الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عودة الوساوس القهرية بعد الشفاء منها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على ما تقدمونه من مشورة لأصحاب الأمراض النفسية الذين هم في أمس الحاجة لها، فجزاكم الله فيضا من رحمته في الدنيا والآخرة، وجعلكم سعداء في الدارين.

كتبت إليكم منذ حوالي عامين أشكو من الوسواس القهري الذي يتعلق بالأفكار القبيحة عن العقيدة، وقد أشرتم علي بالفافرين، وكان ولله الحمد بلسما وتحسنت حالتي، وقد واظبت على العلاج الوقائي حتى الآن، ومنذ حوالي شهر رجعت إلي الوسواس مرة أخرى، وأشار إلي أحد الإخوة أن أجرب الزولفت، علماً بأنني تعاطيت قبل الفافرين البروزاك والسبراليكس، ولم أجد فيهم العلاج الشافي والآن توقفت عن تعاطي أي دواء.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضى.

الوساوس المتعلقة بالعقيدة منتشرة، وهي بإذن الله تعالى دليل على إيمان وخيرية هذه الأمة، وأنت تعلم أن خط العلاج الأول هو أن يتجاهل الإنسان هذه الأفكار، وأن يقاومها بقدر ما يستطيع، وأن يحقرها، ويحاول أن يدخل على نفسه وفكره أفكاراً مخالفة، فهذا يعتبر من وسائل العلاج الطيبة ويستغرق وقتاً، وفي نهاية الأمر يفيد الإنسان كثيراً.

ولا تنزعج لرجوع هذه الوساوس؛ لأن الوساوس من طبيعتها أنها ربما تعاود الإنسان من فترة لأخرى، ولكن حين تحدث هذه الانتكاسات البسيطة يكون مستوى القلق أقل من النوبات الأولى؛ لأنه يكون قد تفهم الحالة وطبيعتها والطرق التي يستطيع أن يقاوم بها، وأنت بفضل الله تعالى لديك تجارب إيجابية وهي أن حالتك قد تحسنت تماماً على العلاج، وهذا يدل أن استجابتك في هذه المرة تكون جيدة وممتازة، وهذه بشرى طيبة.

وأما الأدوية ومنها الفافرين والبروزاك والسبراليكس وحتى الزيروكسات فكل التجارب والأبحاث العلمية تشير إلى أنها مفيدة لعلاج الوساوس القهرية، ولكن هناك تفاوت في استجابات الناس لها، فأنت قد وافقك الفافرين، والفافرين في نظري من الأدوية الجيدة والممتازة، ولكن في بعض الحالات لابد أن يصل الإنسان بالجرعة إلى (300) مليجرام في اليوم، وهي تعتبر الجرعة الفعالة.

وأما بالنسبة للزولفت، فأؤيد تماماً ما نصحك به هذا الأخ لأن الزولفت دواء متميز في علاج الوساوس القهرية، والأبحاث تشير إلى ذلك بكل دقة ووضوح، ولكن أيضاً الجرعة الفعالة يجب أن تكون (100) إلى (50) مليجرام في اليوم، وجرعة البداية هي: حبة واحدة من فئة 50 مليجرام ثم بعد ذلك ترفع الجرعة 100 مليجرام، ويفضل أن يكون ذلك بعد أسبوعين، وبعد أسبوعين من رفع الجرعة إلى 100 مليجرام ترفع الجرعة 150 مليجرام، وهذه هي الجرعة العلاجية ويفضل أن يستمر عليها الإنسان إلى فترة شهرين إلى ثلاثة أشهر على الأقل، ثم بعد ذلك يمكن أن يخفض الجرعة إلى (100) مليجرام بعد أن يستشعر التحسن، ويستمر على (100) مليجرام لمدة لا تقل عن تسعة أشهر، وبعد أن تستقر الحالة يمكن أن يخفض الجرعة إلى (50) مليجرام فقط، وهذه هي الجرعة الوقائية في مثل حالتك، ويجب الاستمرار عليها لفترات أطول حتى لو امتد ذلك إلى سنتين أو ثلاث سنوات، ولا تنزعج لذلك، وإذا أردت أن ترجع إلى الفافرين فلا بأس في ذلك بشرط أن تصل إلى جرعة (300) مليجرام، وإذا أردت أن تبدأ بالزولفت أيضاً فهو أفضل لك.

وعليك بالمقاومة، وعليك أن لا تحبط أبداً، فهذه الوساوس إن شاء الله تعالى هي دليل على الإيمان. نسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً