الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم القدرة على التحدث أمام مجموعة من الناس وكيفية علاج ذلك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو من الله ثم منكم المساعدة.

عندي مشكلة مزمنة تقريباً ولم أعرف أنها مشكلة إلا قريباً.. كنت أظنها ضعفاً بالشخصية.

مشكلتي تتلخص بعدم القدرة على التحدث أمام مجموعة من الناس والارتباك الشديد لو قادتني الظروف لهذا الشيء، والتهرب بشتى الطرق من هذا الموقف.. فهل يوجد علاج لحالتي؟

وجزاكم الله عني كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحب الصامت حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن هذه الحالة المزمنة والتي تتلخص في أنك تفتقد المقدرة على التحدث أمام مجموعة من الناس وتصاب بالارتباك الشديد، سببها من الناحية النفسية يمكن أن يكون أحد أمرين:

إما أنك تعاني من خوف ورهاب اجتماعي لهذه المواقف المعينة.

أو أن الأمر قد بدأ معك بحادثة أدت إلى شعور بالخوف من هذه المواقف الاجتماعية ثم تحول ذلك إلى نوع من الوساوس القهرية، وهذه الوساوس جعلتك تعتقد دائماً أنك سوف ترتبك أمام الآخرين وليس لك القدرة على التخاطب والتواصل معهم.

وعموماً أياً كانت الأسباب فإن طريقة العلاج واحدة وهي ممكنة جدّاً - إن شاء الله تعالى – وطريقة العلاج تكون أولاً:

فيما يسمى بالثقة بالنفس، هو أمر نسبي والإنسان يجب أن ينظر إلى أفعاله قبل أفكاره حين يود أن يقيس ثقته بنفسه.. أنا متأكد من أنك إذا نظرت لنفسك سوف تجد أنك تنجز أشاء كثيرة جدّاً على النطاق الشخصي أو الأسري أو العملي أو المجتمعي بصفة عامة، وهذا يجب أن يكون ركيزة ودافع لئن تثق في نفسك.

كما أن درجة بسيطة من اهتزاز الثقة بالنفس لا بأس بها مطلقاً لأنها سوف تدفع الإنسان وتجعله يعمل جدياً لأن يكون مجيداً وواثقاً من نفسه، والثقة المفرطة في الذات - أو في النفس – ليس أمراً حسناً؛ لأنه يكون دليلا على الكبرياء والتكبر ويجعل الإنسان لا يتعلم ولا يستفيد من تجارب الآخرين.

فعليك أن تنظر إلى ما هو إيجابي في حياتك وسوف يقوي ذلك - إن شاء الله تعالى – من ثقتك بنفسك.

أما فيما يخص هذا الارتباك أمام الناس، فأولاً لابد أن يكون هنالك نوع من تصحيح المفاهيم، فإن الخوف الاجتماعي أو الوساوس دائماً يتصورها أصحابها بصورة مضخمة ومبالغ فيها ومجسمة، وهذا بالطبع له توابع نفسية عكسية، بمعنى أن ذلك سوف يزيد من القلق ويزيد من التوتر ويؤدي إلى مزيد من الخوف، وقد أثبتت التجارب والأبحاث العلمية المنضبطة أن الآخرين لا يقومون بمراقبة أو رصد تصرفات الشخص الذي يعتقد أنه قد أخفق في موقف اجتماعي معين، كما أنه قد تم تصوير هؤلاء الأشخاص الذين يعتقدون أنهم يخافون في المواقف الاجتماعية دون علمهم وهم في مواقف اجتماعية وبعد ذلك عرض عليهم هذا التسجيل المصور واتضح أن أداءهم كان أفضل كثيراً مما يعتقدون.

هذه يجب أن تأخذها كركيزة أساسية لتصحيح مفاهيمك حول قدرتك الاجتماعية، بمعنى أنك أفضل مما تتصور، وبمعنى أن الآخرين لا يقومون برصدك ومراقبتك.

ثالثاً: عليك أن تحقر وتتفه فكرة أنك لست مقتدراً في مواجهة الآخرين والتحدث أمامهم.

رابعاً: عليك أن تقوم بما يعرف بالعلاج السلوكي في الخيال والذي يتمثل في أن تتخيل وتتصور نفسك أنك أمام مجموعة كبيرة من الناس وتقوم بإلقاء محاضرة أو درس أو أنك قد شاركت في ندوة أو أنه لديك مناسبة اجتماعية كبيرة ومطلوب منك أن تقابل وتستقبل الزوار.. تخيل هذا الموقف بكل تفاصيله وبكل دقة، ويجب أن تستمر في هذا الخيال لمدة عشرين دقيقة بصفة يومية، ويا حبذا لو غيرت كل يوم محتوى الخيال وطبيعة المناسبة التي تتخيلها.. فإن هذا قد وجد أنه علاجٌ مفيدٌ إذا طبق تطبيقاً صحيحاً.

أيضاً عليك أن تحضر دائماً موضوعاً معيناً حين تذهب لمقابلة الأشخاص، فحين يكون لديك الإلمام والمعرفة الدقيقة لموضوع ما فإن هذا سوف يسهل عليك بالطبع التحدث فيه.

عليك أيضاً أن تنظر إلى الناس في وجوههم، فلا تتجنب هذا الأمر – هذا أمر ضروري جدّاً – ادفع نفسك نحو هذه التمارين البسيطة وهي ليست صعبة أبداً.

يمكنك أيضاً أن تتحدث مع موجوعة من أصدقائك المقربين منك جدّاً وتحاول أن تكون أنت المسيطر على الموقف، ولا مانع أن تخبرهم بأنك تقوم بتمارين علاجية لمواجهة هذا الخوف، بمعنى أن تقدم أمامهم حديثاً أو تذكر أي نوع من الحوار المستفيض معهم، فهذه أيضاً طريقة جيدة ويمكنك أيضاً تطبيق ذلك مع أهل بيتك.

يأتي بعد ذلك العلاج السلوكي الاجتماعي، وهو يتمثل في ممارسة الرياضة الجماعية مع أي مجموعة من الناس خاصة رياضة كرة القدم، ففيها نوع من التفاعل الإرادي واللاإرادي والذي من خلاله يجد الإنسان نفسه أنه يخاطب مجموعة من يلعب معهم دون أي رهبة.

يأتي بعد ذلك العلاج الجماعي المتميز وهو حضور حلقات التلاوة، فإن حضور حلقات التلاوة والمشاركة فيها ربما يشعر الإنسان في أول الأمر بشيء من الرهبة والخوف، ولكن يعرف تماماً أن هذه المجالس وهذه الحلقات هي قمة الطمأنينة وقمة الراحة النفسية، فأرجو أن تدفع نفسك نحو حضور هذه الحلقات وهذا فيه علاج كبير جدّاً لمثل حالتك وفيه أيضاً الأجر والثواب.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي والذي يوجد منه عدة أدوية مفيدة جدّاً في علاج مثل حالتك، فهنالك عقار يعرف باسم (زيروكسات) أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام – نصف حبة – لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة وتستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم – يمكن أن تتناول حبة في الصباح وحبة في المساء ويفضل تناولها بعد الأكل- واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك ابدأ في تخفيض هذا الدواء بمعدل نصف حبة كل شهرين، ثم يمكنك التوقف عن تناوله.

هذا الدواء من الأدوية المتميزة والسليمة جدّاً لعلاج الرهاب والخوف الاجتماعي وكذلك الوساوس القهرية.

إذن أرجو تناول هذا الدواء بالصورة التي وصفتها لك واتباع هذه الإرشادات السلوكية وهي إرشادات سلوكية بسيطة ولكنها فقط تتطلب الالتزام، وإن شاء الله تعالى سوف تجد أن أعراض الخوف والرهبة والوساوس قد اختفت تماماً - بإذن الله تعالى -.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين عادل

    جزاك الله خيرا

  • رومانيا Mostafa

    شكرا جزيلا والله عندي نفس المشكله واكتر

  • اليمن عبدالله الاحمدي

    والله ماشاالله اناعندماقراتها احس انه ذهب مني الخوف قبل ما اطبقها

  • نور

    جازاكم الله خيرا
    اعاني من نفس المشكلة وان شاء الله أبدأ في تنفيذ هذه النصائح

  • الجزائر شيماء

    شكرا لكم وجزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً