الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني يرفض أن يفارقني من شدة خوفه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ابني عمره عشر سنوات، وقد تعرض لموقف جعله يخاف ويفكر دائماً بالاحتمال السيء، وذلك أنه في إحدى الأيام عندما انتهى دوام المدرسة -وكان قد خرج مبكراً- فتأخر السائق عليه، والأولاد الذين كانوا معه رجعوا إلى بيوتهم مشياً على الأقدام فظل بمفرده؛ لأن البيت بعيد عن المدرسة، وظل يمشي حتى ضيع الطريق وبدأ بالبكاء والخوف أنه ضاع، وصار يبكي إلى أن راح صوته، وسخر الله له ولد الحلال الذي رآه يبكي وسأله عن اسمه وعرفه لأنه كان يعرف جده.

وبعد ثلاث سنوات من الموقف ما زال يخاف أن يذهب بمفرده أو أن يقعد عند أهلي مثلاً وأذهب إلى العمرة أو للحج، حتى أنني حامل وأحمل هم اليوم الذي أجلس فيه بالمستشفى، وأشعر بعد الموقف أن نموه صار بطيئاً وأفكر أن أذهب لمعالجة شعبية، فهل أذهب إلى الطبيب لعلاج الخوف؟ وأسألكم الدعاء أن يجعله ربي قرة عين لي ولأبيه ويذهب عنه ما يجد، خصوصاً أنه أول أولادي.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Algaleela حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذا نوع من الخوف المكتسب أو الخوف المتعلم، ويظهر أن الابن حفظه الله حساس بعض الشيء مما جعله يضخم ويجسم هذا الموقف، والذي أرجوه أن يكون هناك نوع من الحوار الإيجابي مع الطفل وأن يُشرح له أن هذا الموقف موقف بسيط جداً، وأن هناك من يتعرض لمواقف أصعب من ذلك ولا يتأثر، يمكن أن يحكى له قصص الذين يتوهون في الصحاري في الزمان السابق وهكذا.

والشيء الآخر هو أن يتم نوع من العلاج السلوكي، وهو أن يذهب الطفل على نفس الطريق، ويذهب راجلاً على نفس الطريق ويكون معه والده أو أحد إخوانه، ويذهب على نفس الطريق مرتين أو ثلاثة، وكما ذكرت دون أن يستقل السيارة، وفي الطريق الشخص الذي يكون معه يجب أن يؤانسه وأن يطمئنه ويشرح له أن الأمر بسيط جداً، وأن الإنسان يمكن أن يسير لمسافات طويلة، ويحكي له عن الجدود السابقين قبل ظهور السيارات وهكذا.

إذن أفضل وسيلة ليحدث ما يعرف بفك الارتباط الشرطي هو أن يذهب هذا الابن عدة مرات في هذا الطريق مرة أخرى، ويكون معه رفيق يؤانسه ويشرح له.

والعلاج الآخر هو علاج بصفة عامة، وهو أن تقوى شخصية الطفل وذلك بأن يُشعر بكينونيته وأن يشعر بوجوده، وأن توكل له بعض المهام في المنزل، يُشعر بأنه من الضروري أن يُشارك في قرارات المنزل على سبيل المثال يمكن أن يُكلف بشراء حاجات المنزل في هذا الأسبوع، يكتبها في ورقة وأنت تقومين بالإملاء عليه بالمتطلبات، وبعد ذلك يذهب مع أحد منكم إلى المجمع التجاري، ويقوم بشراء الأشياء ومحاسبة البائع وهكذا، فهذه أمور بسيطة ولكنها ذات قيمة علاجية تربوية نفسية هامة جداً.

وأرجو أيضاً أن يتعلم الإشراف على شؤونه الخاصة فيما يخص حاجاته وملابسه وتدبيره، وهكذا هذا أيضاً إن شاء الله يعطيه فرصة التخلص من هذا الخوف.

وأيضاً تتاح له الفرصة أن يذهب مع أقرانه الذين يوثق بهم في رحلات أو ما شابه ذلك، وعليه أيضاً أن ينضم إلى مجموع التحفيظ في المسجد، وهذا أيضاً يقوي من شخصيته كثيراً، فهذه كلها إن شاء الله تقوي من شخصيته وتساعده كثيراً، ولا أرى أن هناك حاجة مطلقاً للعلاج الدوائي، علماً بأنه توجد أدوية كثيرة جداً لإزالة الخوف وتخفيفه، ولكن في رأيي أن المنهج السلوكي هو الأفضل بالنسبة لهذا الطفل حفظه الله، فعليه أرجو تطبيق ما سلف، وعليك دائماً أن تلجئي إلى تحفيزه وتشجيعه وإشعاره بكينونته وأهمية في المنزل فهذا يساعده كثيراً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً