الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا طالبة أدرس في معهد تكاد تنعدم فيه قيم الدين الإسلامي، فأغلب الطالبات غير محجبات، ويتصرفن بتصرفات بعيدة عن ديننا الحنيف، وبما أنني محجبة أصبحت أتضجر من تصرفاتهم غير الأخلاقية، وأنا أعاني من بعض التهميش منهم، وهذا لأنني محجبة، فيعتبرونني ربما متخلفة، وهذا ما يشعرني باليأس، وعندما أفتح معهم أموراً دينية يغادرون ويرفضون مجالستي.

فبماذا تنصحني؟ وكيف أتعامل معهم، مع العلم أنهم أبناء مسؤولين كبار؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا ننصحك بالحرص على دعوتهن إلى الخير، ويفضل أن تكون البداية بطريقة فردية، وحاولي أن توجهي نصائحك إلى من تظنين فيها الخير، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته، حيث دعا الصديق، وقام الصديق بدوره بدعوة ابن عفان وابن عوف وأبو عبيدة، وظلت دائرة النور والهداية تتسع.

وأرجو أن تعلمي أن الدعوة الجماعية يحصل فيها التشويش، وقد تؤثر الشقية الواحدة على زميلاتها، وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته لأهله أن يتفادى وجود أبو لهب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جمع الأعمام والعمات وعرض عليهم دعوته، فقال أبو لهب: أمسكوا على يديه؛ فإنه لا طاقة لكم بمحاربة قريش، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يتكلم بكلمة، ثم دعاهم مرة أخرى ولم يدع الشقي أبا لهب، ثم عرض نفسه فاستجاب عدد من عدد من عماته.

وعليك أن تبحثي عن الأقرب إلى قبول الحق، فإن الذين يرفضون دعوة الحق فيهم عيوب ونقائص وأهواء تمنعهم من الاستجابة للحق والخير.

وأرجو أن تكون بداية دعوتك بالحرص على ترسيخ الإيمان؛ فأنت مثل الطبيبة الناجحة التي إذا جاءتها مريضة لديها أكثر من مرض بدأت بعلاج الأخطر، ولاطفت المريضة وأظهرت لها الشفقة والعطف، ولا يخفى عليك أن هناك أمراضاً مثل الصراع أو ارتفاع حرارة الجسم تكون في الغالب مؤشراً لاضطرابات في الجسم، وهي بذلك دليل على وجود مرض السبب وراء ذلك، والصواب أن يبدأ الطبيب ببتر الداء من أصله.

وليس هناك داع لليأس، فما عليك إلا البلاغ والنصح ولا تستعجلي النتائج، واعلمي أن الهداية بيد الله وحده سبحانه، وما عليك إلا الإخلاص والصدق في دعوتهن ونصحهن، ولا تتأثري بما يحصل منهن، واحتسبي الأجر من الله، واعلمي أن الإنسان إذا تذكر لذة الثواب نسى ما يجد من الآلام، وإذا كان رسل الله لم يسلموا من السخرية فماذا تتوقعين؟! واعلمي أن الجنة محفوفة بالمكارة والصعاب.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بضرورة البحث عن المدخل الحسن إلى قلوبهن، وذلك بالثناء على ما فيهن من الإيجابيات، والتذكير بما أنعم الله به علينهن، وكوني الشجرة التي يرميها الناس بالحجارة فتعطيهم طيب الثمار.

ونسأل الله لك السداد والنيات، وكم نحن سعداء بأمثالك، فكوني على طريق الخير، ولا تستوحشي من قلة السالكين، وابتعدي عن طريق السوء، ولا تغتري بكثرة الهالكين.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً