الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشاد لداع يرى الإجابة بعكس ما يريد

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد دعوت الله في أشياء كثيرة وأرى الاستجابة عكس ما أريد، فمثلاً: دعوت الله أن يبعد الشر عن إنسان ما أو ينصرني في موقف ما، ولكني أجد عكس ما دعوت به، فلماذا يحدث عكس ما أدعو به؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فقد مدح الإمام ابن الجوزي رحمه الله رجالا من سلف الأمة حيث قال: (كانوا يسألون الله، فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول لها: مثلك لا يجاب، أو لعل المصلحة في أن لا أجاب).

والجانب الهام في ذلك أنهم كانوا يراجعون أنفسهم ثم يكررون اللجوء إلى من يجيب من دعاه، ويوقنون أن الدعاء سلاح، وأن السلاح بضاربه، والإنسان لا يحمل هم الإجابة ولكن يحمل هم السؤال، والمؤمن لا يتوقف عن الدعاء لأنه رابح في كل الأحوال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها).

كما أن الدعاء والقضاء يعتلجان بين السماء والأرض، فإذا كان الداعي ضعيفاً غلب القضاء الدعاء وترك البلاء مع شيء من التخفيف، وإن كان الدعاء على قدر القضاء النازل ظلا يعتلجان ويتدافعان بين السماء والأرض، وإذا كان الدعاء بيقين وثقة وتوافرت فيه كافة الشروط دفع الله بالدعاء البلاء بإذنه وحوله سبحانه.

ولذلك فنحن ندعوك إلى مواصلة الدعاء والرضا التام بما يقدره خالق الأرض والسماء، واعلم بأن الإنسان لا يدري أين يكون الخير، وربما كان الشر الذي سوف ينزل بك أكبر لولا هذا التوجه إلى الله.

ونحن نتمنى أن تختفي هذه المشاعر من نفسك، ونوصيك بأن تكثر من ذكر الله ومن قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ولا تنس التعوذ بالله من الشيطان الذي همه أن يحزن أهل الإيمان، وتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، وما لم يستعجل، قيل: وكيف الاستعجال؟ قال: يقول دعوت ودعوت فلم يستجب لي، فيتحسر عند ذلك ويترك الدعاء).

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بمواصلة اللجوء إلى الله، وأرجو أن تكثري من الاستغفار ومن الصلاة والسلام على رسولنا المختار، وعليك ببر والديك وصلة رحمك والإحسان للمحتاج والجار ليكون في حاجتك الواحد القهار، ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يحشرك مع الأبرار، وأن يجمعنا وإياك مع رسولنا المختار وصحبة الأبرار.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً