السلام عليكم ..

عندي خوف من المواجهة مع الناس، فلو أن أحداً أصغر مني تطاول علي أخاف أن أرد عليه، ولا أعرف أن أرد حتى بالكلام، فأود أن ترشدوني على شيء يبعد الجبن عني.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن من أهم الأشياء لتكون أكثر ثقة في نفسك هو أن تعيد تقييم نفسك، فأنت وصمت نفسك بأنك جبان وأنه ليس لك قدرة على المواجهة، فأرجو أن تعيد النظر في هذه الأحكام؛ لأنها أحكام قاسية جدّاً من وجهة نظري، وإذا نظرت لما تقوم به سوف تجد أن هنالك معقولية في تفعالك مع الناس، ربما يكون هنالك نوع من الحذر أو عدم الارتياح حين تتواصل وتتفاعل مع بعض الناس ولكنها ليست لدرجة الجبن، فأنت رجل تبلغ من العمر الثامنة والعشرين، ولا أعتقد أن هنالك سبباً يجعلك تكون جباناً أو تكون خائفاً من الآخرين، فإن من أهم طرق العلاج هي أن تعيد تقييم نفسك وألا تحقر ذاتك ولا تقلل من شأنك ولابد أن تصحح من مفاهيمك حيال نفسك.

ثانياً: أدعوك بأن تعرض نفسك للخيال، فهذا يسمى بـ (العلاج السلوكي عن طريق المواجهة في الخيال)، ونعني بذلك هو: أن تحضر نفسك لجلسة مع نفسك، وهذه الجلسة يجب أن تستغرق على الأقل عشرين دقيقة يومياً لمدة أسبوعين إلى ثلاثة، وفي خلال هذه الجلسة تتأمل أنك في مواجهة عدد من الناس، وأنه يطلب منك أن تقوم بمخاطبة هذا الجمع من الناس، تخاطبهم في شكل محاضرة إرشادية في أمر اجتماعي أو أمر ديني – وهكذا - .

عش هذا الخيال بكل جدية وبكل تمعن، ويا حبذا لو قمت بتسجيل الكلام الذي سوف تلقيه على مسامع المجموعة من الناس التي يجب أن تتخيلهم جالسين أمامك، وبعد ذلك قم بالاستماع لما سجلته، كرر هذا التمرين يومياً لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ومن الأفضل أيضاً أن تغيِّر موضوع المواجهة، فاجعله في كل مرة متغيراً، ففي مرة أخرى تخيل أنه طلب منك أن تؤم الناس في المسجد، وفي المرة الثالثة تخيل أنه لديك ضيوف ولديك مناسبة كبيرة في البيت ولابد أن تستقبل فيها الناس .. وهكذا، عش هذه الخيالات العلاجية بجدية.

ثالثاً: أرجو أن تتخذ من رفقة المسجد سنداً لك، فحين تذهب إلى الصلوات الخمس وتحافظ عليها سوف تجد أن الأخوة المصلون يهتمون بك ويبحثون من أجل التعرف عليك، ومن هنا تبني صداقات قوية قائمة على المساواة وعلى الإخاء وعلى المحبة، وهذا بالطبع ينزع منك الخوف تماماً.

وأنصحك أيضاً أن تداوم على حلقة التلاوة الموجودة في المسجد، فهذه الحلقات تبعث على الطمأنينة وتسيطر على فراغات القلب التي يتسلل من خلالها الخوف وعدم الاطمئنان، فكن حريصاً على ذلك.

وبنفس المستوى أريدك أيضاً أن تمارس رياضة جماعية ككرة القدم مع بعض الأصدقاء والزملاء، فهذه الرياضات الجماعية أيضاً تزيل هذا الخوف وهذا التوتر.

يأتي بعد ذلك نوع من العلاج يسمى بـ (السيكو دراما)، وهذا يجب أن يكون تحت ملاحظة أخصائي أو مرشد نفسي، والذي نقصد بـ (السيكو دراما) أن تلعب الدور الذي تخاف منه، فهو نوع من التمثيل يقوم المعالج بتوجيه الشخص الذي يعاني من العلة ويضعه في موقف معين ثم يطلب منه التصرف الذي يتطلبه هذا الموقف.

إذن لو استعنت بأخصائي نفسي أو لو صورت هذه الفكرة لبعض أصدقائك وطلبت منهم أن تقوموا بهذه الأدوار، بمعنى أن تُوضع أنت في موقف معين يتطلب منك التصرف بشجاعة وبإقدام، هذا نوع من العلاجات المفيدة جدّاً.

أنصحك أيضاً بالانضمام لجمعيات العمل التطوعي الخيري؛ لأن هذا يبني فائدة كبيرة في النفس البشرية ويزيل عنها الهموم ويزيل عنها الشعور بالخوف ويعطي الإنسان ثقة كبيرة جدّاً.

أخيراً أقول لك: عليك أن تحقّر فكرة الخوف، وعليك أن تحقر فكرة أنك جبان، وقبل أن أختم أقول: إذا كانت الأعراض بالحدة والشدة المزعجة لك فلا مانع أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف والتي تساعد - إن شاء الله تعالى – في إعادة الثقة في النفس، أحد هذه الأدوية البسيطة والفعالة عقار يعرف تجارياً باسم (لسترال Lustral) ويعرف أيضاً تجارياً باسم (زولفت Zoloft) ويعرف علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، فيمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراما – حبة واحدة – يومياً لمدة أربعة أشهر، ويفضّل أن تتناوله ليلاً وبعد الأكل، وهو من الأدوية السليمة والفعالة جدّاً.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

لمزيد من الكلام حول العلاج السلوكي لعلاج الرهاب نودك أن تقف على هذه الاستشارات:
( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ) وكذلك علاج عدم القدرة على الحديث: (267560 - 267075 - 257722 )