الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حسن الظن بالله لا يتعارض مع عدم الأمن من مكر الله

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كيف يتفق القول: بأن من واجب المؤمن أن يحسن الظن بالله عز وجل، مع القول بأنه يجب عليه أيضاً أن لا يأمن مكر الله؟!
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جيهان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن حسن الظن بالله مرتبط بحسن العمل، كما قال الحسن البصري: (لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل)، ورحمة الله قريب من المحسنين، وهو سبحانه الرحمن الرحيم الذي يفرح بتوبة عبده، قال تعالى: (( فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ))[الأعراف:156]، ولكنك ستوافقنا بأنه ليس من حق المصر على الإساءة أن يتوقع الخير أو يأمن من مكر الله، بل إن الأمن من مكر الله رغم الإساءة من صفات المنافقين الذين جمعوا تقصيراً وأمنا، بخلاف أهل الإيمان الذين يحسنون ويخافون من عدم القبول، وقد وصفهم الله تعالى فقال: (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ))[المؤمنون:60]، قالت عائشة: يا رسول الله أهم الذي يصلون ويصومون ويسرقون ويزنون؟ قال: (لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويخافون أن لا يتقبل منهم).

وأرجو أن يكون واضحاً للجميع أن المؤمن يتقلب بين الخوف والرجاء، وهما كالجناحين للطائر، ولا يستغني الطائر عن أحد جناحيه، ولكن من الخير للإنسان أن يغلب جرعة الخوف في أيام العافية؛ لأن (من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل) ولكن إذا حضرت اللحظات الأخيرة فعليه أن يغلب جانب الرجاء ويطمع في مغفرة من رفع السماء، ويحسن الظن بالله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن)، وخير للإنسان أن يخاف ثم يأمن، والخسارة على من أمّن نفسه ثم وقع عليه الخوف بتقصيره، فجنة الله تنال بالفضل، ونار الله يدخلها المخذولون بالعدل.

وكم أنا سعيد بهذا السؤال وأرجو أن يكون قد اتضح لك المقال، ونسأل الله أن يصلح لنا ولك الأحوال، وأن يشغلنا بطاعته إنه العظيم ذو الجلال.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، واعلمي بأنه لا تعارض في الأمر، ونسأل الله أن يفقهنا وإياك في الدين، واعلمي بأن الذي نهى عن الأمن من مكر الله هو الذي أمر بعدم اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله، والفقيه هو الذي ينظر في النصوص مجتمعة حتى يخلص إلى الحق والصواب.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً