبل فترة بنوبة هلع مفزعة شعرت حينها أن الموت أحيط بي من كل جانب، وكانت مرافقة لنزول الدورة الشهرية، -الحمد لله- الذي فرجها عني، ولكن دائماً أتذكرها وأفزع، وأحياناً وقت نزول الدورة قد أشعر بها ولكن بخفيف.

علماً أنني انتهيت الآن من الدراسة، ولكن تبقى ضغوط المنزل والحياة تغيم علينا، -والحمد لله- على كل حال وزمان.

عذرا على الإطالة وأسأل المولى جلّت قدرته أن يحفظك أينما كنت، ويجزيك الخير.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمونة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى كلماتك الطيبات التي نسأل الله تعالى أن تكون محفزة لنا لعمل ما هو صالح ومفيد لكل من يرتاد هذا الموقع.

فلا أعتقد أن لديك مشكلة أساسية أو كبيرة، فالعصبية الزائدة والتفكير بشأن المستقبل هي من سمات القلق النفسي، وهذا النوع من القلق النفسي يكون جزءا من البناء النفسي للشخصية، والإنسان له تكوين نفسي وتكوين غريزي وتكوين عاطفي، هذا يلعب دوراً أساسياً في درجة القلق التي قد تحدث لبعض الناس، وكما نؤكد دائماً فإن القلق هو طاقة نفسية مطلوبة ولا نستطيع أن نقول أنه دائماً طاقة نفسية سلبية، ولكن بالطبع حين يزداد ربما يسبب صعوبات ومشاكل لصاحبه، لذا نحن نقول للناس: (لا تقلقوا ولا تحزنوا، فالحياة طيبة وجميلة، على الإنسان دائماً حين تأتيه نوبات أو فورات من الغضب والتوتر عليه أن يتذكر دائماً أن هذا نوع من الانفعال الخاطئ وطاقة نفسية سالبة تعود عليه وعلى الآخرين بالضرر، والإنسان يجب ألا يسعى مطلقاً لأن يضر نفسه أو يضر الآخرين).

إذن التعامل مع الآخرين بحسن وبذوق وبأدب ومودة هي سمات إنسانية طيبة جدّاً تساعد الإنسان في أن يتواءم مع نفسه ويتوافق مع الآخرين، وهذا من شروط الصحة النفسية.

دائماً سلي نفسك: (لماذا أقلق، لماذا أتوتر، لماذا لا أكون منشرحة، لماذا لا أكون استرخائية ومنبسطة مثل الآخرين؟) هذا الشعور إذا استطاع الإنسان أن يبنيه في نفسه -وهذا ليس بالمستحيل- يساعده كثيراً في التغلب على نوبات القلق والتوتر، وأعراض القولون العصبي وكذلك ارتجاع المريء رُبطت في كثير من الأبحاث بالقلق النفسي، وفي بعض الحالات أيضاً قد يكون الاكتئاب النفسي عاملاً فيها.

أنا أنصحك أيضاً بضرورة التعبير عن نفسك، نحن في كثير من الحالات لا نجيد الحوار في داخل أسرنا مع والدينا مع إخواننا، مع أخواتنا، مع أرحامنا، مع جيراننا، مع أصدقائنا، مع زملائنا، وهذه مشكلة وقضية كبيرة جدّاً، فإذن أنا حقيقة أنصح وأنصح جدّاً بضرورة التعبير عن النفس، بضرورة الحوار، بضرورة الالتزام بآداب الحوار، هذا نسميه بالتفريغ النفسي، والتفريغ النفسي حقيقة يساعد كثيراً في علاج أعراض القلق والتوتر.

ثالثاً: ممارسة الرياضة -أي نوع من الرياضة تناسب الفتاة المسلمة- الرياضة داخل المنزل، رياضة المشي، كلها -إن شاء الله- فيها خير كبير جدّاً لعلاج حالات القلق والتوتر، ولا شك أن حالة الاضطراب الفزعي الذي حدثت لك هي جزء من هذا القلق النفسي الذي تعانين منه، نسأل الله تعالى أن يفرج عليك، وأن يزيل هذا القلق.

لا شك أن ارتباط الدورة الشهرية ووقتها بالقلق علاقة معروفة جدّاً في الطب النفسي، فأرجو ألا تنزعجي لذلك كثيراً، وبممارستك للرياضة والتفكير الإيجابي، سوف تشعرين بالراحة والهدوء، وهنالك أيضاً تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، أود منك أن تكوني حريصة عليها جدّاً، وهذه التمارين تتمثل في:

(1) أن تجلسي في مكان هادئ في الغرفة مثلاً وأن تضطجعي على السرير أو الاستلقاء على كرسي مريح.

(2) تصور حدث سعيد حدث لك، ثم غمض العينين وفتح الفم قليلاً.

(3) أخذ نفس عميق وبطيء عن طريق الأنف.

(4) اجعلي الصدر يمتلأ بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً، وأمسكي الهواء قليلاً في الصدر.

(5) أخرجي الهواء بكل قوة وشدة -هذا هو الزفير- عن طريق الفم.

يجب أن يكرر هذا التمرين خمس مرات متوالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة أسبوعين، ثم بمعدل مرة واحدة في المساء لمدة أسبوعين، ثم عند اللزوم.

وهنالك تمارين استرخائية أخرى كثيرة جدّاً يمكن أن تسترشدي بإحدى الأخصائيات النفسيات لتقوم بتدريبك وتمرينك عليها، أو يمكنك الحصول على أحد الوسائط التي توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، علماً بأنه توجد الكثير من الكتيبات والأشرطة في كثير من المكتبات الكبيرة.

بقي أن أقول لك: إن الإنسان إذا تفاعل مع الآخرين إيجابياً من خلال التواصل الاجتماعي الفعال لن يحس -إن شاء الله- بالتوتر أو القلق أو حتى التفكير السلبي حول المستقبل، والمستقبل دائماً بيد الله تعالى.

الانضمام لجمعيات الخير والانخراط في العمل التطوعي وُجد أنه يؤدي إلى شعور بالسعادة الداخلية، وكذلك الشعور بالرضا، ويشعر الإنسان بقيمته، وهذا من وجهة نظرنا له عائد نفسي إيجابي جدّاً، فأرجو أن تجعلي لنفسك نصيباً من هذا.

بقي أن أقول لك أن الأدوية النفسية الحديثة تساعد كثيراً في علاج مثل هذه التوترات السلبية، ومن الأدوية التي ننصح باستعمالها عقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرين مليجراماً ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خففي الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى خمسة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السبرالكس يتميز بسلامته وفعاليته وأنه لا يسبب أي نوع من الإدمان أو أي نوع من الاضطرابات الهرمونية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

وفي الختام : لعلاج العصبية سلوكياً يمكنك مراجعة هذه الاستشارات (276143 - 268830 - 226699 - 268701).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً