الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المنهج السلوكي والدوائي لعلاج الوسوسة

السؤال

السلام عليكم.
أخواني: أعاني من وساوس تأتي بعض الأحيان وتزعجني.

أما الوساوس الجنسية تأتي عادة بعد أو قبل النوم مباشرة، أي عند خمول الجسم خاصة بأني غير متزوج.

وآخر يأتي عند القلق بشأن معين كانتظار شخص قريب فتأتي وساوس مقلقة بحدوث مكروه.

وأيضاً وساوس عند الإحساس بالألم بأنه مرض خطير والعياذ بالله، وأيضاً وساوس حول الدين خاصة عند سماع القرآن والمحاضرات، وكأن شخصاً يحدثني ويناقشني بذلك.

الحمد لله أنني لا أستسلم لمثل هذه الأشياء، وأعرف بأنها وساوس شيطانية، ولكن أصبح الأمر يخرج عن المألوف يوماً بعد يوم، وأصبح مزعجا حتى أشعر بالضيق والحزن، حيث أنه أدى إلى كثرة قلقي وتقلب مزاجي بشكل ملفت للغير، يعني يوم مبسوط ويوم حزين بدون سبب.

أمر آخر: عند الاسترخاء سواء قبل النوم أو حين تمدد الجسم تبدأ مثل الرعشات أو تقلص في العضلة في الأطراف عندي، وبعض الأحيان أشاهد تحرك أصابع الأرجل لا إراديا، وبعض الأحيان تحدث في كل الأطراف، وأحس بعدها بأن جسمي مرتاح.

أرجو أن تساعدوني بعلاج سلوكي لحل هذه المشكلة، وهل حالتي تستدعي أخذ عقاقير نفسية مهدئة؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهمي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على ثقتك فيما يقدمه إسلام ويب.

فقد أحسنت وصف حالتك، فهي بالفعل وساوس، ـ والحمد لله ـ أنها ليست وساوس أفعال، إنما هي وساوس أفكار، ووساوس الأفكار والاجترارات أكثر سهولة في العلاج من وساوس الأفعال والاندفاعات.

الوساوس لا شك أنها سخيفة وتكون متسلطة على الإنسان، وهي جزء من قلق نفسي عام، وفي كثير من الحالات تكون مصحوبة باكتئاب نفسي ثانوي مما يجعل الإنسان قلقاً ومتكدراً وحزيناً في بعض الوقت، وهذا يحدث لك من وقت لآخر.

أقول لك الوساوس هي ابتلاء بسيط وهي - إن شاء الله تعالى – قابلة للعلاج.

المنهج السلوكي المهم والضروري جدّاً:

(1) أن تفهم أن الوساوس - إن شاء الله تعالى – ليست إشارة أو دليلاً على ضعف شخصيتك أو قلة إيمانك.

(2) الوساوس هي نوع من القلق النفسي.

(3) الوساوس يمكن أن تختفي ويمكن أن تنتهي إذا قاومها الإنسان.

(4) العلاج السلوكي يتمثل في فهم الحالة كما شرحنا لك ذلك مسبقاً، وبعد ذلك تلجأ إلى التمارين السلوكية وهي عديدة جدّاً من أهمها:

• تحقير فكرة الوسواس وتجاهل الوسواس.

• إدخال فكرة مضادة للوساوس حين تنتابك هذه الوساوس.

• أن تربط بين الوسواس وبين استشعار أو انفعال آخر.

• ومن أكثر الحيل التي تطبق وهي حين تأتيك الفكرة الوسواسية أو يمكنك استجلابك وإدخالها على نفسك، أن تقوم في نفس اللحظة بفعل مضاد مثل أن تضرب يدك على جسم صلب بقوة وشدة حتى تحس بألم شديد، وازدواج الألم وربطه بالفكرة الوسواسية يؤدي إلى نوع من النفور والتباعد ما بين الشخص ووساوسه، وهذا يؤدي تلقائياً للضعف التدريجي للوساوس.

لا شك أن العلاج يجب ألا يكون ميكانيكياً، بمعنى أنه يجب أن يكون انفعالياً وأن تقتنع بفعالية هذا العلاج، وأن تكرره عدة مرات.. عشر جلسات متتالية مطلوبة في كل مرة وبصورة يومية.

• من الحيل أيضاً أن تجعل هذه الوساوس كأنها موضوعة في ورقةٍ وتقوم أنت بوضع هذه الورقة تحت قدمك، إهانة لها، وتدوس عليها.. هذا أيضاً يتطلب الخيال الخصب والشعور الجاد والتركيز.. وهنالك تمارين أخرى كثيرة كلها تقوم على هذا النمط.

(5) يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، أقول لك نعم العلاج الدوائي مهم وضروري؛ لأنه يُعتقد أن الناقلات العصبية الموجودة في الدماغ يلعب اضطرابها دوراً مهماً في تسبيب أو استمرارية الوساوس القهرية وجعلها لا تستجيب في بعض الأحيان للعلاج السلوكي، لذا العلاج الدوائي يمهد الطريق لتطبيق وفعالية العلاج السلوكي.. توجد بفضل الله تعالى أدوية كثيرة وممتازة وفعالة وسليمة جدّاً.. من أفضل هذه الأدوية والتي ننصح بها في مثل حالتك عقار يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة (عشرين مليجراماً) يومياً بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى كبسولتين (أربعين مليجراماً) يومياً لمدة ستة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية وهي جرعة وسطية وليست كبيرة، حيث إن الجرعة العلاجية القصوى قد تصل إلى أربع كبسولات (ثمانين مليجراماً) في اليوم، ولكنك لست في حاجة لهذه الجرعة.

استمر كما ذكرت لك على هذه الجرعة (كبسولتين) لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة عام، ثم توقف عن تناول الدواء.

قسمنا لك المراحل العلاج إلى مرحلة البداية، ثم مرحلة العلاج الفعلي، ثم بعد ذلك مرحلة الوقاية..

الدواء كما ذكرت لك سليم وغير إدماني ولا يؤثر مطلقاً على الأعضاء الرئيسية لدى الرجل.

من آثاره الجانبية البسيطة أنه ربما يؤدي إلى تأخر القذف المنوي عند بعض الرجال، ولكنه حتماً وقطعاً لا يؤثر على خصوبة الرجل أو ذكورته..

أشكرك مرة أخرى على ثقتك في إسلام ويب، وأقول لك طبق التمارين السابقة وتناول العلاج.

وأسأل الله تعالى أن يزيل عنك هذا الابتلاء البسيط وعليك الاستعاذة بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم - من نفثه ونفخه وهمزه – دائماً، وأسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً