الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من السحر الذي تقوم بعمله إحدى قريباتي؟

السؤال

السلام عليكم..

أعاني وأنا في 23 من السحر، والذي تقوم به زوجة أخي وبنات عمي، وقد قرأ عليّ عدة شيوخ القرآن والحمد لله أشفى منه، إلا أنه سرعان ما يتجدد هذا السحر من قبلهم.

أنا مؤمنة جداً بالله، وما النصر إلا من عنده، وأواظب على الصلاة وقراءة القرآن -والحمد لله- مؤمنة جداً بقدري ونصيبي، أنا موظفة وأعيل أمي وأختي، وأعاني من الحسد من زوجة أخي وبنات عمي؛ لأنني أكملت دراستي الجامعية وأنا على رأس عملي، لم أتزوج لحد الآن؛ لأن الله لم يكتب لي وليس من جراء السحر.

المشكلة تكمن أن زوجة أخي في نفس العمارة ودائماً متصلة بالسحرة، وعندي أدلة على ذلك وقد واجهتها ولكنها أنكرت وطلبت منها أن تقسم فأقسمت، وما هي إلا ثوان وقد وقعت بنتها وانكسرت يدها وظهرت مشاكل كبيرة في بيتها بين أولادها وبناتها، بالإضافة إلى مواد ترش بها الدرج وباب بيتنا، وقد رأيتها ولكنني أحتسبت ذلك عند رب العالمين، ولم أبال بذلك؛ لأن الله مع الصابرين.

أخي منذ سنة لم يدخل علينا ولا يتكلم معنا حتى في رمضان وفي الأعياد.

تمكر وتعمل والله خير الماكرين، وكلي يقين بأن الله معنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد الكائدين وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين ومكر الماكرين وسحر الساحرين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة- فاحمدي الله تعالى أنك مؤمنة بالله وأنك صابرة محتسبة وأنك تعلمين أن النصر من عنده جل جلاله وحده، واحمدي الله تعالى أن وفقك للمحافظة على الصلاة وقراءة القرآن، فهذه كلها عوامل قوة وعوامل دفاع عظيمة، فصدقيني لولا هذه الكرامات التي أكرمك الله بها لكانت الأمور أسوأ من هذا بمراحل، فأنت ولله تبارك وتعالى الحمد والمنة، تولى الدفاع عنك أولاً بأول؛ لأنك تقومين بعمل الصالحين وعمل الأولياء، فإن الصلاة من عمل الأولياء وقراءة القرآن من عمل الأولياء، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياك وسائر المسلمين من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.

وكما لا يخفى عليك -أختي الكريمة سمر- أن كل ذي نعمة محسود، فأنت قد منَّ الله عليك بالتفوق في الدراسة والانتهاء منها وأيضاً الوظيفة في عمل جيد، ولعل من حولك لم يحدث له مثل هذا التميز، ولذلك حرك هذا في قلوبهم الحقد والحسد؛ لأن الناس أحياناً قد لا يكون بينك وبينهم أي خلاف، إلا أن بعض الناس يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله كما أخبر الله تبارك وتعالى: (( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ))[النساء:54]^، لا لأنهم يعرفونهم ولكن لأنهم لا يريدون الخير لأحد سواهم، فهم يريدون أن يقصر الله فضله وخيره عليهم فقط، وإذا ما سمعوا أن هناك إنساناً قد أكرمه الله بنعمة فكأنها أخذت من أرزاقهم وأعطيت لهذا الشخص، ولذلك تتحرك نفوسهم المريضة بهذا الحقد وهذا الحسد، ويحرصون على استعمال أي وسيلة لإلحاق الضرر به، ولذلك السحر والسحرة من عمل الكافرين، والله تبارك وتعالى بيَّن لنا في القرآن أن الساحر كافر، وبيَّن لنا أن السحر حرام، ولكن مع الأسف الشديد أن هناك كثيراً ممن ينتسبون للإسلام يقعون فيه ويستعينون به ويعملونه لإلحاق الضرر بإخوانهم من أهل لا إله إلا الله، بل وبأرحامهم وذويهم وأقرب الناس إليهم.

ولكن اعلمي بارك الله فيك أن الله تعالى قال: ((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا))[الحج:38]، وقال أيضاً: ((وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ))[الروم:47]، وقال أيضاً: ((كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ))[يونس:103].

فأنا أتمنى مواصلة الرقية الشرعية -بارك الله فيك- على يد المشايخ الثقاة وإن استطعت أن تقومي برقية نفسك فذلك يكون أفضل وأحسن، حيث إن آيات الرقية وأحاديثها محصورة ومعروفة، من الممكن أن يحفظها الإنسان وأن تقومي برقية نفسك يومياً، خاصة قراءة سورة البقرة كل يوم إن استطعت إلى ذلك سبيلاً، ومع ذلك أيضاً المحافظة على أذكار الصباح والمساء، ومنها قول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحاً ومائة مرة مساءً، كذلك أيضاً: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحاً وثلاث مرات مساءً، كذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحاً وثلاث مرات مساءً.

واطلبي من المعالجين إذا كنت ستذهبين إلى بعض المشايخ أن يقوم بعمل تحصين لك؛ لأن هناك تحصينا بعد القراءة، والتحصين بعد القراءة هذا يمنع تكرر أثر السحر على الإنسان، فقولي لهم أنا أريد تحصينا بعد القراءة كبرنامج تسيرين عليه حتى يعافيك الله تعالى في المستقبل من أي ضرر يلحق بك من هؤلاء السحرة وهؤلاء الكهنة.

أنت ذكرت أنك متأكدة بأن هذه زوجة أخيك وبنات عمك هم الذين يقومون بذلك، وأنا أخشى أن تكوني مخطئة ومسيئة للظن بهم؛ لأن الحكم على أشخاص بأنهم يفعلون هذا حكم خطير، فأنت تعلمين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد)، فأنا لا أريدك أن تركزي على الأشخاص بقدر ما تركزين على الحدث، وأن تكثري من الدعاء لهم أن يهديهم الله تبارك وتعالى وأن يُبصرهم بالحق وأن يعينهم على طاعته ورضاه، وأن يوفقهم لإيقاف مثل هذه الأعمال التي تلحق الضرر بك وبغيرك، لأنهم قطعاً من الخاسرين بذلك في الدنيا والآخرة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والشفاء التام والزوج العاجل، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً