الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عوائق في طريق زواج الشاب من الفتاة التي عرفها عن طريق الإنترنت، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 25 عاماً، أعمل في عمل جيد بالإمارات -ولله الحمد-، ومنذ أربع سنوات كنت أدخل مواقع الشات، وأتحدث مع الكثير من الشباب، محاولاً أن أبث في نفوسهم المسئولية تجاه المجتمع العربي المسلم، والأخلاق والالتزام بالدين والقيم السامية؛ لأنني لم أكن أرى في أحاديثهم إلا كل التفاهة.

وفي مرة رأيت فتاة اسمها: (فتاة فلسطين) تعيش في أمريكا، فلفت نظري اسمها فتعرفت عليها، وأمضينا سنة بعلاقة أخوية محترمة، وكنت أمنع نفسي عن أي تفكير قد يكون خارج عن نطاق الأخوة الإسلامية.

وبعد سنة تصارحنا بأنني أريدها وهي تريدني على سنة الله ورسوله؛ لأنها فتاة وطنية وملتزمة، رغم أن المجتمع الذي كانت تعيش فيه لم يساعدها على ذلك، فكانت تتمسك بوطنيتها وأخلاق الإسلام والالتزام بالدين بقوة، وهذا ما جعلني أتمسك بها أكثر.

وقد حاولت جاهداً أن أصل لبلدها عن طريق الهجرة، لكنني لم أستطع حتى الآن، وأظن أنني سأستطيع ذلك قريباً، ولكن المشكلة أن أهلها من العائلات المتعصبة الذين لا يزوجون بناتهم إلا لذويهم من أهل قريتهم في فلسطين، فاقترحت علي أن تكمل دراستها الجامعية، ثم أذهب لزيارة بلدها وأتقدم لها؛ لأنها في ذلك الوقت ستكون هي صاحبة الاختيار، فساعدوني للتوجه إلى الطريق الصحيح.

وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك: (إسلام ويب)، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يقدر لك الخير حيث ما كان، وأن يرزقك الرضا به، وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة تكون عوناً لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن ما ذكرته من أشياء تنتج غالباً عن مثل هذه الاتصالات خاصة المطولة، وأنتما لم تخرجا عن الضوابط الشرعية ولله الحمد، ولكن العقبة التي تكمن أمامك من عدم عدم استطاعتك الوصول إليها، فإن هذا شيء صعب، وعليك أن تحاول مرة أخرى لعل الله -تبارك وتعالى- أن ييسر لك الدخول إلى أمريكا، ثم التقدم لخطبة هذه الفتاة.

وأما ما يتعلق بأن أهلها يرفضون أن تتزوج ابنتهم بعيداً عن المحيط الذي يعرفونه، وأن يكون هذا المتقدم إليهم من أبناء جلدتهم، ومن أبناء بلدتهم إلى غير ذلك، وتقول: بأنها سوف تتغلب على ذلك بمجرد أن تنتهي من دراستها الجامعية، فلا أدري ما هي المدة المتبقية؟ وهذا الأمر كله فيه نوع من المجازفة؛ لأن دخولك إلى أمريكا في ظل الظروف التي تعلمها قد يجعل هذا الأمر من الصعوبة بمكان، وقد تطول فترة الانتظار، وهذا متوقف عليك شخصياً، فأنت رجل في الخامسة والعشرين من عمرك، وهذه الأخت منذ أربع سنوات وأنت ما زلت تعرفها، فإذن هي مدة طويلة حقيقة.

وأما ما يتعلق بأنها بعد انتهائها من الجامعة سيكون لها القرار، فهذا الكلام قد يكون اجتهاداً منها، ولكن فرضاً أن أهلها لم يوافقوا فماذا ستفعل؟ ولذلك إذا لم تكن على يقين من أنهم سيقبلونك زوجاً لابنتهم، فأرى أن الانتظار سيكون بالنسبة لك مضيعة للوقت، وليس من ورائه طائل، فأتمنى أن تضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بمسألة الدخول إلى أمريكا وإمكانية ذلك، ثم مسألة قبول أهلها لك.

وإذا كانت المدة ستطول فأرى أن لا تنتظر شيئاً قد يتحقق وقد لا يتحقق، وأما إذا كانت المسألة مسألة أشهر معدودات أو شيئاً من هذا القبيل، فمن الممكن أن تنتظر لاحتمال أنك خلال هذه الفترة قد لا تجد الفتاة التي تناسبك، وإن كنت أنصح بأن الإنسان لا يتزوج إلا من بيئته؛ لأنه ثبت من خلال الواقع المعاش، ومن خلال المشكلات التي تأتي إلينا أن الخلاف في البيئات يؤدي إلى خلافات ومشاكل كثيرة؛ لأن هذه الفتاة ربيت بطريقة معينة، وأنت ربيت بطريقة معينة، المسلمات التي عندك قد تختلف كثيراً عن المسلمات التي عندها، بغض النظر كونكم أنكم اتفقتم في الوطنية واتفقتم في القيم الإسلامية، هذا نوع من أنواع الأمور الكثيرة التي ينبغي أن يكون فيها نوع من التوافق، أنتما توافقتما في شيء، ولكن هل كل الأشياء تتوافقان فيها؟

فامرأة عاشت في أمريكا بلد الحرية، فقد تفاجئك بأن تفرض عليك شيئاً، وقد تطلب منك شيئاً، ومن خلال زيارتي لأمريكا وأوروبا وجدت أن الأخوات الملتزمات هناك بدأن يستعملن هذه الامتيازات الشيطانية في إذلال أزواجهنَّ، والأخت تتكلم بقوة وتستطيع أن تطرد زوجها، وكنتُ في أحد المراكز فوجدت أحد الأخوة نائماً في المسجد، فسألت أحد الأخوة: لماذا هذا نائم في المسجد؟ فقال: طردته امرأته! ولماذا طردته؟ لأنه اختلف معها فقالت: سوف أتصل بالشرطة ترحلك فوراً، فقال لها: أرجوك اتركيني سأذهب، وسأخرج من البيت، فخرج من البيت صاغراً وذهب ينام في المسجد، رغم أنه عنده منها أربعة أطفال، إلا أنها استطاعت أن تستعمل هذه الامتيازات رغم أنها أخت ملتزمة.

ومن هنا فإنني أنصحك أن تعيد النظر في هذا الموضوع؛ لأن تربية أوروبا وأمريكا تختلف عن تربية العالم العربي تماماً، فأنت عشت مع أمك تعرف تعامل أباك، وتعرف تتعامل أختك مع زوجها، وهذه المعاملات نادراً أن توجد في بلاد الغرب، الأخت في بلاد الغرب فعلاً خاصة إذا أطالت العشرة هناك، أو وُجدت في هذه البلاد، فإنها حتى وإن كانت داعية فإن عندها مشاكل؛ لأن هذه الأشياء ألقت بظلالها على نفسيتها، وعلى طريقة تفكيرها، وعلى أنماط سلوكها، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة تكون عوناً لك على طاعته ورضاه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً