الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى فائدة الجلسات النفسية في علاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا فتاة عمري 21 عاماً، أدرس بالسنة الأخيرة من كلية العلوم قسم الفيزياء، وقد حصلت على إجازة في القرآن الكريم منذ ثلاث سنوات ولله الحمد، وعانيت منذ سبع سنوات من الوسواس القهري في العبادات من طهارة ووضوء وصلاة.

وبعد أربع سنوات عانيت من فرط نشاط شديد، ثم تحول إلى خوف وأوهام وتخيل أشياء غير موجودة من حروب وضياع وسرقة، وبقيت يومين دون وعي لما حولي، ثم تعالجت واستقر وضعي بعد سنة ونصف تماماً، وتابعت دراستي إلى أن غيَّر الطبيب لي الدواء، فسبب لي حساسية شديدة مفرطة أدت إلى هيجان شديد وفقدان وعي، ولم أعد أدري بما حولي، فدخلت المستشفى فشخصوا أن لدي اضطرابا وجدانيا ثنائي القطبية.

وبعد خروجي من المستشفى عادت لي الوساوس القهرية بشكل شديد، ثم تحسنت نوعاً ما من الوسواس وازداد عندي اضطراب المزاج، وأعاني من الآثار الجانبية الشديدة للأدوية ومنها الحساسية، وتسبب لي أدوية الاكتئاب فرط نشاط، وأخضع الآن لجلسات عند معالجة نفسية مع استمراري بتناول الدواء عند الطبيب، وأريد استشارتكم بموضوع الجلسات العلاجية والأدوية.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هانية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأعراض التي ذكرتها في صدر رسالتك تدل بالفعل على الإصابة بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وهذا الاضطراب له عدة أقسام وأنواع، وهو في المقام الأول يعتبر مرضاً نفسياً بيولوجيا، أي أن التغيرات في مسار ما يعرف بالموصلات العصبية أو المرسلات العصبية – وهي مواد كيميائية – تفرز في الدماغ، واضطراب هذه المواد يعتبر هو الرئيسي للإصابة بهذه الحالة، ولذا نعتبر أن تناول الأدوية هو خط العلاج الرئيسي.

وأنت الآن تتناولين الدواء، كما أنك تخضعين لجلسات عند معالجة نفسية، ولا مانع من هذه الجلسات، فالجلسات غالباً تكون من أجل المساندة ومن أجل الاستبصار، وإذا كانت هذه الجلسات تقوم على منهج العلاج النفسي السلوكي المعرفي تساعد الإنسان في أن يستشعر إيجابياته، وهذا يدفعه لتقويتها ولتمكينها، وفي نفس الوقت يحاول أن يقلص ويتجنب السلبيات.

والعلاج الإرشادي يساعد كثيراً في أنه يعطي إن شاء الله الثقة بالنفس، وفي نفس الوقت يساعد على تنظيم الوقت وكيفية إدارته، ويشجع المعالج النفسي على التواصل الاجتماعي وتطوير المهارات، فلا بأس بهذه الجلسات وعليك المواصلة ما دمت تحسين بأنه ذو فائدة لك.

وأما بالنسبة للعلاج الدوائي: فأنت لم تذكري نوعية الأدوية التي تتناولينها، لكني سأذكر عدة أدوية تستعمل في علاج الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية وكذلك الأدوية المثبتة المزاج مثل عقار يعرف تجارياً باسم (تجراتول Tegretol) أو يسمى علمياً باسم (كاربامزبين Carbamazepine)، ومثل عقار الذي يعرف تجارياً باسم (دبكين كورونو Depakine chorono) ويسمى علمياً باسم (فالبرك اسد Valopric acid)، ومثل عقار الذي يسمى تجارياً باسم (لاميكتال Lamictal) ويعرف علمياً باسم (لاموترجين Lamotrigine)، ومثل عقار الذي يعرف باسم (ليثيم Lithium) هي خط العلاج الرئيسي لهذه الحالات.

وهناك خلاف حول استعمال مضادات الاكتئاب خاصة حين تكون هناك نوبة اكتئابية، فالبعض يرى أن استعمال هذه الأدوية المضادة للاكتئاب تضر بالمريض؛ لأنه سوف يدفعه نحو القطب الآخر وهو قطب الهيجان والهوس، وفي نفس الوقت يحدث نوع من الانتكاسات المتوالية، وأنا من أنصار هذه المدرسة التي تحذر من استعمال أدوية مضادات الاكتئاب في مثل حالتك، ويكون الاعتماد بعد الله تعالى على الأدوية المثبتة للمزاج، والآن اتضح الآن أيضاً أن الأدوية المضادة للذهان مثل العقار الذي يعرف تجارياً باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون Risperidone)، والعقار الذي يعرف تجارياً باسم (زبراكسا Zyprexa) ويعرف علمياً باسم (اولانزبين Olanzapine)، وخاصة عقار يعرف تجارياً باسم (سوركويل Seroquel) ويسمى علمياً باسم (كواتيبين Quetiapine)، هي أدوية ممتازة وفعالة أيضاً ويتم تناولها في حالات الاضطرابات الوجدانية ثنائية القطبية، ويمكن أن يكون العلاج بأكثر من دواء في نفس الوقت، وذلك حسب الحالة وحسب الأعراض.

وفي هذا السياق أنا على ثقة كاملة أن طبيبك سوف يوجه لك الإرشاد المطلوب، والوساوس التي تعانين منها أرجو تجاهلها بقدر المستطاع ومقاومتها؛ لأنها وساوس ثانوية وليست هي المرض الأساسي، وتناولك للأدوية إن شاء الله سوف يخفف منها ويزيلها؛ لأن الوساوس في حد ذاتها هي أصلاً نوع من القلق، وكثيراً ما تكون مصاحبة للحالات النفسية الأخرى مثل الاضطراب الوجداني ومرض الاكتئاب ومرض الهوس ومرض الفصام.

وأنت الآن في مرحلة دراسية هامة، نسأل الله لك التوفيق والثبات، وعليك بالاجتهاد وعليك بالحرص في العلاج كنوع من الأخذ بالأسباب، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الشفاء والعافية، ونهنئك لحصولك على الإجازة في القرآن الكريم، ونسأل الله تعالى أن يزيدك علماً وأن ينفع بك، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً