الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ازدياد الحالة النفسية سوءاً عند تناول الأدوية النفسية

السؤال

السلام عليكم.
أحس بخفقان في القلب دون معرفة سببه، وأستعمل حبوب الأندرال لكي تنتظم ضربات القلب، وقد عجز الأطباء عن تشخيص حالتي ومعرفتها وإعطاء الدواء اللازم لعلاجها، وهي الصعوبة في النوم لمدة يوم أو يومين، وأعطوني حبوب (الريفوتريل)، وبعض الأطباء يقولون أن عندي نشاطا كهربائيا في الدماغ، فاستعملت الدواء لمدة سنتين فأصبت بحالة نفسية، وأستعمل الآن دواء (الزاناكس) 2 ملجم، ولم أستطع النوم بسبب الشد العصبي والحالة النفسية، وعند استعمال الأدوية النفسية تزداد حالتي سوءاً، وتتهيج أعصابي عند سماع صوت، فما السبب في ذلك؟!

علماً بأني تركت الصلاة وقراءة القرآن، وبعض الأشخاص يقولون أن بي مسا أو سحرا أو جنا؛ لأن عند سماعي للقرآن تتحرك أصابع رجلي بحركات غير إرادية وأشعر بضغط في القدمين، ومنذ أربع سنوات أسمع الرقية الشرعية وأدهن جسدي بزيت مقروء عليه، وبداخلي مس لا يخرج، فكيف يتم إخراجه؟!

ولكم فائق الشكر والاحترام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ وسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن مدة استعمالك لعقار (ريفوتريل) هي مدة طويلة جدّاً، وهو من الأدوية التي تستعمل لعلاج الصرع، ولكنه لا يعتبر من الأدوية الجيدة في هذا السياق، ويجب أن لا يكون الخيار الأول، وهو دواء تعودي ويؤدي إلى ضعف في التركيز مع تولد نوع من العنف والقلق والتوتر في فترات لاحقة، هذا يعرف تماماً عن هذا الدواء، ورغم احترامي للأطباء الذين قاموا بوصفه لك إلا أنه - حسب ما ورد في رسالتك - ليس هو الدواء الأمثل.

وقد زدت الأمر تعقيداً بتناول الزاناكس، وهو عقار يستعمل لفترات قصيرة، وهو مضاد للقلق والتوتر ويحسن النوم نسبياً، ولكنه أيضاً دواء إدماني وتعودي، ويعرف عن كل مجموعة هذه الأدوية - (ريفوتريل، زاناكس) - والتي تنتمي إلى مجموعة (بنزودايزين Benzodiazepine)، هذه الأدوية هي مهدئة بصفة وقتية، ولكنها تولد القلق والتوتر وحتى العنف - كما ذكرت لك - لدى بعض الناس.

فأرجو أن تراجع طبيبك لمناقشة أمر تناولك للزانكس، وبكل صدق وأمانة جرعة اثنين مليجرام هي جرعة كبيرة وجرعة تعودية إدمانية، ولابد أن تحرر نفسك من هذا، فهذا أمر ضروري وهو الأساس في نظري.

وأما اضطراب النوم فلا شك أن هناك أسبابا نفسية وأسبابا عضوية لاضطراب النوم، وما ذكرته من خفقان في القلب وأن هذا الخفقان يزعجك فهذا ربما يكون جزءا من القلق النفسي، وهذا هو الغالب، فأكبر سبب للخفقان السريع هو القلق النفسي والتوتر ونوبات الهرع، ويأتي بعد ذلك السبب الثاني هو زيادة إفراز الغدة الدرقية، وهنالك حالات أمراض القلب منها استرخاء الصمام الميترالي (Mitral valve prolapse) لدى البعض في القلب، وهناك أيضاً علل أخرى في كهرباء القلب قد تؤدي إلى الشعور بهذا الخفقان.

ولا شك أنك قد قمت بالتأكد أن حالتك ليست عضوية وليست ناشئة من مرض في القلب وليست ناشئة من زيادة في إفراز الغدة الدرقية، ولذا فأنا أعتبرها هي نوع من القلق النفسي والتوتر النفسي، فيجب أن تحل مشكلة تناول الزاناكس، وبالنسبة للنوم يجب أن ترتب صحتك اليومية على مبادئ معينة وهي:

1- أن لا تنام في أثناء النهار.
2- أن تمارس التمارين الرياضية بصفة يومية.
3- أن لا تتناول الشاي أو القهوة أو البيبسي أو الكولا أو الشيكولاتة أو أي أطعمة أو مشروبات تحتوي على مادة (كافيين Caffeine)؛ لأنها تخل بالنوم لدى بعض الناس.

4- عليك بأن تذهب إلى النوم في وقت معلوم، فلابد أن تنظم الساعة البيولوجية لديك، فحين تذهب للنوم في وقت معلوم من الليل وتنتظم على ذلك، وسوف يأتيك النوم إن شاء الله تعالى.

5- حاول أن تكون في حالة هدوء وسكينة قبل النوم.

6- حاول أن تقرأ شيئاً قبل النوم، ولو توضأت وصليت قبل النوم فهذا يجعلك تنام بصورة أفضل، وعليك بالحرص على أذكار النوم.

وهناك أدوية جيدة سوف تساعدك في تحسين النوم، وهي أدوية ليست إدمانية أو تعودية، ولكن تبدأ فيها بعد أن تتخلص وتتوقف عن الزانكس، والعقار الذي أصفه لك يعرف تجارياً باسم (ريمارون Remeron) ويعرف علمياً باسم (ميرتازبين Mirtazapine)، وجرعته هي ثلاثون مليجراماً ليلاً ساعتين قبل النوم، هو دواء محسن للمزاج ومزيل للقلق ومزيل للاكتئاب، ويعرف أنه يؤدي إلى تنظيم النوم بصورة فاعلة وجيدة.

ولا مانع أن تتناول عقار (إندرال Iinderal) بجرعة عشرة مليجرام صباحاً وعشرة مليجرام مساءً، وذلك إذا اتضح أن هذا الخفقان هو ناتج من القلق فقط، فإن شاء الله سوف تجد فائدة كبيرة جدّاً من هذا الدواء، فيمكنك أن تتناوله لمدة شهرين أو ثلاثة على هذه الجرعة، ثم بعد ذلك يمكنك أن تخفضه إلى حبة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.

وأما فيما يخص العين والسحر والحسد والمس فهذه نحن كمسلمين نعترف بوجودها، ولكن هناك الكثير من المبالغات في هذا الأمر، فأنت في حرز وفي حفظه، وعليك أن تحافظ على أذكار الصباح والمساء، وسل الله تعالى أن يحفظك، ويمكنك أن تذهب إلى أحد المشايخ ليرقيك الرقية الشرعية وهي إن لم تنفع فلن تضر لأنها من كلام ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مانع أن ترقي نفسك عدة مرات، والذي أنصحك به هو أن تزيل من تفكيرك أنك مصاب بالعين أو بالسحر؛ لأن شدة الاعتقاد في أنك مصاب بها ربما يؤدي هذا إلى إصابتك بها.

وأما ما ذكرته أنك تشعر ببعض الحركات في رجلك ويصبح هناك ضغط في القدمين عند سماع القرآن فلا أرى أساساً لذلك، وأعتقد أن هذه مجرد أفكار إيحائية، فأرجو أن تأخذ ما هو موثوق وما هو ثابت من الدين، ولا تقع ضحية للتأويلات والإيحاءات.

نسأل الله لك الشفاء والعافية التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً