الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم التواصل مع الآخرين.. المشكلة والعلاج

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي هي أنني أحس بأني لا أستطيع أتواصل مع من حولي، ولا أحد يستطيع فهمي، وأصبحت مسافة بعيدة بيني وبين أهلي، وخصوصاً أمي، ما تقدر تفهمني، وإنا ما أقدر أعبر عن مشاعري، ولا عن الذي بداخلي، حتى الصديقات ليس عندي!


ما أقدر أتواصل مع صديقاتي، بحيث يظنون أني متكبرة أو مغرورة، وبالإضافة إلى هذا غير ناجحة في دراستي، ما أقدر أدرس حين أفتح كتابي، أسرح وأروح بغير علم.

وصلت بي الحالة إلى أني ما أتكلم مع أحد، أو أعبر عن مشاعري، متى أدخل غرفتي وبحجة الدراسة أتكلم مع نفسي! انظروا لي حلاً، الله يجزيكم خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ طيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك، فلابد أن ترجعي إلى نفسك وتبحثي في الأسباب التي جعلتك لا تتواصلين مع الآخرين، وأنت تعلمين وتعرفين أن الإنسان بطبعه هو كيان اجتماعي.

لابد أن تتدارسي الأسباب، وإذا كانت هنالك أسباب معينة فلابد من تجاوزها، ولابد من وضع الحلول المناسبة بالنسبة لها.

نحن نعرف من الناحية النفسية أن بعض الناس يفتقدون الرغبة والقابلية في التواصل مع الآخرين، كنوع من التكاسل منهم، وليس أكثر من ذلك، وهنالك البعض الذي يفتقد التواصل؛ لأنه تكون لديه تجارب سلبية مع بعض الناس، وبعد ذلك يعمم من تعامله أو نظرته السلبية حيال الآخرين، وبعض الناس يكون السبب الرئيسي لانعزالهم هو الاكتئاب النفسي المطبق والشديد، والبعض قد تكون لديهم بعض المخاوف الاجتماعية، وهنالك مرض الفصام – وهو بالطبع بعيد عنك تماماً – خاصة الفصام من الدرجة الثانية قد يؤدي إلى تبلد في المشاعر، وفقد المهارات الاجتماعية، وعدم الرغبة في التواصل.

أنا أرى أن أمرك - إن شاء الله تعالى – بسيط، ولا أستطيع أن أقدر تقديراً كاملاً إذا كان لديك اكتئاب نفسي أم لا؟ لأنك حقيقة لم تذكري ما يدل أنك تعانين من أعراض اكتئابية، والذي أراه أولاً من الضروري جدّاً أن تعيدي تقييم نفسك، وأن تعيدي تقييم واقعك، بمعنى تذكرين أنك الحمد لله في قمة الشباب، وأن تعرفي أن الإنسان لابد أن يتواصل مع الآخرين، وأن تعرفي أنك في مجتمع تنافسي، ولابد أن يكون لك حضورك، ولابد أن يكون لك وجودك. إذن إعادة تقييم الذات، ووضع مفاهيم جديدة هو الحل الأساسي في مثل حالتك.

ثانياً: عليك أن تضعي برامج يومية، اكتبي هذه البرامج: خصصي وقتاً للراحة، وخصصي وقتاً للتواصل مع الآخرين، وقتاً لممارسة الرياضة، وقتاً للعبادة.

ثالثاً: عليك أن تتخيري الأفاضل من الأخوات المسلمات ممن حولك، فالإنسان حين يرتاح قلبه لإنسان يستطيع أن ينفتح عليه تلقائياً، فأرجو أن تتخيري الصداقة الطيبة، ولماذا لا تقترحي على صديقاتك بأن تقوموا بترتيب حلقة تلاوة للقرآن الكريم مرتين أو ثلاثاً في الأسبوع؟ فإن هذا نوع من التواصل، وسوف يشعرك بقيمتك الذاتية.

رابعاً: سوف يكون أيضاً من المفيد لك أن تقومي بما يعرف ب(السيكودراما Psychodrama) أو (الدراما النفسية)، وهي تقوم على مبدأ أن نقوم بتمثيل الموقف، بمعنى أن تتخيلي نفسك بصورة جادة أنك في موقف حواري مع صديقات، أو مع أهلك، أو مع أي أحد تتعاملين معه في حياتك، عيشي هذا الخيال كأنه واقع، وحاولي أن تنقليه إلى الواقع.

خامساً: لابد أن تستشعري أهمية الدراسة، فأنت تقولين: لا أستطيع أن أدرس، ولا أستطيع أن أفتح كتاباً، وأنك لا تركزين، لا. استشعري قيمة التعليم، واستشعري قيمة العلم، وأنت في بلاد الحمد لله توجد فيها محافل علمية كبيرة، وأنت أيضاً ما شاء الله في كلية من الكليات الجيدة والممتازة، فاستشعري أهمية هذا الأمر، وضعي لنفسك جدولاً معيناً للدراسة، ولابد أن تلزمي نفسك بذلك، ولا تساومي نفسك أبداً، فالإنسان كثيراً ما يقول: لا أستطيع، لا أستطيع، لا أستطيع! ولكنه في حقيقة الأمر يستطيع، فالله تعالى يقول: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))[التغابن:16]، فالاستطاعة موجودة، ولكن هذا تثبيط من الشيطان وعجز من الإنسان، فاستشعار أهمية الواجبات وضرورة القيام بها، وأن الإنسان الذي ينجز هو يكافئ ذاته قبل أن يكافئ الآخرين. هذه المشاعر المعرفية الإيجابية هي وسيلة من وسائل المثابرة والتحسن.

لا شك أنك مكلفة بأن تتواصلي مع أهلك، فأنت مطالبة ببر والديك، ومطالبة بأن يكون لك مساهماتك وحضورك وسط أهلك، ابعدي هذا التفكير السلبي عنك، وأنا متأكد أنك إذا تقدمت على الآخرين خطوة سوف يتقدمون إليك بخطوتين أو أكثر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً