الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت لشخص أحببته فتركني ورحل.. فكيف أنساه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
تقدم لي شخص أعجب بي وأعجبت به، وبعد الموافقة جلس الأهل يتحدثون في أمور الزواج فاتفقوا في كل شيء وتساهل معه أهلي كثيراً.
ولكنهم لم يتفقوا على شيء واحد وهو المهر، فتركني ورحل، ورحلت معه بسمتي وفرحتي التي رسمتها في خيالي، وآلمني هذا كثيراً حتى الآن، فأنا في غاية الحزن؛ لأني تعلقت بشخص لم يقدرني رغم مستواي الثقافي والاجتماعي والتعليمي والديني أولاً والحمد لله.
كل ما أتمناه أن أنساه وأن يرحل عن بالي، كما أتمنى الزوج الصالح من الله، فأنا أعلم بأن كل شيء نصيب ولكني أتألم ألماً لا يعلمه سوى ربي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تائبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعوضك خيراً عمَّا فقدتِ، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح مبارك يكون عوناً لك على طاعة الله ورضاه وينسيك ما مر من الآلام والأحزان.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – من هذا الشاب الذي تقدم لك وحدث بينكما نوع من الإعجاب، لكن أهلك لم يتفقوا معه على شيء – وهو المهر – فتركك ورحل، وبذلك أدخل الحزن على حياتك، وهذا الأمر أثر فيك كثيراً، حيث إنك في غاية الحزن لتعلقك به ورغم عدم تقديره لوضعك وظروفك التي أنت فيها من الخير الذي أكرمك الله به.

أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة – بداية: اعلمي أنه لو كان لك فلا يمكن أن يتخلى عنك، وذهابه أيضاً ليس معناه أن كل شيء قد انتهى، فأنت نظرت إلى الواقع حسب الظاهر، ولكن من أدراك أنه سيكون صالحاً لك في المستقبل؟ أو من أدراك أنه كان صالحاً لأن يكون زوجاً لك وأباً لأبنائك، فأنت قد نظرت إلى الواقع والسبب في تعلقك به أنك لا يوجد في قلبك أحد غيره، فأنت عندك فراغ عاطفي ولذلك عندما دخل إلى حياتك ملأها فرحاً وسعادة وبسمة فعلاً، لأنك ركزت على هذا كحال معظم الفتيات اللواتي ليس لديهنَّ غاية أو هدف كبير، ويعتبرن أن الزواج أكبر هدف يسعون إلى تحقيقه.

أقول لك - بارك الله فيك – إن هذا الذي حدث معك أمر طبيعي جدّاً، وأنت لست فريدة في هذه المشاعر أو في تلك الظروف النفسية، وإنما كل فتاة يتقدم لها أحد ويحدث بينهما هذا ثم يتخلى أحدهما عن الآخر يحدث هذا الأمر للفتاة ويحدث للفتى أيضاً، يعني هذا ليس خاصاً بالنساء، وإنما أحياناً أيضاً قد يقول الرجل بأن هذه المرأة قد باعتني وأنها لم تقدر عواطفي ومشاعري وليس فيَّ عيب إلى غير ذلك.
فأقول لك: هذا شيء طبيعي جدّاً يحدث لك ويحدث لكل فتاة وكل شاب حدث بينها وبين خطيبها أو من تقدم لها نفس الشيء، ولكن بما أننا الحمد لله وبفضل الله تعالى من المسلمين الملتزمين نرى أن ما قدره الله فهو كائن، فلو كان هذا الشاب فيه خير لك فثقي وتأكدي من أن الله تبارك وتعالى ما كان ليصرفه عنك، وإنما أنا أقول: ما صرفه الله عنك إلا رحمة بك، لاحتمال أن تكون هناك أشياء أنت لم تتعرفي عليها ولم تقفي عليها كانت ستؤدي إلى سوء العلاقة بينكما وقد يحدث الطلاق – لا قدر الله – وأنت لديك مجموعة من الأبناء فيكون الأمر أدهى وأمر.
أنت الآن لازلت في بيتك معززة مكرمة، أكرمك الله تبارك وتعالى بمستوى ثقافي واجتماعي وتعليمي ودين متميز، والرجال غير هذا الشاب كثير، وأبشري بفرج من الله قريب.
كل الذي أطلبه منك بارك الله فيك ألا تستسلمي لهذه الأفكار وتلك الذكريات، فكلما جاءتك فحاولي طردها عن رأسك تماماً حتى لا تشحبي وحتى لا تضعفي وحتى لا تتغير نفسيتك وحتى لا تصابي بالإحباط أيضاً، وإنما عليك أن ترضي بقسمة الله تبارك وتعالى وبما قدره الله، وأن تعلمي أن ما قدره الله فهو خير يقيناً وقطعاً.
والنبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا بأن من رضي فله الرضا، فما عليك إلا أن ترضي بقضاء الله وأن تعلمي أن قضاء الله كله خير، فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق الشر أصلاً، وإنما خلق الخير أساساً.
فهذا الأمر بما أنه قد صُرف عنك فقطعاً هذا هو الخير، فارضي - بارك الله فيك – بقسمة الله تعالى، وكما ذكرت لا تستسلمي لهذه الأفكار، وأطلب منك طلباً آخر وأخيراً وهو الدعاء والإلحاح على الله أن يرزقك زوجاً صالحاً أطيب منه، وأن يعوضك به خيراً.
واعلمي - أختي الكريمة الفاضلة – أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، كما أحب أن أبشرك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء).
أسأل الله لك التوفيق والسداد وأسأل الله لك العون على الخروج من هذا المنعطف وأن يمنَّ الله عليك بزوجٍ صالح عاجل غير آجل، وأن يسعد معك بتأسيس أسرة طيبة مباركة.
هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً