الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس عقدية وكيفية التخلص منها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
انتابتني حالة غريبة منذ فترة وأنا أحاول أن أتخلص منها، ولكن دون جدوى، ولا أعرف سبب هذه الحالة! هل هي أعراض اكتئاب أم وسوسة من الشيطان؟ أرجو إفادتي في كيف أتخلص منها؟

أنا إنسانة متدينة وأراقب الله في كل تصرفاتي وأحاسب على أوقات الصلاة والعبادة لدرجة أنني مرتاحة جداً من وضعي.

جأة أصبحت مهزوزة في عقيدتي، وهناك في مخي أسئلة متلخبطة عن الله، وأنا أسأل ومخي يجيبني، والأسئله متلاحقة حتى بدأت أتضايق من نفسي وتعتريني حالة من النرفزة وبدأت تنبثق في مخي ومن غير سابق أفكار شتم وسباب تتزامن مع ذكر الله والرسول ( صلى الله عليه وسلم) والصحابة، وأنا لا أعلم ماذا جرى لي، وكيف أصبح تفكيري مشوشاً لهذا الحد! هل هذا راجع إلى كثرة الزهد والتدين أم هي قلة الفيتامينات؟

أرجو إرشادي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرجو وأؤكد لك أن هذه وساوس قهرية ولا شك في ذلك، والوساوس القهرية قد تكون فكرة متصلة تزعج الإنسان كثيراً وتسبب له الكثير من الضيق، وهي مؤلمة نفسياً لأنها تتصادم مع الضمير وتتصادم مع قيم الإنسان وتتصادم مع معتقداته وهذه -أختي الكريمة- وساوس قهرية، ودائماً الوساوس القهرية تكون مرتبطة ببيئة الإنسان وبعقيدته في كثير من الأحيان.

إن شاء الله تعالى هي علامة على صدق إيمانك ولا تدل مطلقاً على ضعف شخصيتك أو أن هنالك خللاً في إيمانك أبدأً، فهي إن شاء الله من صميم الإيمان.

فيما يخص تدخلات الشيطان، فالشيطان يتدخل بلا شك في ذلك وعلينا أن نكون حريصين دائماً برده وهزيمته، والله قد جعل كيد الشيطان ضعيفاً، والحمد لله على ذلك.

الوساوس من هذا النوع لها تفسيرات عديدة هنالك من يعتقد أنها ناتجة من فكرة بسيطة التصقت لدى الإنسان ثم تضخمت وتجسمت وأصبحت بعد ذلك متصادمة مع ضميره.

هنالك من يرى ربما تكون للتنشئة الأولى دخل لذلك ولكن هذه النظرية ضعيفة في نظري، النظرية الأقوى والتي يمكن الاعتداد بها الآن هي أن بعض الأشخاص لديهم الاستعداد للوساوس القهرية وهذا الاستعداد بسبب تغيرات كيميائية في داخل الدماغ وهنالك مادة تسمى باسم سيرتونين يمكن أن تتأثر بمعنى أن إفرازها قد يقل أو قد يكون هناك عدم انتظام في الإفراز وهذا يؤدي إلى هذه الظاهرة من الوساوس القهرية.

أختي الكريمة! نصيحتي لك هو أن تتجاهلي هذه الأفكار وأن تحقيرها تحقيراً تاماً، وأن تدخلي على نفسك أفكاراً مضادة للفكرة الوسواسية وتقومي بترديد الفكرة المضادة فهذا إن شاء الله سوف يساعدك كثيراً، وهنالك وسيلة سلوكية وهي أن تدخلي على نفسك شعوراً أو استشعاراً مخالفاً، على سبيل المثال حين تأتيك هذه الفكرة الوسواسية، عن الذات الإلهية أو عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة قومي بالضرب على يديك بقوة وشدة على جسم صلب حتى تحسين بالأم، الفكرة العلمية هنا هي أن يرتبط هذا الألم بالفكرة الوسواسية وبتكرار الضرب على اليد وإدخال الألم سوف تضعف الفكرة الوسواسية، وأحسن من ذلك أن ترفعي صوتك بالتكبير إذا كان ذلك ممكناً، وهذا ما يسمى بفك الارتباط الشرطي.

أختي الكريمة الآن توجد بشرى كبيرة جداً لعلاج الوساوس القهرية وهي أن هنالك مجموعة من الأدوية السليمة وغير إدمانية وتتميز بفعالية قوية في علاج هذه الوساوس..هنالك أربعة أو خمسة أدوية منها عقار (فافرين – بروزاك – يزوكسات –زولفت- سبراليكس) أرى أن العلاج الأفضل لحالتك هو العلاج الذي يعرف باسم بروزاك، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة أسبوعين ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم..يمكن أن تؤخذ كجرعة واحدة في الصباح والمساء واستمري على هذه الجرعة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى ثلاث كبسولات في اليوم وهي الجرعة المطلوبة (كبسولة في الصباح، وكبسولتان في المساء).

أفضل أن يكون تناول الدواء بعد الأكل واستمري على جرعة ثلاث كبسولات من البروزاك 60 ملم في اليوم لمدة ثلاثة أشهر ثم بعد ذلك ابدئي في تخفيض الجرعة بمعدل كبسولة واحدة كل ستة أشهر وهذه هي الجرعة الوقائية والتي من المفترض أن تستغرق معك سنة ونصف وهذه ليست مدة طويلة أبدأً.
كما ذكرت لك هذا الدواء سليم ودواء فعال وإن شاء الله بجانب العلاج السلوكي وبجانب التعوذ من الشيطان الرجيم ستجدي نفسك في صحة نفسية جيدة.

عليك -أختي الكريمة- أن لا تحسي بالذنب ولا تلومي نفسك حول هذه الأفكار أبداً وإن شاء الله هي من صميم الإيمان.

الشيء الآخر أرجو أن لا تبعدك هذه الوساوس عن القيام بواجباتك المنزلية وواجبات الأسرية والتواصل مع الآخرين، عيشي حياتك بصورة طبيعية وفعالة وهذا إن شاء الله أيضاً له آثره الإيجابي في المحصلة العامة للعلاج النفسي.

أسأل الله لك الشفاء وبالله التوفيق والسداد.
---------------
انتهت إجابة المستشار ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول كيفية علاج وساوس العقيدة سلوكياً : ( 244914 - 260030 - 263422 - 259593 - 260447 - 265121 ).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السودان تسابيح

    كلام جميل جدا واتمني ان نستفيد منه جميعا

  • أمريكا محمد

    السلام عليكم ورحمه الله انصحكم بلقرآن تلاوة وذكر الله سبحانه وتعالى

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً