الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الآليات والأساليب الناجحة لمساعدة المرء على الاختلاط بالناس

السؤال

أنا فتاة أعاني من صعوبة الاختلاط بالناس، وإذا كنت بينهم أظل ساكتة لا أعرف ماذا أقول، وإذا سألوني أو تكلمت يكون صوتي منخفضاً لا أعرف لماذا، أتمنى أن لا يكون مرضاً نفسياً ويكون حله بسيطاً، فكيف أقوي ثقتي بنفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ متفائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن صعوبة الاختلاط مع الناس قد تتأتى من الخجل العام، وهذا الخجل ربما يكون أيضاً مستمداً من البيئة المنزلية.

ثانياً: ربما يكون ناتجاً من بعض المخاوف الاجتماعية، فهنالك حالة نسميها بالقلق أو الخوف الاجتماعي، يجد الشخص فيه صعوبة في التفاعل والاختلاط والتواصل مع الآخرين، وربما تشمل صعوباته هذه حتى المواقف الاجتماعية العامة والبسيطة.

الذي أقوله لك هو أولاً: أن تعرفي أنك لست بأقل من الآخرين في أي شيء -هذا أمر مهم وضروري جدّاً- بمعنى آخر: أنا أود منك أن تعيدي تقييم ذاتك، ويجب أن تصلي إلى خلاصة أنك تتمتعين بمقدرات ومعارف إذا لم تكن مثل الآخرين ليست بأقل منهم بأي حال من الأحوال.

ثانياً: تذكري أن الإنسان في الأصل هو كيان اجتماعي، والكيان الاجتماعي يبحث دائماً عن التواصل مع الآخرين، فإذن الإنسان بطبعه الفطري والجبلي هو متواصل، هذا المفهوم إذا حاولت استيعابه وتفهمه بصورة جيدة سوف يساعدك -إن شاء الله- في التخطي الكثير من هذه العقبات.

ثالثاً: أود منك أن تضعي لنفسك برامج يومية تكثرين فيها من التواصل والاختلاط بالناس، أولاً ابدئي بأهل بيتك، كوني لك حضور، اجلسي مع والدتك، مع والدك، مع إخوانك، مع أخواتك، ومتى ما وجدت فرصة حاولي أن تفتحي مواضيع معينة للنقاش، أن تسألي بعض الأسئلة، أن تحكي بعض الأحداث التي حدثت، أن تثيري موضوع ما يتعلق بالدين، وهكذا.

هذا النوع من التدريب النفسي السلوكي مهم وهو بسيط، وحتى تكونين لبقة ومقتدرة في التعبير يجب أن تكثري من اطلاعاتك، اقرئي، اطلعي، اجلسي وشاهدي بعض البرامج المفيدة في التليفزيون، استمعي وشاهدي البرامج المفيدة وذات القيمة التعليمية والمعرفية. فإن الإنسان إذا كان له رصيد معرفي جيد يستطيع أن يتواصل مع الآخرين دون خوف ودون وجل.. هذا أيضاً مطلوب.

رابعاً: هناك آليات بسيطة مهمة حين نتواصل مع الآخرين: يجب أن تنظري إلى الناس في وجوههم، ويجب دائماً أن تبتسمي حين تقابلي صديقاتك ومحارمك؛ لأن في ذلك أيضاً نوعا من التواصل الجيد والذي يقلل من صعوبة الاختلاط.

خامساً: أنصحك أيضاً باللجوء إلى آليات غير مباشرة، حاولي أن تدرسي دراسة جماعية مع صديقاتك، وكوني متحفزة للنقاش وتحضير المواضيع الدراسية، هذا يساعد كثيراً.. اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، هذه -إن شاء الله- أيضَاً فيها خير كثير وفيها تواصل كلامي وتواصل وجداني ومعرفي، وهذا يساعدك كثيراً.

وأريدك أيضاً أن تعرفي أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك، فإن بعض الناس يصاب بالخجل والحرج لأنه يعتقد أن بقية الناس يقومون بمراقبته أو التركيز على أدائه، وهذا ليس بالصحيح مطلقاً، وهناك أيضاً وسيلة علاجية طيبة وممتازة نسميها بـ (السيكودراما Psychodrama) أو بـ(تمثيل الأدوار) أو (الدراما النفسية)، فإذا كانت لك أخت أو صديقة مثلاً يمكنك أن تمثلي معها مشهدا معينا، فعلى سبيل المثال: تمثلين مشهد المعلمة داخل الفصل وتكون صديقتك –أو أختك– هي الطالبة، تمثل كل الطالبات، وهكذا قومي على سبيل المثال بدور الطبيبة حين تقوم بفحص ومناظرة المريضة.

لعب الأدوار مفيد جدّاً، وإذا طُبق بالصورة الصحيحة يزيل كل عقبات الاختلاط وكل عقبات التواصل مع الآخرين -إن شاء الله-، وهناك آليات أخرى كثيرة ولكنها كلها تقوم على هذا النمط.

الثقة بالنفس تعبير هلامي وهو أمر نسبي، وأفضل طريقة لعلاج الثقة بالنفس وتقويتها هي أن تعرفي أنك لست بأقل من الآخرين، وأن تحكمي على نفسك بأفعالك وليس بمشاعرك. كل ما تقومين به من عمل في أثناء اليوم هو يدل أنك مقتدرة، والاقتدار يعني الثقة بالنفس. لا تتركي المشاعر السالبة تسيطر عليك أبداً، وأنصحك أيضاً بأن تديري وقتك؛ لأن إدارة الوقت بصورة جيدة والاستفادة منه تجعلنا دائماً نثق في أنفسنا؛ لأن الإنسان حين يحس أنه أنتج وأنه أوفى ما يريد القيام به يحس بالارتياح وبالرضى، وهذا مهم جدّاً، فإذن أديري وقتك بصورة طيبة وبصورة جيدة.

عليك أيضاً أن تكون لك رؤى إيجابية نحو المستقبل، فأنت الحمد لله في بدايات سن الرشد، ولا شك أن الدراسة بالنسبة لك أمر هام، فعليك أن تجتهدي في دراستك حتى تكوني من المتفوقات ومن المتميزات، وضعي آمالا حول الدراسة الجامعية والتخصص والزواج -وهكذا- هذه أمور طيبة ومحسنة من الدافعية والمهارات والمقدرات الاجتماعية.

وأؤكد لك أنك لست بمريضة نفسيا، فإن هذا ليس بمرض نفسي، هذا مجرد ظواهر نفسية اجتماعية وليست أكثر من ذلك، وهي لا تشخص تحت المرض النفسي، ولا أعتقد أنك تعانين مما نسميه بالقلق أو الرهاب الاجتماعي، وهو الذي هو حالة نفسية بسيطة إن وجد سوف يعالج، ولا أعتقد أنك تعانين منها، نسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر abdou

    حفضك الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً