الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التداخل بين الاكتئاب والرهاب الاجتماعي

السؤال

مشكلتي متشعبة وأتمنى أن أجد حلاً لها عندك.

مشكلتي باختصار أني أخجل كثيراً من جميع الناس..لا أستطيع أن أكون علاقات اجتماعية بسهولة.

وبت فريسة للصمت في العديد من المواقف، ومع هذا أحب الناس وأحب التواجد معهم.

وما يزعجني أكثر أني أصبحت أحدث نفسي كثيراً، أفقد التركيز أحياناً مع من أحدثهم فقد أنطق بشكل لا إرادي بكلمات خارجة عن الموضوع، فأحرج جداً! برمجت نفسي سلبياً ففقدت ثقتي بنفسي تدريجياً وأصبحت ألوم نفسي كثيراً، تغيرت تماماً فقد كنت نشيطة واجتماعية.

أشعر بالحزن الشديد، لم يعد شيء يفرحني حتى إني أكتفي بابتسامة حزينة في المواقف التي تستدعي الضحك الشديد...وجهني أرشدني ساعدني، فقد تعبت ولولا الأمل وإيماني بالله لقتلت نفسي.

بالإضافة إلى عدم القدرة على التكيف مع الأحداث بالأخص وفاة أخي فجأة، وأزمات نفسية ومشاكل لم تحل سابقاً، ولأني أنام جداً أبكي لوحدي ونادراً ما أشكو لأحد.

مع العلم أني من خمسة شهور تأتيني حالة، وهي تسارع في دقات القلب وضيق في التنفس والإحساس بالاختناق، وألم بالصدر واليدين وبرودة بالجسم وإغماء.. طبعاً هذه أول مرة بعد وفاة أخي، وعملت فحوصات طبية وتخطيطاً للقلب والحمد لله كل شيء سليم، وإلى الآن حصلت معي 5 مرات، وآخر مرة منذ أسبوع، بالإضافة إلى فقدان الشهية بشكل كبير، وزني سابقاً 50 ، الآن وصل 35 وطولي 145
وألجأ كثيراً إلى النوم! وأحياناً وأنا نائمة أجد صعوبة في التنفس.
أرجو مساعدتي يا دكتور.

دكتور: أريدك أن تجيبني على بعض من الأسئلة والاستفسارات عن الطب النفسي إذا تفضلت.

1/هل الاكتئاب الشديد من مضاعفاته إن لم يعالج الانهيار العصبي أو الجنون؟

2/هل هناك تداخل بين الاكتئاب والرهاب الاجتماعي؟ وأي منهما يؤدي إلى الآخر؟وهل هذا ما أعاني منه؟

3/ما الوسائل التي يستخدمها المعالج النفسي لإجبار الإنسان الخجول على الكلام؟ أرجو الرد على هذا السؤال المهم يعني لي الكثير .

أشكرك على الاستماع لي وأنتظر نصحك، لربما أجد الدواء الشافي عندك، فلا تخذلني، فأنا بحاجة ماسة لمساعدتك.
أفدني جزاك الله عني كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زمردة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

ما ورد في رسالتك يشير إلى أنك إنسانة حساسة وأنك عاطفية وأنك وجدانية، وفوق ذلك ربما تكوني عرضة لبعض الوساوس البسيطة، ولقد مرت بك أحداث حياتية واضحة من وفاة أخيك نسأل الله تعالى له المغفرة والرحمة.

أنا لا أعتقد أنك خجولة بمعنى الخجل، ولكن أنت أنثى فيك حياء، بعد ذلك يأتيك هذا القلق أو ما نسميه بالقلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي، والذي جعلك تحسين بالحرج وعدم الانطلاقة في بعض المواقف الاجتماعية مما جعلك لا تثقين في نفسك.

أما النوبات التي حدثت لك خمس مرات فهي تسمى بنوبات الهرع وهذه الأشياء كلها مرتبطة مع بعضها البعض أي الخجل، والقلق يؤدي إلى شيء من الخوف الاجتماعي بعد ذلك قد يتحول إلى ما يعرف بنوبات الهلع ثم يأتي عسر المزاج أو الاكتئاب البسيط أو الذي جعلك تستشعرين هذا الفكر السوداوي حيث ذكرت أنك تفكرين في قتل نفسك وهذا شعور مؤلم، ولكن أنت الحمد لله على بصيرة وعلى بينة وأن قتل النفس حرام قطعاً وإن شاء الله لن تصل بك الأمور إلى مثل هذا التفكير، وفقدان الشهية وقلة الوزن كلها من أعراض الاكتئاب الثانوي.

والذي أرجو منك أولاً أن تطوري من مهاراتك الاجتماعية حاولي دائماً أن يكون لك حضور في أي مواقف اجتماعية ابدئي بأصدقائك وأهلك حين تتكلمين إليهم دائماً انظري إليهم في وجوههم وارفعي رأسك.

كوني لك موضوعاً معيناً أنت حضرته وتودين أن تناقشيه وتطرحينه للآخرين، وتعتبر هذه الأمور بسيطة ولكنها مهمة جداً، ولا تستعملي اللغة الجسدية أي لا تستعملي يديك حين تتكلمين.

هذا ضروري جداً يأتي بعد ذلك ضعف خيالك أن هؤلاء الناس الذين تجدين الرهبة في حضورهم هم ليسوا أحسن منك مطلقاً هم بشر ولحم ودم ينامون ويأكلون وهكذا: أي أرجعي الناس الذين تأتيك الرهبة في وجودهم إلى إنسانيتهم الأصلية، هذا نوع من التغير الفكري والمعرفية، قومي بعد ذلك بإجراء جلسات مع نفسك بأن تقومي بتسجيل موضوع في جهاز التسجيل وبعد ذلك استمعي إلى ما قمت بتسجيله، وتصوري أنك تخاطبين مجموعة كبيرة من الناس يأتي بعد ذلك ممارسة التمارين وهذا يقوي من مشاعرك الشعورية التي سوف تسهل عليك التمازج مع الناس، حاولي أن تحضري حلقات التلاوة فهي أمر عظيم وهذه الحلقات هي مبعث للطمأنينة وتقوية الشخصية وإزالة الخجل، وأعرف أن الكثير قد استفاد منها فأختي هذه كلها تمارين ضرورية.

تأتي بعد ذلك تمارين الاسترخاء ويجب أن تجعليها منهجاً حياتياً وخاصة تمارين التنفس خلال هذه التمارين (اجلسي في مكان هادئ تأمّلي في أمر طيب، ولا بأس أن تستمعي إلى أحد المقرئين من شريط من القرآن الكريم بصوت خافض أغمضي عينيك وافتحي فمك قليلاً ثم بعد ذلك خذي نفساً عميقاً وبطيئاً حتى يمتلئ الصدر وترتفع البطن قليلاً ثم بعد ذلك أمسكي على الهواء وبعد ذلك أخرجي الهواء وذلك بنفس القوة وبنفس البطء، كرري هذا التمرين ست مرات في كل جلسة بمعدل مرتين في اليوم وهذه تمارين مفيدة جداً إذا طبقها الإنسان بصورة دقيقة.

وتأتي بعد ذلك الأدوية العلاجية وهي ممتازة جداً وأنت في نظري بحاجة إلى ذلك لأن إحدى نظريات القلق والخوف الاكتئاب هو أنه يحدث اضطراب كيميائي بسيط في بعض مناطق المخ تسمى الموصلات العصبية ولذا لابد أن نعوض هذا النقص أو عدم الانتظام بأحد الأدوية الحديثة الأدوية الجيدة الممتازة الغير إدمانية والدواء الذي يناسب حالتك هو العقار الذي يعرف باسم سبراليكس أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة 10 ملم ليلاً لمدة أسبوعين ثم ارفع الجرعة إلى 20 ملم ليلاً لمدة ستة أشهر ثم بعد ذلك خفضها إلى 10 ملم ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى.
إذن هذه جرعة البداية وجرعة العلاج وجرعة الوقاية وهو كما ذكرت يعتبر من أفضل الأدوية وسوف تستفيد منه كثيراً.

بالنسبة للجزء الثاني
السؤال: هل الاكتئاب الشديد من مضاعفاته إن لم يعالج الانهيار العصبي أو الجنون؟
لم أستوعب السؤال جيداً ولكن أود أن أقول لك فيما فهمت، وأؤكد لك لا علاقة بين الجنون والاكتئاب النفسي، والانهيار العصبي هو نوع من القلق الحاد والاكتئاب النفسي هو اضطراب وجداني، أما الجنون فهو خلل رئيس في الأعصاب ويؤدي إلى اضطرابات في التفكير واضطرابات في السلوك وتوجد هلاوس ووساوس وظنون وهكذا.

أما الاكتئاب فهو عسر شديد في المزاج له مكوناته النفسية ومكوناته البيولوجية، أما الانهيار العصبي فهو يكون ناتجاً لرد فعل حدث للإنسان كحدث حياتي كبير ويكون الإنسان لديه الاستعداد أصلاً للقلق والتوتر.

السؤال: هل هناك تداخل بين الاكتئاب والرهاب الاجتماعي؟ وأي منهما يؤدي إلى الآخر؟ وهل هذا ما أعاني منه؟

نعم يوجد تداخل بين الاكتئاب والرهاب الاجتماعي. و60% من مرض الرهاب الاجتماعي يعانون من اكتئاب نفسي بمعنى أنه في الغالب الرهاب الاجتماعي هو الذي يؤدي إلى الاكتئاب النفسي.

أنت تعانين من قلق المخاوف وقلق الرهاب والهرع ثم بعد ذلك أتى الاكتئاب النفسي وهو إن شاء الله بدرجة بسيطة.

السؤال الثالث: ما الوسائل التي يستخدمها المعالج النفسي لإجبار الإنسان الخجول على الكلام؟

ليس هنالك وسائل لإجبار الإنسان الخجول على الكلام ولكن المعالج النفسي يحاول أن يستمع إلى الإنسان ويحاول أن يتدارسه وأن يستكشفه يحاول أن يبني علاقة علاجية تقوم على الثقة وعلى المحبة وعلى القبول وعلى الاحترام وهذا مهم .

ثم بعد ذلك يأتي الإرشاد النفسي والإرشاد التطبيقي، والإرشاد النفسي بأن يعلمه المهارات الاجتماعية والمهارات الاجتماعية المعروفة والمهارات البسيطة كيف يقابل الآخرين؟ وكيف يستعمل اللغة الحركية؟ وكيف يستعمل اللغة اللفظية؟ كل هذه التمارين مهمة جداً وكذلك يعيد الثقة له ومن همته وإعطائه واجبات منزلية للتطبيق، وكذلك أخذه للأماكن العامة وهكذا.

إذن هي ليست علاقة تقوم على الإجبار وإنما هي علاقة تقوم على التحاور والمحبة والإقناع التواصل.

وختاماً أرجو أن أتقدم لك بفائق الشكر، وأسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.

لمزيد من الفائدة يرجى مراجعة التالي:

علاج ضعف الثقة سلوكياً : ( 263699 - 265028 - 265626- 266692 )، والرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ) والاكتئاب: ( 237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121 ).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً