الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرض النفسوجسدية وكيفية معالجته

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من تعب شديد وآلام لا يمكن وصفها، خصوصاً بالبطن، وقد أجريت تحاليل دم، وعملت منظاراً للمعدة والقولون، فكان كله سليم، فلجأت لدكتور نفسي لعل أن تكون هذه الآلام نفسية، رغم أنني لا أعاني من اكتئاب أو ضيق أو أي مرض نفسي، فأعطاني أدوية، واستمريت عليها فترة كبيرة دون أي تحسن، فذهبت لدكتور آخر فأعطاني أيضاً أدوية دون تحسن، فذهبت لآخر فأعطاني أدوية دون تحسن أيضاً.

وكل إحساسي أن ما بي هو مرض غير معروف تشخيصه، وليس مرضاً نفسياً، حيث إنني مع كل هذا التعب والألم لا أعاني من اكتئاب أو ضيق، ولكن التفكير أتعبني، وأتمنى أن أعرف ما لدي بالضبط، خاصة أن الدكتور عندما لا يجد شيئاً يقول: هذا مرض نفسي، ولست مريضاً نفسياً، فأرجو أن أجد الحل عندكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هناك أعراضاً جسدية قد تكون شديدة ومزمنة ومؤلمة للإنسان دون أن يتضح وجود أي مرض عضوي، وأكثر أجهزة الجسد التي تحدث فيها هذه الأعراض هي الجهاز الهضمي، وذلك بسبب تعدد الأعضاء في هذا الجهاز، وطول الأمعاء، والقناة الهضمية بصفة خاصة، فقد وجد أن أمراضاً كالقلق النفسي أو الاكتئاب النفسي ربما تظهر في شكل أعراض جسدية بحتة دون أن يكون هناك كدر أو سوداوية أو عسر في المزاج.

والبعض قد يشتكي من الإجهاد الجسدي العام، وفقدان المزاج بصورة مبسطة، وهذه الأعراض الجسدية الشديدة مع وجود التعب وصل العلماء إلى أنها ذات منشأ نفسي، وقد تمت تسميتها بـ(أمراض النفسوجسدية)، وهذا يعني أن الأعراض جسدية، ولكن المنشأ نفسي، وأكثر أعضاء الجسم التي يكون القلق الداخلي سبباً في اضطرابها هو القولون، لذا نسمع كلمة القولون العصبي شائعة جدّاً بين الناس، ويُقصد بها أن القلق والتوتر النفسي الداخلي يؤدي إلى تقلصات وانقباضات في عضلات القولون ينتج منها أعراض كثيرة، منها الألم والشعور بالانتفاخ وسوء الهضم والغثيان وعدم الارتياح العام والإمساك والإسهال وهكذا.

ومع ذلك فأرجو أن لا تنزعج لما ذكره لك الأطباء، وحين يقولون: إن حالتك نفسية، هذا لا يعني أنك مصاب بمرض نفسي، فهذه نعتبرها نوعاً من الظواهر النفسية، وليس أكثر من ذلك، والعلاج الدوائي أُعطي لك من عدة أطباء، ولكني أعتقد أن الدواء يساعد، وليس هو الحل الوحيد، وهناك حلول كثيرة يجب أن تلتزم بها ويجب أن تطبقها:

أولاً: أريدك أن تتجاهل هذه الأعراض بقدر المستطاع، وأعرف أن ذلك ليس سهلاً، ولكن يجب أن تخاطب نفسك وتقتنع أنك لا تعاني من مرض عضوي، وحتى لا تعاني أيضاً من مرض نفسي، إنما هي ظاهرة بسيطة نوع من القلق النفسي الداخلي تحول إلى أعراض جسدية، وهذا موجود كما ذكرت لك.

ثانياً: حاول أن لا تتردد كثيراً على الأطباء، ولا أقول لك: احرم نفسك من نعمة الطب والفحص وهكذا، ولكن الإكثار من التردد على الأطباء يزيد من التوهمات المرضية، ويفضل إذا كان للإنسان طبيب واحد يثق فيه كطبيب الأسرة أو طبيب الباطنية، وذهب إليه مرة واحدة كل ستة أشهر لإجراء فحوصات عامة، هذا يطمئن كثيراً وهو المنهج السليم الذي يُبعد من التوهم المرضي، فحاول أن تطبق ذلك بقدر المستطاع.

ثالثاً: كثير من البحوث تشير أن ممارسة الرياضة بصورة منتظمة تفيد في مثل حالتك فائدة عظيمة، فالرياضة تؤدي إلى امتصاص الطاقات النفسية السلبية، وتبني طاقات واندفاعات نفسية إيجابية كثيرة، كما أنها تؤدي إلى استرخاء الجهاز الهضمي، وهذا يؤدي إلى القضاء على الألم والتقلصات، والرياضة أيضاً هي أفضل علاج لزوال الإنهاك والتعب الجسدي، فاجعل لنفسك برامج يومية، وأنت في ريعان شبابك ما شاء الله، فيمكنك أن تمارس رياضة الجري أو المشي أو لعب كرة القدم، هذا يجب أن تعطيه جانباً مهماً في حياتك.

رابعاً: يجب أن تلتفت إلى عملك وتطور نفسك في هذا السياق، وتدير وقتك بصورة إيجابية، هذا يبعدك عن الفراغ الذي يجعلك تفكر في صحتك وفي فزياء جسدك، مما يسبب لك انشغالاً، ويجعلك تستشعر الآلام التي تعاني منها بصورة شديدة ومبالغ فيها.

خامساً: التواصل النفسي، والترويح عن النفس بما هو مشروع من المتطلبات الضرورية جدّاً؛ لتحسين الصحة النفسية والجسدية، فأرجو أن تكون حريصاً على ذلك.

وأما بالنسبة للعلاج الدوائي، فأنصحك بتناول أدوية بسيطة، منها عقار يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil)، ويعرف علمياً باسم (سلبرايد Sulipride)، أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراماً صباحاً وخمسين مليجراماً مساءً.

وبجانب الدوجماتيل هناك عقار يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى في مصر باسم (مودابكس Moodapex)، فأرجو أن تتناوله بجرعة عشرين مليجراماً (كبسولة واحدة) يومياً، وتستمر على الدوائين لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك تخفض جرعة الدوجماتيل إلى حبة واحدة في الصباح، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

ويجب أن تستمر على المودابكس/فلوكستين لمدة ستة أشهر، بمعنى أن تكمل العلاج لمدة عام كامل، فهذه الأدوية أدوية ممتازة وفعالة، وإن شاء الله سوف تساعدك إذا طبقت الإرشادات التي ذكرتها لك، وهناك دواء يعرف باسم (دوسباتالين Duspatalin)، هذا الدواء أصلاً مستخلص من النعان، وهو يفيد كثيراً جدّاً لآلام الجهاز الهضمي، كما أنه سليم، فأرجو أن تتحصل عليه أيضاً، وتتناوله بجرعة مائتي مليجرام صباحاً ومساءً لمدة أسبوع، ثم مائتي مليجرام يومياً لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عنه، ولا مانع أن تتناوله عند اللزوم.

وعليك بالدعاء والحرص على صلواتك وتلاوة القرآن والأذكار، فهي إن شاء الله معينات عظيمة على شفاء القلوب والنفوس والأجساد، وختاماً نشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المملكة المتحدة عباس موس عباس

    اعاني من نفس المرض ولقد استفدت من اجابتكم علي السائل الذي رديتم علي سؤله لكم الشكر من بعد الله


بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً