الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية مساعدة الطفل علي التخلص من التعلق الزائد بالأم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي طفلة تبلغ من العمر سنتين ونصف، وهي متعلقه بي جداً، فمهما حاولت إلهاءها باللعب أو الرسم من غير جدوى، فهي ملتصقة بي في المطبخ وفي الحمام -أعزكم الله- وفي كل مكان، مع أن لديها أختاً أكبر منها بسنتين لكنها لا تلعب معها إلا قليلاً، إلا أن أكون أنا جالسة معهم، أرشدوني أكرمكم الله ماذا أفعل؟

أما سؤالي الثاني: فهو لنفس الطفلة، لقد أتعبتني كثيراً، فهي لا ترغب بالمشي، مع أنها -الحمد لله- صحتها جيدة، لكنها ترغب دائماً بحملها، فهي دائماً تتحجج بالتعب أو بألم ببطنها كي أحملها إن كان خارج البيت أو بداخله، فعندما نذهب للتسوق تكون مسافات طويلة، ومع هذا تريد دائماً أن تكون محمولة، وقد جرّبنا كل الطرق كي تمشي دون جدوى، وعندما نرفض تبدأ بالبكاء لدرجة القيء، أرجوكم أفيدوني كيف أجعلها تحب المشي؟

ملاحظة: في البيت أغلب الأحيان تمشي، لكن عندما تراني ترغب بالحمل، مع أن أختها -الحمد لله- تمشي ولا تطلب منا الحمل، لكنها لا تقتدي بأختها، فماذا أفعل أرشدوني؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ا.ع.ج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على ثقتك في هذا الموقع.
فلقد أوضحت في رسالتك هذه حول ابنتك - حفظها الله - أنها ملتصقة بك التصاقاً شديداً، وهذا لا شك أنه سلوك متعلم، بمعنى أن الطفلة قد اكتسبت هذا السلوك بالتدرج، ومن ثم وجدت أنه من الصعب أن تتخلى عنه.

الطفل لا شك أنه يكتسب خبراته من محيطه ومن بيئته، بمعنى آخر: لا شك أنه كان هناك نوع من التشجيع لهذه الابنة - حفظها الله - بأن تكون دائماً بالقرب منك وأنت تقومين بحملها وتقريبها إليك، وهذا لا شك كان تحفيزاً كبيراً لها، وهذا يحدث في كل البيوت، ولا شك أنه منهج تربوي يتطلب بعض التصحيح.

السلوك مكتسب أو متعلم، وأصول علم النفس تقول أن كل عمل مكتسب عن طريق التعلم يمكن أن يُفقد عن طريق عدم التعلم أو التعلم المعاكس.

أنت حاولت بعض المحاولات الجادة وهي في رأيي هي المنهج العلاجي، وأحب أقول لك:
أولاً: دعي الطفلة تبكي، وأرجو أن يكون لك التحمل على ذلك، لا تحمليها، لا تدعيها تتابعك في المطبخ وفي الحمام وفي كل مكان، هذا أمر ليس صحيحاً، سوف تبكي احتجاجاً، وحتى لو حصل التقيؤ مرة أو مرتين، هذا يجب ألا يكون مزعجاً لك، البكاء هو وسيلة من وسائل الاحتجاج لدى الأطفال، والطفل يتطبع ويتدرب تدريجياً على الوضع الجديد.. هذا هو المنهج التربوي الصحيح.

بعد ذلك يمكن أن يُساهم من حولك - زوجك أو إذا كان لك قريبات يأتينك في المنزل - يمكن أن يشاركنك في حمل الطفلة من وقت لآخر، هذا يجعل تركيز الطفلة ليس عليك دائماً، إنما سوف تتفهم أن هنالك آخرين يمكنهم أن يعتنوا بها، وحين تستجيب الطفلة بعد فترة من الوقت يجب أن تحفز، وذلك بإعطائها ألعاباً كهدايا بسيطة وحملها لفترة قصيرة وتقبيلها، وهكذا..إذن المبدأ الرئيسي هو أن يتم تجاهل سلوكها وأن ندعها تحتج، ندعها تبكي وتصرخ، وبعد فترة من الزمن سوف تفقد سلوك الالتصاق ومحاولة استدرار العطف بالتدريج.

كنت أود أن أقول لك أنني غير متأكد من درجة الذكاء لهذه البنية، لا أريد أن أخوض كثيراً في هذا الأمر لأنني لا أريد أن أضعك في موضع المزيد من الشفقة والخوف والتوتر نحو حالة ابنتك، ولكن الأمانة تقتضي أن أذكر لك أن بعض الأطفال الذين يعانون من محدودية في الذكاء - حتى وإن كانت هذه المحدودية جزئية - يكونون دائماً أكثر تعلقاً بأمهاتهم، خاصة إذا كان الطفل قد عومل معاملة خاصة، هنالك أطفال تحتم ظروفهم أن يعاملوا معاملة خاصة مثل الطفل الذي يمرض كثيراً، والطفل الذي يُولد بعد فترة من عدم الإنجاب، والولد وسط البنات، والبنت وسط الأولاد، والطفل الأول، والطفل الأخير، والطفل الذي يعاني من إعاقة أيضاً كثيراً يعامل معاملة خاصة للدرجة التي تضر به تربوياً.

أنت ذكرت أن الطفلة صحتها جيدة وحالتها جيدة، وهذا يجعلنا نكون مطمئنين على مستوى مقدراتها ومستوى الذكاء لديها، ولكن إذا كانت هنالك أي شكوك أرجو أن تعريضها على طبيب الأطفال المختص في الأعصاب وسوف يقوم بتقييمها، وعموماً أيّاً كان الوضع وأيّاً كانت مقدراتها الذكائية فمنهج التربية السلوكية الذي ذكرته لك هو المنهج الصحيح.

نحن نلاحظ في بعض الحالات أن تصرف الطفل ربما يكون لدرجة مقبولة، ولكن الأم تصل لمرحلة مرتفعة أو عالية من عدم التحمل. أنا لا أقول أن هذا ينطبق عليك، ولكن منهجنا في (إسلام ويب) أن نذكر الحقائق العلمية كاملة بقدر المستطاع، فأود أن أقول لك أن بعض الأمهات ربما يصبن بالقلق أو يعانين من درجة بسيطة إلى متوسطة من الاكتئاب، وهذا يجعلهنَّ يجدن صعوبة كبيرة جدّاً في تحمل أوضاع تربوية للأطفال كان يسهل عليهنَّ تحمل نفس الوضع فيما سبق، وهذا يدعوني بالطبع أن أقول لك:
راجعي درجة المزاج لديك وكوني إيجابية في تفكيرك، واعرفي أن هذه مراحل مؤقتة وهي أوضاع معزولة في حياة الأطفال، بعدها - إن شاء الله تعالى - تستقر الأمور تماماً.

هذا هو الذي أود أن أقوله، وأود أن أضيف شيئاً آخر أنه يوجد كتاب جيد لأخينا وزميلنا الدكتور (مأمون مبيض)، واسم الكتاب بعنوان (أولادنا من الطفولة إلى الشباب)، هذا كتاب جيد جدّاً يُوضح كل المراحل الارتقائية التطورية للأطفال، ويقوم الدكتور مأمون بسرد وتوضيح بعض الطرق والمناهج التربوية الجيدة جدّاً، فإذا استطعت الحصول على هذا الكتاب سوف يكون أمراً جيداً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك -مرة أخرى- على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً