الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشعور بعدم الثقة بسبب البطالة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر بالفشل وأني غير موفق في حياتي وأن الظروف دائماً تقف ضدي، وعندما كنت في الثانوية كنت أطمح أن أكون مهندسا، ولكني لم أحقق تلك الأمنية إلا بعد أن رسبت سنتين في الثانوية ودخلت كلية الهندسة، ورسبت فيها سنة رغم أني كنت أذاكر بجد.

وبعد أن تخرجت منها ظللت عامين أبحث عن عمل فلم أجد فسافرت للخليج، وهناك قابلت مشكلة مع كفيلي لم يكن لي فيها ذنب، فظللت مطارداً ووضعي غير شرعي لمدة عامين، ولكني كنت أعمل، ورجعت بلدي لأتزوج، وفي يوم عرسي توفيت زوجة أخي ورجعت للخليج مرة أخرى، وأظلمت الدنيا في وجهي حيث لم أجد ما كنت أطمح إليه، على الرغم من أني أملك من الكفاءة الفنية ما يؤهلني للعمل في مكان محترم، وأشعر أني فقدت الثقة في نفسي، وأعاني من الخجل الشديد، وأشعر بأني أقل من رفقائي، فماذا أفعل؟ وما هذه الحالة؟!

أفيدوني وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ H حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن تأخر وجود العمل أو قلة الراتب الذي تحصلت عليه ليس فيه ما يدعو للخجل، وليس مقياس التفاضل بين الناس بوظائفهم أو بشهاداتهم، ولكن بتقواهم لله، فاحرص على أن تتقي الله في سرك وجهرك، واعلم أن الله وعد المتقين بتيسير أمورهم، قال سبحانه: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ))[الطلاق:4]، وقال سبحانه وهو يبشر المتقين بالرزق: (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3].

وأرجو أن تعلم أن الإنسان يستفيد جداً من تجاربه رغم مرارتها، وأن السعيد هو الذي يرضى بقضاء الله وقدره، ويجتهد في التعرف على ما أولاه الله من نعم، فإن الله مقسم، فهذا أُعطي وظيفة جيدة ولكنه حرم العافية، وهذا رزق بزوجة تقية لكنه حرم الولد، وثالث رزق عافية في بدنه ولكنه حرم من العمل، فاجتهد في التعرف على ما أولاك ربك، واطلب بشكرك له المزيد، فقد قال في كتابه المجيد: (( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ))[إبراهيم:7].

وإذا نظر الإنسان إلى مصائب الناس حوله هانت عليه مصائبه، وقد وجهنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بأن ننظر إلى من هم دوننا ولا ننظر إلى من هم فوقنا حتى لا نحتقر ونزدري نعمة الله علينا، وأما في أمر الدين فإننا ننظر إلى من هم فوقنا حتى نتأسى بهم ونتشبه بهم.

ولست أدري كيف يفقد الثقة بنفسه من استطاع أن ينجح ويسافر ويصر على الظروف الصعبة! وكيف يخجل من أدى ما عليه من السعي والبحث! وهل على المسلم إلا أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب.

ولا يخفى على أمثالك أن رضى الناس غاية لا تدرك، وأن العاقل يجتهد في إرضاء ربه، وسوف يرضي الله عنه الناس، واعلم أن الجميع في اختبار، وأن الجنة تنال بالشكر كما أنها تنال بالصبر، وفي الختام ننصحك كما يلي:-

1- كثرة اللجوء إلى الله.

2- إظهار الرضى بقضاء الله وقدره.

3- مواصلة البحث عن الوضع الأفضل.

4- البعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها، فإن العاقل لا ينظر إلى صغر الخطيئة ولكنه ينظر إلى عظمة من يعصيه، وقد يحرم الإنسان الرزق بالذنب يصيبه.

5- أكثر من الاستغفار فإنه مفتاح للأرزاق، كما أن الاستقامة سبيل إلى كل خير.

6- احرص على بر والديك وصلة رحمك فإن ذلك بركة في الأرزاق.

7- ثق بربك وتوكل على خالقك.

8- أعلم أن الذي يخجل هو الذي لا يتحرك ولا يبحث عن العمل، وأنه لا مكان للخجل عند أمثالك من أصحاب الهمم العالية.

وفي الختام هذه وصيتي لك بتقوى الله، وأرجو أن أعلن لك إعجابي بهمتك وبالروح التي دفعتك للكتابة إلينا، وأرجو أن تعلم أن كثيراً من الناجحين تعثروا في حياتهم ثم تحقق لهم ما أرادوا، ولابد لمكثر القرع للأبواب أن يلج، وهذا في حق كل إنسان فيكف بأهل الإيمان والخير الذين أرجو أن نكون جميعاً منهم، ونسأل الله لك كل توفيق وسداد وثبات.

وبالله التوفيق.
--------------------------------------
انتهت إجابة الدكتور ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول كيفية تنمية الثقة بالنفس: ( 263699 - 265028 - 265626- 266692 )، والقضاء على الخجل: ( 267019 - 1193 - 226256 ).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً