الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسيلة دعوة غير المسلمين إلى الإسلام

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن المعروف في السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو كفار مكة بالقرآن الكريم، ومناقشة أفكارهم، والرد عليها من القرآن الكريم، مثل قصة الوليد، ولكن وجد في هذا الزمان من يقول: إن دعوة غير المسلمين أو غير العرب إلى الإسلام تكون عبر كتب العلماء التي تشرح وتبين الإسلام، ومن غير الصحيح دعوتهم بالقرآن؛ وذلك لوجود الشبه التي عندهم، وعدم معرفتهم باللغة العربية، فأفيدونا عن حكم هذا الكلام، مع أننا تعلمنا أن القرآن كتاب هداية للمسلمين وغير المسلمين، وكثير من قصص الهداية كان مبدؤها من القرآن، سواء كان المدعو عربياً أو غير عربي.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أبو سارية حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن القرآن هو كتاب الهداية، وهو أعظم ما أوتيه رسولنا صلى الله عليه وسلم، وهو المعجزة الكبرى، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وكان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة).

وإذا تأمل الإنسان منهج القرآن في الدعوة يلاحظ أنه عرض الدعوة بحسب حالة المدعو، واستخدم الأساليب والحجج بما يناسب المقام، والخطاب مع المنكر المعاند يختلف عن الخطاب الموجه إلى المستمع المطيع، كما أن دعوة أهل الكتاب تختلف عن دعوة غيرهم من المشركين.

وتوجيه الدعوة للآباء يحتاج إلى لطف، كما حصل من الخليل مع ابنه حيث استخدام اللطف، كما أن الدعوة عندما توجه للمنافقين لها أسلوبها المختلف، حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ))[التحريم:9]، وقال أيضاً: (( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ))[النساء:63].

وأرجو أن تتذكر أن كفار قريش كانوا يعرفون الرب الخالق الرازق ويفهمون العربية، فناسب أن يدعوهم إلى توحيد الألوهية، وذلك بالاستفادة من اعترافهم بتوحيد الربوبية، فدلهم على استحقاق الرب الخالق الرزاق المحيي المميت لأن يعبد وحده ويسجد له ويستعان به ويتوكل عليه وحده، ثم توحيده في أسمائه وصفاته.

ولا شك أنك توافقنا أننا لا نستطيع أن نعرض الدعوة بالنصوص وحدها دون تفسيرها وشرحها حتى للعربي؛ وذلك لتدني مستوى المعرفة والفهم للغة، كما أن الملحد الذي لا يؤمن بالله أصلاً يحتاج إلى أدلة عقلية بحتة، والقرآن اشتمل على هذا النوع أيضاً، مثل قوله تعالى: (( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ))[الأنبياء:22]، وكقوله تعالى: (( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ))[الطور:35].

وقد ندعوا من في الصحراء بلفت نظره إلى عظيم خلق الله للإبل والجبال، وقد ندعو عالم البحار بما يناسبه، وقد ندعو الطبيب بجوانب الإعجاز الطبي، حتى إن الهدهد قال: ((أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ))[النمل:25]، وإذا كان المدعو لا يفهم القرآن فإننا نضطر إلى دعوته بشرح معاني الآيات والأحاديث بلغته، والأمر في هذا واسع جداً، ونشكر لك الاهتمام، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين وأن يجعلنا سبباً لمن اهتدى.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً