الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العودة إلى الله عز وجل .. خطوات هامة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أدرس بالمرحلة الثانية من الجامعة، كنت ملتزمة حتى الثانوي، وكنت أراقب الله في تصرفاتي، ومنذ دخولي الكلية بعدت كل البعد عن الله وصرت أتحدث مع الشباب بلا حياء، ولكنه ليس كلاماً خارج الأخلاق ولله الحمد، ولكنه ليس كلاماً ضرورياً.

كانت تصرفاتي سابقاً لها حدود، وكانت هناك حواجز تمنع قلبي وعقلي عن قبول أو فعل الخطأ، وأما الآن فلا أشعر بتأنيب الضمير، وعقلي لا يزن الأمور رغم أني كنت ألتزم بعدم فعل الخطأ وكنت أحاسب نفسي قبل الفعل، ودائماً أشعر بتساهل إذا ظهر جزء من يدي أو جزء من شعري، وأشعر أني ضائعة وتائهة وأريد العودة لما كنت عليه وأفضل، فساعدوني.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ? حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، كما نسأله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يملأ قلبك خشية منه وإيماناً به وحسن ظن به وأدباً معه وحياءً منه جل جلاله، وأن يردك إلى حالتك التي كنت عليها وأفضل، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك، فإن عليك أن تعلمي أن الله تبارك وتعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين، واعلمي أنه يفرح بتوبة عبده إذا رجع إليه فرحاً عظيماً، فما دمت قد قررت العودة إلى ما كنت عليه فأبشري بفرج من الله قريب وأبشري برضاً من الله ورضوان وربٍ غير غضبان ما دمت صادقة في العودة، إلا أن العودة تتطلب منك أن تقومي بعدة أشياء:

الأمر الأول: أن تبحثي عن الأسباب التي أدت إلى هذه الحالة المتدنية التي وصلت إليها وبداية هذا الانحدار، لماذا حدث هذا الانحدار وما الأسباب التي أدت إليه وما الدواعي التي أحدثت هذا التغير الكبير في حياتك وفي سلوكك، فإذا عرفت الأسباب فينبغي عليك أن تبدئي في القضاء عليها واحداً واحداً، وابدئي بأقلها أهمية حتى تتخلصين من هذه الأسباب رويداً رويداً.

ثانياً: العودة إلى ما كنت تقومين به في مرحلة الثانوية، فهذا الأمر الذي كنت عليه من فضل الله تعالى ورحمته من الحياء من الله تعالى والأنس بالله تبارك وتعالى، فواجب عليك أن تنظري في الأسباب التي كنت عليها، فإذا كنت مثلاً لديك ورد من القرآن يومياً فعودي إليه وحافظي عليه، وإذا كنت تحافظين على أذكار الصباح والمساء فعودي إليها وحافظي عليها، وإذا كنت تحافظين على الصلاة في أوقاتها فعودي إلى ذلك وحافظي عليها، وإذا كان لك هناك قدر من القراءة الشرعية تقرئينها يومياً فعودي أيضاً إليه وحافظي عليه.

هذه الأعمال ضرورية لاستعادة لياقتك الإيمانية ولاستعادة القوة الربانية التي كنت تتمتعين بها، ولإيقاظ هذا الضمير الذي نام نومة طويلة نتيجة لهذه المعاصي التي تحدث منك؛ لأن العبد إذا أذنب ذنباً نُكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا أذنب ذنباً آخر نكت في قلبه نكتة سوداء، فالكلام مع الشباب بلا حياء قطعاً وإن لم يكن كلاماً خارجاً عن الأخلاق ولكنه ليس ضرورياً فهو يقسي القلب، وقد يؤدي إلى أن تتكلمي كلاماً لو وضع في الميزان ما نستطيع أن نقول أنه في ميزان حسناتك، فهذا الكلام كله لن ينفعك بشيء، وكذلك كل التصرفات التي تفعلينها كلها ضد مصلحتك وليست في صالحك، فعودي إلى البرنامج السابق الذي كنت عليه في المرحلة الثانوية.

ثالثاً: ابحثي عن صحبة صالحة في الجامعة، حيث يستحيل أن تكون الكلية ليس بها أخوات ملتزمات صالحات على قدر من الدين والحياء، بل لعلك تجدين بنات أفضل ممن كنَّ معك في مرحلة الثانوية، فهناك كثير من الأخوات يلتزمن في المرحلة الجامعية التزاما قوياً وشديدا ويُضرب بهنَّ المثل في المحافظة على طاعة الله تعالى، فابحثي عن هذا الصنف سواء معك في نفس العام أو بعده أو قبله، وحاولي ربط نفسك بأخواتك الصالحات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد).

ينبغي عليك أن لا تكلمي أحداً من الشباب وأن تكثري من الاستغفار والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، وحاولي أن تعيدي نفس البرنامج الذي كنتِ عليه في مرحلة الثانوية، وزيدي عليه في هذه المرحلة طالما أن التحديات أكثر وأشد، فهذه الجامعة مفتوحة ولذلك فإن الفتن عظيمة، فاجتهدي واعلمي أن الله تبارك وتعالى إن وجد منك صدقاً فسيقف معك وسيمدك بمدد من لدنه وسيعينك على طاعته سبحانه وتعالى ورضاه، وستخرجين من هذه المحنة في عافية في دينك ودنياك.

أكثري من الدعاء واطلبي من والديك الدعاء لك بالثبات والاستقامة؛ لأن دعاء الوالد لولده لا يرد، وضعي لنفسك برنامجا إيمانيا صارما حتى تعودي إلى ما كنت عليه، نسأل الله لك الإعانة والتوفيق.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر مها حسين

    ما شاء الله ربنا يجعله فى ميزان حسناتكم بجد انا استفدت كثيرا لعله يكون خيرا لاختى ولى ولغيرنا من الاخوات

  • الجزائر ونيس الزاوي

    العودة الى الطريق المستقيم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً