الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج خوف الأطفال الناتج عن الترهيب

السؤال

حضرت الشرطة إلى منزل صديق للقبض عليه ولم يكن معه في المنزل سوى أطفاله، وتعاملت الشرطة بطريقة أرعبت الأطفال جداً، من وقتها وهم يبكون فماذا نفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الأيمن محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنا نسأل الله تعالى أن يعين هؤلاء الأطفال في مصيبتهم هذه وأن يخفف عنهم وأن يتولاهم برعايته وعطفه.

لا شك أن الذي تعرض له هؤلاء الأطفال أمر جلل وأمر غير مقبول، ولا شك أنه يولِّد مخاوف وفزع وهلع وعدم طمأنينة لدى هؤلاء الأطفال.

بصفة عامة، الخوف هو صفة إنسانية غريزية ولكنه يتفاوت في حدته وفي شدته، فهنالك الخوف المبرر والخوف المنطقي، وهنالك الخوف الذي يكون لا مبرر له وهو الخوف المرضي.

الخوف لدى الأطفال قد يكون موجهاً نحو أوضاع خاصة كالخوف من الظلام والخوف من الحشرات والخوف من الغرباء، والخوف من الدراسة أو الذهاب إلى المدرسة في البداية، والخوف من فراق الوالدين، وهنالك أنواع أخرى من الخوف قد يعاني منها الأطفال.

من أكثر أنواع الخوف الشائع لدى الأطفال هو الخوف الذي يكون ناتجاً من التهديد أو الترهيب الشديد الذي يقوم به الوالدان في بعض الأحيان، وذلك من أجل أن يحسن الطفل من سلوكه أو من منعه من تصرفات خاصة، وهذا بالطبع من الأمور المرفوضة تماماً من الناحية التربوية.

بالنسبة لهؤلاء الأطفال لا شك أن الحدث الذي حدث لهم هو أمر ليس بالسهل ويترك مخاوف لديهم.

أولاً: فراق الوالد وذهابه فهذا بالطبع له أثر نفسي سلبي كبير، والأمر الثاني: هو سلوك الشرطة والطريقة التي تم بها أخذ الوالد من منزله أمام أبنائه.

الشيء الذي ننصح به في مثل هذه الحالات هو:
أولاً: أن يُشرح لهؤلاء الأطفال بلغة مبسطة وبلغة يمكن استيعابها، وأن يقوم بشرح الوضع لهم أقرب الناس وأحب الناس إليهم، والذي يوضح لهم هو أنه ليس كل أفراد الشرطة أو من يعملون في مجال الشرطة سيئين، ويوضح لهم ما هو مفهوم الشرطة، فهي التي تقوم بحراسة الناس وهي التي تقوم بحفظ الأمن، لكن هؤلاء الأشخاص الذين أتوا إلى البيت هم شريحة من الشرطة وليس كل أفراد الشرطة بهذا المستوى.

ثانياً: يوضح لهم عن طريق ما يعرف بـ (السيكو دراما) أو ما يمكن أن نسميه لعب الدور أو التمثيل، ويتم ذلك من خلال أن يلعب بعض أفراد الأسرة دور الشرطي ويكون هذا الشرطي حسن السلوك ومتميزاً - وعلى سبيل المثال - يقوم بإرشاد أحد أفراد الأسرة في كيفية التعامل مع الطريق وقيادة سيارته وإرشاده، وأيضاً يمكن أن يقوم هذا الشرطي المفترض بدور أن يكون أمام المدرسة ويساعد الأطفال في عبور الطريق، وهذا منظر شائع جدّاً نشاهده في كثير من الدول الأوروبية أمام المدارس.

إذن تمثيل هذا الدور بواسطة أحد أفراد الأسرة أمام الأطفال سوف يجعلهم يطلعون على الأدوار الإيجابية والمحببة التي يمكن أن يقوم بها رجل الشرطة.

ثالثاً: الاستفادة من الألعاب، فيمكن أن تحضر لهم دمية في شكل شرطي ويقوم هذا الشرطي أيضاً بدور إيجابي محبب لدى الأطفال.

رابعاً: إذا كان هنالك أحد أفراد الأسرة أو أحد المقربين إلى الأسرة يعمل في الشرطة فلا مانع مطلقاً أن يحضر بزيه الرسمي إلى المنزل ويبدأ في تحفيز هؤلاء الأطفال واحتضانهم وحملهم على يديه وتقبيلهم – وهكذا – بمعنى أن يبدي لهم العطف وأن يشرح له دوره والأشياء التي يقوم بها، فعلى سبيل المثال: يمكن أن يحكي لهم قصص وحكايات توضح أدوار قام بها من أجل إنقاذ أطفال وهكذا.

هذه هي الطرق التي تساعد هؤلاء الأطفال، وبجانب ذلك يجب أن يوضح لهم أن والدهم بخير، وبالطبع نسأل الله تعالى أن يفك أسره، وإذا كان هنالك أي وسيلة أو طريقة يسمح لهم بزيارة والدهم إذا لا زال في المعتقل أو التوقيف، فسوف يكون هذا أمراً حميداً.

الذي أنصح به أيضاً ألا يناقش أمام هؤلاء الأطفال ما حدث، بل يتم تجاهله، وحتى إن تطرق له الأطفال يجب أن نوضح لهم حقيقة الأمر، وأن الشرطة عدة أنواع فيهم من هو حسن السلوك، وفيهم من هو دون ذلك، وبمعنى أنه لا يمكن أن نتجاهل ذلك التجاهل الكامل، وإذا سأل الطفل لابد أن نجيبه؛ لأن الطفل يستطيع أن يفهم ويستطيع أن يستوعب بخلاف ما نعتقد.

بعد ذلك تأتي الرعاية المختلفة لهؤلاء الأطفال وتشجيعهم وتحفيزهم وصرف انتباههم إلى ما هو إيجابي، فمن هو في عمر دخوله المدرسة يجب أن يركز على دروسه وأن نحفزه وأن نشجعهم بالطبع على الصلاة وأن يتعلموا الأدعية، ويسأل الله تعالى أن يحفظ والديه وأن يحفظه.

هذه كلها من حسن التربية وتساعد - إن شاء الله تعالى – هؤلاء الأطفال على التكيف وعلى التأقلم، ويمكن أيضاً أن تحكى لهم حكايات أطفال أصبحوا أبطالاً في المستقبل، هذا أيضاً ينزع منهم هذا الخوف.

هذه الإرشادات العامة التي سوف تساعد هؤلاء الأطفال، وجزاك الله خيراً - أخي الكريم – على اهتمامك بأمرهم، وبارك الله فيك.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً