الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخجل والرهاب الاجتماعي

السؤال

أنا فتاة خجولة جداً، وأشعر برهاب شديد ولكن بدرجات تتفاوت وبدون سبب، أي أحد يكلمني سواء من العائلة أو الناس الخارجين أشعر بنبضات قلبي تزيد، وصوتي يتغير، لكن ليس دائماً في الغالب، وأشعر بعدم وجود سبب لخوفي، لكن لا أستطيع أن أسيطر عليه، بحثت في النت عن علاج لكن أخاف من الأدوية خاصة النفسية التي تؤثر على المخ، فأود أن تجدوا لي حلا.

للعلم أنا آخذ دواء إندرال عند اللزوم، ويفيدني كثيراً جداً، ويزيل عني الرهاب تماماً، لكن يعود الرهاب بعد ثمان ساعات تقريباً، لكن أشعر بالراحة مع هذا الدواء، ولا يسبب لي أي أعراض ولله الحمد، فهل من الممكن الاستمرار عليه لمدة معينة كل يوم ويزول الرهاب تماماً أم هذا الدواء يؤخذ للضرورة فقط؟ وهل يوجد دواء لذهاب الخجل عند اللزوم؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذا النوع من الخجل الذي تعانين منه نسميه بالرهاب الاجتماعي، وهو لا يمثل أبداً أي نقص في الشخصية أو أي نوع من الجبن الحقيقي، ولكنه نوع من الخوف المكتسب، وقبل أن نشرع في العلاج عن طريق الأدوية نقول لك: إن هنالك نوعاً أو آلية من العلاج تسمى بالعلاج السلوكي تعتبر مهمة جدّاً، وهذا العلاج السلوكي يمكن تطبيقه تحت توجيه وإرشاد الأخصائي النفسي، ويمكن أيضاً تطبيقه وحدك، ولكنه يتطلب قوة في الإرادة وعزيمة نحو التغير.

المبدأ العام للعلاج السلوكي يقول: إن الإنسان عليه أن يتجاهل هذه المخاوف، وألا يعطيها أهمية مطلقاً، وأن يعرف أنها نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، وبتطبيق التجاهل يستطيع الإنسان أن يواجه المواقف التي يحس فيها بالخوف، والمواجهة في أولها سوف تؤدي إلى المزيد من القلق، ولكن بعد ذلك سوف ينخفض مستوى القلق حتى يتلاشى تماماً.

الأعراض مثل تسارع ضربات القلب والتغير في الصوت هي أعراض فسيولوجية، بمعنى أنها تنتج من القلق وهي أعراض جسدية، ولكن من المهم أن تعرفي أن هذه الأعراض تظهر لك بصورة أشد وأكثر مما هي عليه في الواقع، أي أنه توجد مبالغة شديدة في الطريقة التي تشعرين بها في هذه الأعراض.

العلاج السلوكي المعرفي أيضاً يقوم على مبدأ أن تتساءلي مع نفسك (ما الذي يجعلني أقلق؟ ما الذي يجعلني أخاف؟ لماذا لا أكون مثل بقية الناس؟ هذا الخوف غير مبرر، يجب ألا يشغلني، يجب أن أتواصل مع أهلي، يجب أن أتفاعل مع الناس ولن يحدث لي أي مكروه - بإذن الله تعالى - ).

هنالك آليات طبية جدّاً للعلاج السلوكي وهي: حضور التجمعات والدروس والمحاضرات، ويا حبذا لو انضممت إلى أحد دور تحفيظ القرآن، فهذه الدور أماكن طيبة ويلتقي فيها الإنسان بالآخرين من أخوات وأمهات صالحات، ولا شك أن مثل هذا التجمع ثبت أنه يزيل هذه المخاوف.

عليك أيضاً بالإصرار على التواصل الاجتماعي وزيارة أرحامك؛ لأن تبادل هذه الزيارات يعتبر أيضاً - إن شاء الله تعالى – علاجاً كبيرا.

هنالك تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، هي أيضاً تمارين مهمة وضرورية ومفيدة جدّاً لعلاج القلق بصفة عامة خاصة القلق الذي ينتج من المواجهات الاجتماعية، ويمكنك أن تتدربي على هذه التمارين إما مع أخصائية نفسية أو عن طريق الحصول على أحد الأشرطة والكتيبات التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين، وهذه الوسائط التعليمية موجودة في المكتبات، ويمكنك أيضاً تصفح الإنترنت، وإن شاء الله سوف تجدين إرشادا كبيراً حول كيفية القيام بهذه التمارين الاسترخائية السلوكية.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فتوجد أدوية نعتبرها أدوية تستعمل عند اللزوم أو في الحالات الطارئة، ومنها عقار يعرف تجارياً باسم (إندرال Iinderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol)، وهنالك عقار آخر يعرف تجارياً باسم (زانكس Xanax)، ويعرف علمياً باسم (البرازولام Alprazolam)، يعتبر أيضاً من الأدوية التي نستعملها في الحالات الطارئة، قبل المواجهة الاجتماعية بساعتين أو ثلاث، ولكن العلاج الأفضل هو مجموعة أخرى من الأدوية نسميها بـ (مثبطات إرجاع السيروتونين الانتقائيةselect.ive serotonin reuptake inhibitors)، وهذه الأدوية تؤثر على مادة تعرف باسم (سيروتونين Serotonin) في المخ، ويعتقد أن اضطراب إفراز هذه المادة في المخ هو الذي يؤدي إلى هذا القلق والمخاوف، لذا إصلاحها عن طريق تناول هذه الأدوية يزيل هذا الخوف وهذا الرهاب.

هذه الأدوية سليمة جدّاً وهي غير إدمانية ولا تؤدي إلى أي نوع من الأضرار، فنصيحتي لك أن تتناولي أحد هذه الأدوية، والعقار الذي أرشحه لتقومين باستعماله يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو يسمى باسم (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة (خمسين مليجراماً) ليلاً مدة شهر، ثم بعد ذلك ترفعين الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.

هذه هي نصيحتي لك فيما يخص الاستعمال الدوائي، ولا مانع من استعمال الإندرال عند اللزوم، وأعتقد أن استعمالك للزولفت بصورة مستمرة يؤدي إلى الشفاء - إن شاء الله تعالى – ولن يجعلك تحتاجين لاستعمال الاندرال أو الزناكس.

ويمكنك مراجعة هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ) والعلاج السلوكي للخجل (267019 - 1193 - 226256 - 259955).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً