الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يجد عملاً رغم مؤهلاته العالية

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ عام ونصف ولم يوفق زوجي في أي عمل، وهو يريد العمل في أي مجال طالما أنه حلال، ولكن للأسف شيء غريب يحدث معه عند التقدم لأي وظيفة ويطلعون على الـcv الخاص به فيندهشون أنه لم يوفق في أي مكان، حيث أنه بفضل الله إمكانياته عالية، ويرحبون به جداً، ويقولون: إنه يستلم العمل من غد، ولكن يحدث شيء غريب جداً حيث أنهم يرفضونه بدون أي أسباب.

أقسم بالله أن هذا حدث معه في أكثر من 100 وظيفة ولكنه لم ييأس، فقرر أن يهاجر وبالفعل سافر ولكن نفس الشيء حدث معه فانهار، وللعلم هو شخص يعرف ربه، ووالداه راضون عنه وتعساء لما يحدث معه، بعض الأشخاص أقنعوه أنه معمول له عمل بوقف الحال وعدم الشغل ولكنه لم يقتنع، فهل لو ذهبنا لأحد الشيوخ ليبين لنا هل معمول له شيء هذا حرام؟

وأستحلفكم بالله أن تقفوا بجوار زوجي والدعاء له.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء أم يوسف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل – العلي الأعلى – بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتكم وأن يقضي حاجتكم، وأن يرزق زوجك عملاً صالحا طيباً مباركا، وأن يجزيكم خيراً على هذا الصبر الذي صبرتموه خلال هذه الفترة السابقة.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنك تعلمين أن الله - جل جلاله سبحانه – لا يقع في ملكه إلا ما أراد، فهو مالك السموات والأرض، ولذلك قال سبحانه: ((تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))[الملك:1]، وقال أيضاً: ((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[آل عمران:26].

فكل شيء في هذا الكون مملوك لله سبحانه وتعالى – كل شيء نعلمه أو لا نعلمه، نعرف عنه أو لم نعرف عنه، نسمع به أو لم نسمع به، كله مملوك لله تعالى، ولا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن إلا بأمر الله تعالى، فلا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، فالله - تبارك وتعالى جل جلاله – خلق الخلق وقبل أن يخلقهم قدر المقادير وقسم الأرزاق، وجعل كل شيء مرتبا، فإذا ما خلق الخلق بدأت هذه المقادير تنزل في الخلق بترتيب الله سبحانه وتعالى، ولذلك حتى الأعمال حتى الوظائف حتى الأولاد حتى الأزواج، كل هذا من قدر الله تعالى، فزوجك هذا كان مقدر في علم الله قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة أنه سيكون زوجك، وأنك ستكونين زوجته، ولذلك شاء الله تبارك وتعالى أن تلتقيا وأن تبدءا حياتكما معاً، كذلك والدك – حفظه الله – وأمك حفظها الله – نفس الشيء، وأنا وكل الناس نفس الشيء.

العمل الذي أعمله أنا الآن هو أيضاً مقدر قبل خلق السموات والأرض، كون زوجك الآن عنده إمكانات عالية والسيرة الذاتية بالنسبة له رائعة ومدهشة ورغم ذلك لا يعمل هذا أيضاً بداية من قدر الله تعالى، والله سبحانه وتعالى قد يبتلي العبد ابتلاء شديداً حتى يظن الإنسان أن الموت أهون، والله تبارك وتعالى يقول: ((حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا)) [يوسف:110]، يعني يصل الحال بالرسل والأنبياء أنهم يصلون لدرجة اليأس من نصر الله تعالى نتيجة شدة الكفار وحرب الكفار للمسلمين وضغط الكفار على المسلمين وإذلال الكفار للمسلمين والأنبياء يدعون ويتوسلون ورغم ذلك لا يأتي الفرج إلا بمخاض شديد بعد فترة لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى.

فالله تبارك وتعالى شاء أن يجعل أرزاق بعض العباد سهلة، وشاء أن يجعل أرزاق بعض العباد صعبة، وشاء أن يجعل بعض أرزاق العباد في الجو كالطيارين والموظفين الذين يعملون في الطائرات، الطيارين والمضيفين والمضيفات، هذه أرزاقهم ما بين الأرض والسماء، وشاء أن يجعل أرزاق بعض الناس في أعماق البحار (كالغواصين والباحثين عن اللآلئ وغيره) وشاء أن يجعل أرزاق بعض الناس في الماء كالصيادين وغيرهم، وشاء أن يجعل أرزاق بعض الناس في المناجم والمحاجر في أعماق الأرض وأن يجعل أرزاق بعض الناس في الطبقة الأولى على الأرض، وأرزاق في الأرض، سبحان الله.

هذا كله ترتيب الملك - سبحانه وتعالى – وشاء أن يعطي أرزاقا لبعض الناس وليست لديهم مؤهلات أو شهادات وأن يعملوا في أعمال ويأخذون رواتب كبيرة وهم لو جئنا لننظر إلى مؤهلاتهم وجدناها متواضعة؛ لأن الرزق لا علاقة له بالشهادات أو المؤهلات، الرزق هذا قدر الله قبل خلق السموات والأرض، والشهادات والمؤهلات والخبرات والمعارف إنما هي أسباب للوصول إلى الأرزاق، ومما لاشك فيه أن وضع زوجك غير طبيعي، وأنه لا يستبعد أن يكون هناك من صنع له سحرا أو حسده نظراً لتميزه، ولقد سحر من هو أعظم من الخلق جميعاً ألا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فالسحر موجود وله حقيقة وقد يترتب عليه ما هو أكثر مما حدث لزوجك حفظه الله، ولذلك لا مانع شرعاً من التداوي بالرقية الشرعية، فإنها خير وأفضل علاج لمثل حالة زوجك، بل هي العلاج الوحيد - بإذن الله تعالى - فاستعينوا بعد الله بأحد المشايخ المعالجين المعروفين بسلامة العقيدة وعدم استعمال الجن أو الدجل والشعوذة، وهم كثيرون في مصر من فضل الله، اعرضوا عليه الحالة وهو سيتولى القراءة عليها مرة أو عدة مرات بحسب قوة السحر، وثقي وتأكدي من أن زوجك سيبرأ من ذلك تماماً - إن شاء الله تعالى - لأن الرقية إذا لم تنفع فهي قطعاً لن تضر؛ لأنها كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وعليكم فوق ذلك بمواصلة الدعاء والإلحاح على الله لأنه - جل جلاله - يحب أن يُسأل، بل ويحب الملحين في الدعاء، وأبشري بفرج من الله قريب.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً