الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق من عدم انتظام نبضات القلب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية لجميع الأطباء المحترمين، وأدعو من الله أن يوفقكم في حياتكم ويمنحكم خلال الخير وذلك من أعماق القلب؛ بسبب جهودكم العظيمة في الردود التي أنا شخصياً متابع لها على شبكتكم الرائعة.
سؤالي من بعد إذنكم: أنا مهندس معماري أعمل في مكتب هندسي، ودوامي مرهق (9) ساعات في اليوم، وقيادة للسيارة (3) ساعات، أعاني من حالة غريبة منذ ما يقارب (6) أشهر، فقد داومت على التمارين بعد الدوام ليلاً في نادي رياضي لفترة وجيزة، وأوقفت ذلك مباشرة لأنني أحسست بتعب شديد خلال الأسبوع الأول.

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن أعاني من القلق الشديد على صحتي، وأحس بالخوف ربما، وأحس بعدم انتظام في نبضات القلب ربما نبضة أو نبضتين وخاصة بعد الجلوس لفترة والانتصاب والمشي، وكذلك أول النوم نبضة أو نبضتين وأشعر بالراحة الشديدة عند المشي لمدة طويلة، وأنا أمشي كل يوم بحدود (2) كم، وأركض أيضاً، ولا أعاني من أي شيء حينها.
أشعر بالتوتر عندما يقابلني المدير رغم أنني مؤدٍ لواجباتي بشكل تام، وعلاقتي ممتازة مع مديري وصاحب العمل.

أشعر أحياناً بالتوتر عند العمل على أي مشروع لحين نهايته، وأحياناً بضيق في النفس خلال العمل على الكمبيوتر، ربما لأنني لا أتنفس بشكل صحيح أو آخذ نفساً قصيراً.
أجريت تخطيطاً للقلب وكنت متوتراً وخائفاً حينها، فظهر وجود نبضة واحدة مختلفة عن النبضات، وربما تلك التي أشعر فيها أحياناً وترعبني جداً تلك النبضة.
الطبيب قال: إن هذا ليس مرضاً عضوياً وهو أمر طبيعي، وأعطاني حبوب أندرال (10) ملغ، ولكن بعد أن تقصيت عن تلك الحبوب خفت قليلاً منها ولم آخذها.
أتمنى المعالجة بحبوب من نوع آخر ولا تؤثر أبداً على القلب، وإنما على الحالة النفسية.
للإشارة فترة الصباح لا أشعر فيها بتلك الأعراض إلا قليلاً.

والشكر الجزيل للمجيب على سؤالي، وفقكم الله وسدد خطاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فراس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

لقد أعطيت صورة مثالية لحالة القلق النفسي البسيط، أنا أصر أن أسميه (القلق النفسي البسيط)؛ لأنه فعلاً من النوع البسيط، وهذه الأعراض الفسيولوجية التي تشعر بها هي أحد سمات القلق النفسي المعروفة والمعهودة لدينا.

أنت ذكرت أمراً في نظري هو جميل جدًّا، فقد ذكرت أنه تنتابك نبضات أو عدم انتظام في ضربات القلب وأنت تستشعر ذلك، ولكنك حين تمارس رياضة المشي تحس بالاسترخاء وتختفي هذه الظاهرة، هذه بشرى عظيمة لأن هذا هو الاختبار الضروري لإثبات أن هذه النبضات أو عدم انتظام في ضربات القلب هو ناتج من القلق وليس أكثر من ذلك، هذه مهمة وضرورية جدًّا.

الذي أرجوه منك هو أن تتذكر إيجابياتك، فأنت -الحمد لله- لديك إيجابيات عظيمة، أنت رجل مهندس وتعمل لساعات طويلة ولا تعتقد أن ذلك أمراً سيئاً أبداً، هذا يدل على قيمتك ويدل على مهنيتك وسوف يرفع من مهاراتك، وسواقتك للسيارة لثلاث ساعات أعتقد وأتفق معك أنه ربما يكون وقتاً طويلاً نسبياً، ولكن أعرف أناساً في أوروبا وبلدان أخرى تهاجر بالساعات ما بين أماكن العمل وأماكن السكن.. فهذا أمر طبيعي، وأريدك أن تفكر فيه التفكير الإيجابي.

ممارستك للرياضة -خاصة رياضة المشي- يعتبر أمراً إيجابياً وعلاجاً ضرورياً لأنه وجد أن الرياضة تمتص كل طاقات القلق والتوتر وكل الطاقات النفسية السلبية، فقد وجد أن ممارسة الرياضة خاصة رياضة المشي تؤدي إلى إفراز مواد كيميائية في داخل المخ تسمى بـ (إندرفين Endorphin) ومادة أخرى تسمى بـ (إنكفلين Enkephalins)، هذه المواد تؤدي إلى الاسترخاء وتؤدي إلى هدوء النفس للدرجة التي سماها أحد العلماء في (جامعة أبردين Aberdeen university) باسكتلندا سماها بالأفيونات الداخلية، أي: كأنها لديها فعاليات الأفيون ولكنها - بفضل الله تعالى – هي طبيعية وغير إدمانية بالطبع.

إذن نعرف تماماً أن للرياضة هذا المفعول الإيجابي فكن حريصاً على ذلك مهما كانت مشاغلك، وأعتقد أنك بصفتك مهندساً معمارياً تستطيع أن تدير وقتك وزمنك بصورة إيجابية، توفق ما بين العمل وما بين الراحة وما بين الرياضة والتواصل الاجتماعي والعبادة والاطلاع -وهكذا-.

إدارة الوقت هي من الفنون العظيمة والجميلة والتي تؤدي أيضاً إلى زوال القلق بإذن الله تعالى.

كثيراً من الناس يقلقون حول المستقبل ويقلقون من أمور لا تحدث أو لم تحدث حتى الآن، وكما ذكر العالِم النفسي (ديل كارنيجي Dale carnegie): "لماذا أقلق على أمر لم يحدث بعد"، فاجعل هذا شعارك - أخي الكريم – وكن إيجابياً، ولا شك أن التقرب إلى الله تعالى يبعث على الطمأنينة ولا شك في ذلك، وأنا أوصيك بذلك وأوصي نفسي بالطبع.

هنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، هذه التمارين مفيدة وفعالة جدًّا، وبفضل الله تعالى يوجد في الكويت الكثير من الأخصائيين النفسيين الذين يمارسون الاسترخاء النفسي بصورة ممتازة، فهنالك الدكتور صلاح الراشد والكثير من الأخوة المعالجين الآخرين كالدكتور صالح الرشيدي وغيرهم.

يمكنك أن تذهب إلى أحد هؤلاء المختصين ليدربك على هذه التمارين، أو يمكنك أن تتحصل على أحد الأشرطة أو الكتيبات الموجودة بالمكتبات بإصدار هؤلاء الذين ذكرتهم، وهذه مفيدة جدًّا وتوضح كيفية القيام بهذه التمارين، بشرط أن تلتزم بها، والاسترخاء إذا طبق بالصورة الصحيحة لاشك أنه مضاد قاطع للتوتر وللقلق.

يأتي بعد ذلك أيضاً أن تعبر عن ذاتك؛ لأن الاحتقانات النفسية الداخلية تؤدي إلى القلق وتؤدي إلى التوتر، ونحن في بعض الأحيان نحتقن لأننا لا نعبر عن أنفسنا، لا نفرغ ما بداخلنا، فكما تحتقن الأنف تحتقن النفس، فأرجو أن تكون معبراً وأن تكون متواصلاً.

يأتي بعد ذلك ضبط تناول المواد التي تحتوي على مادة (كافيين Caffeine) خاصة القهوة والشاي والبيبسي والكولا والشوكولاتا، فهذه كلها تحتوي على مادة الكافيين التي قد تثير القلق لدى بعض الأشخاص الذين لديهم الاستعداد لذلك، وقد يظهر هذا القلق الناتج من تعاطي هذه المشروبات والمأكولات في شكل عدم انتظام في ضربات القلب، فأرجو أن تراعي ذلك.

يبقى بعد ذلك العلاج الدوائي، وهناك - بفضل الله تعالى – أدوية كثيرة جدًّا وفعالة جدًّا، وهناك أدوية سليمة وبسيطة، فأود أن أزف لك هذه البشرى، وسأصف لك علاجاً بسيطاً جدًّا يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة حبة صباحاً وحبة مساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها بعد ذلك إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى.

هذا الدواء خال تماماً من الآثار الجانبية وهو غير إدماني وغير تعودي ولا يتعارض مع قيادة السيارة وهو دواء استرخائي ومفيد جدًّا.

يأتي بعد ذلك تناول عقار يعرف تجارياً باسم (اندرال Inderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol)، وأنا أعتقد أنك إذا تناولت هذا الدواء فهو علاج مدعم للفلوناكسول سوف يكون هذا أمراً جيداً، وجرعة عشرة مليجرام هي جرعة صغيرة وبسيطة جدًّا. الإندرال يؤدي إلى زوال الأعراض والسمات الجسدية للقلق، فأرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام لمدة شهرين، ثم بعد ذلك تتوقف عنه، ويمكنك أن تتناوله عند اللزوم.

بالطبع توجد أدوية كثيرة أخرى كعقار يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وكعقار يعرف تجارياً باسم (إفكسر Efexor) ويعرف علمياً باسم (فنلافاكسين Venlafaxine)، وكعقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وكعقار يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، وكعقار يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)... هي أدوية كلها لعلاج الاكتئاب وقد وجد أيضاً أنها فعالة ومضادة للقلق، ولكن لا أعتقد أن حالتك تتطلب ذلك، فحالتك حالة بسيطة جدًّا، وبتطبيقك للإرشادات السابقة وبتناولك للفلوناكسول ومعه الإندرال سوف تجد أن هذا القلق قد اختفى تماماً وأنك أصبحت في حالة استرخائية - إن شاء الله تعالى -.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً