الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استفسارات حول بعض الأدوية النفسية

السؤال

الدكتور الفاضل محمد عبد العليم وفقه ربي لكل خير.

هل صحيح يا دكتور محمد - وفقك الله - أن علاج أوروريكس يفقد قوته بعد فترة سنة أو أقل؟ وهل هناك مشكلة علمية أو جسدية من تناوله لمدة سنتين أو أكثر؟ وما هي تجاربك مع الدواء مع المرضى؟ هل كان مساعداً لمجموعات كبيرة من الناس؟

أحببت سؤالكم حول دوائي (سبرام - سبراليكس) حيث قرأت مجموعة من الدراسات غير القليلة والمقالات لأطباء لهم باع كبير في الطب النفسي الغربي، يؤكدون وبقوة أنه لا توجد فروق قوية وظاهرة بين العلاجين إلا في نواحي معينة، ولكن ليس لها صلة بالفائدة العلاجية البحتة، وأن كل ما يشاع حالياً من فوائد سبراليكس الإضافية على سبرام هو فقط من باب المحاصرة الدعائية حتى تستمر الشركة في حقها التجاري للدواء وبسعر جديد وغالٍ نوعاً ما بعد أن أصبح سبرام مشاعاً، بل وربما تحاصر نفس الشركة المنتجة تزويد العالم بنسخ سبرام فقط لإشاعة سبراليكس، ونحن لا ننكر أن هناك أطباء لا زالوا يؤكدون بفوائد سبراليكس، وزعمهم أنه يتفوق على سبرام في كذا وكذا، ولكن هل هذه انطباعات أم قواعد علمية يستند عليها؟

حتى سبرام أول ما خرج للأسواق في التسعينات أشاعت الشركة أنه سريع المفعول، وأن بناءه الكيميائي في غضون أسبوع، ونفس اسطوانة سبراليكس، على أن الفرق الوحيد المثبت هو في قوة الجرعة فحبه واحدة من سبراليكس 10ملج فعلاً هي تعادل قريباً من حبتين أو حبة ونصف من سبرام.

الخلاصة: رأيت كثيرين بالمئات في منتديات أجنبية يؤكدون وبقوه فاعلية سبرام، وأنهم عندما تحولوا إلى سبراليكس لم يستفيدوا كثيراً، بل وجد من تناول سبراليكس ولم يستفد، وعندما تناولوا سبرام استفادوا فلم يصر الأطباء على قوة سبراليكس على سبرام، بينما هناك الواقع يؤكد عدم وجود فرق، وكثير من الأطباء يؤكدون عدم وجود فارق علمي بحت يذكر.

تعليقكم دكتور محمد وأنت من عودنا على الأمانة والصراحة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم! جزاك الله ألف خير، ووفقك ووفقنا جميعاً لما فيه الخير.

أخي الكريم! ليس صحيحاً مطلقاً أن علاج أوروريكس يفقد فعاليته بعد فترة سنة أو أقل، هذا ليس صحيحاً مطلقاً، ولا توجد أي أدلة علمية لذلك، وحتى هذا الدواء يتميز بأنه يمكن أن يبدأ الإنسان الجرعة الكاملة، ولا يتطلب أي نوعٍ من التدريج، وهذا الدواء لا يحدث له ما يعرف بالتحمل أو التحميل، بمعنى أن الإنسان يحتاج لزيادة الجرعة حتى يتحصل على نفس المفعول.

إذن أخي! الذي أؤكده لك -والله أعلم- أن هذا الدواء لا يفقد فعاليته أبداً، كما أنني أعرف أنه لا يوجد أي ضرر من تناول هذا الدواء لسنواتٍ طويلة.

بالطبع إذا كان الإنسان يتناول أي دواء لفترات طويلة فمن المستحسن دائماً أن يقوم بإجراء فحوصات عامة، خاصةً فيما يخص وظائف الكبد؛ لأن معظم هذه الأدوية تُفرز عن طريق الكبد، هذا لا يعني أن أوروريكس يسبب خللاً في الكبد، ولكن هذا تحوط عام يجب أن نتبعه .

في الحقيقة أنا لدي تجارب إيجابية كثيرة مع هذا الدواء، ولكن يعاب عليه أن الكثير من المرضى لا يصبرون على جرعة مرتين أو ثلاثة، أي أن الجرعة المتعددة دائماً تشعر بعض الناس بالملل، ولذا قد لا ينتظمون في علاجهم، وبالطبع من لا ينتظم في علاجه وفي تناول الدواء حسب ما هو مطلوب قد لا يتحصل على النتيجة الإيجابية، ومن تجاربي الإيجابية معه أيضاً أنه لا يؤثر مطلقاً على الناحية الجنسية، خاصة لدى الرجال، كما أنه لا يؤدي إلى أي زيادة في الوزن، وهذه تعتبر من الأشياء الطيبة والجميلة.

بالطبع هذا الدواء ينتمي لمجموعة ما يعرف بالـ (Mois) وهذه الأدوية ربما تؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم إذا تناولها الإنسان مع أطعمة معينة كالأجبان، ولكن هذا الدواء يتميز بأنه صنع بطريقةٍ لا يحدث هذا التفاعل أبداً، إلا إذا تناول الإنسان كميات كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على مادة التايرامين، ومن هذه الأطعمة الأجبان .

إذن يفضل أن لا يكثر الإنسان من تناول الأجبان والشوكلاته مع هذا الدواء، ويا حبذا أيضاً لو قام الإنسان بفحص ضغط الدم مرة كل ستة أشهر، وهذا يا أخي الكريم كنوعٍ من التحوط وليس أكثر من ذلك .

أما بالنسبة للسؤال الثاني وهو حول السبرام والسبراليكس، أخي الكريم! بصفةٍ عامة أنت محق تماماً في أن شركات الأدوية قد تقوم بتعديل منتجاتها حين تفقد فترة البراءة، أي براءة التصنيع للدواء، وهي تحدد بحوالي عشر سنوات؛ حيث أن الدواء بعد انقضاء هذه المدة يُسمح للشركات الأخرى بأن تصنعه دون الوقوع تحت طائلة القانون، هذا حقيقة، ولكن أخي حتى نكون منصفين، أنا لدي تجارب وأقول ذلك بالطبع بكل تواضع لدي تجارب مع السبرام ومع السبراليكس، وحقيقةً أن السبرام لا زال دواء مفيداً في علاج الوساوس القهرية، ولا زال مفيداً جداً في علاج الاكتئاب النفسي، ولكن السبراليكس يتميز بأنه أكثر فائدة وأكثر فعالية في علاج نوبات الهرع، وأستطيع أن أقول أنه هو الدواء الوحيد المتميز من هذه الناحية؛ لأن نوبات الهرع حتى وقت قريب لا يوجد لها علاج، فقد كان الأطباء يستعملون الزاناكس لعلاجها، وتعرف مشاكل الزاناكس وأنه قد يؤدي إلى الإدمان، وهنالك تجارب أيضاً تفيد أن التفرانيل يمكن أن يفيد في علاج نوبات الهرع، ولكن التفرانيل يجب أن يكون بجرعة 150 مليجرام، والكثير من الناس لا يستطيع أن يتحمل هذه الجرعة .

إذن أخي! يعتبر السبراليكس هو العلاج الأفضل والأنجع من هذه الناحية، ولكن جرعة 10 مليجرام ليست كافية، حتى أن الشركة المصنعة الآن أصبحت تتجه إلى أن جرعة الـ20 مليجرام هي الجرعة السليمة، أنا دائماً أبدأ بجرعة 10 مليجرام لفترة قصيرة، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى 20 مليجرام.

الدواء بالطبع يتميز بأنه يمكن أن يتم تناوله مرة واحدة في اليوم، وهو حبة واحدة في اليوم، حيث توجد حبة من فئة 10 مليجرام، وتوجد حبة أخرى من فئة 20 مليجرام.

أخي! حين نأتي لناحية تصنيع الدواء لابد أن نعترف أن هنالك اختلاف بينه وبين السبرام، فالسبرام يعمل على اتجاهين، ولكن هذا الدواء يعمل في اتجاه واحد وبدقة شديدة، وبخصوصية شديدة.

أخي الكريم! إذن نستطيع أن نقول أن السبرام لا زال له مكان، وأن السبراليكس إذا أحسن استعماله يعتبر دواءً جيداً ومفيداً ولا نستطيع أن نقول أن الأمر فقط هو ناتج من الترويج، ولكن أتفق معك تماماً أن شركات الأدوية أصبحت الآن تعدل من منتجاتها الأصلية؛ وذلك حتى تنافس في السوق، لكن علينا ِأيضاً أن نتبع الثوابت العلمية، وعلينا أيضاً أن نستمع لما يأتينا من مراكز الأبحاث المحترمة، ولا تنس أخي أنه ربما يشاع شيء سلبي عن أحد الأدوية، ويكون المصدر في أغلب الظن هي شركة أدوية أخرى، هذا أيضاً يحدث كثيراً .

عموماً، أشكرك كثيراً على إثارتك لهذا الأمر الضروري والهام، وأنا أتفق على ما ورد في رسالتك في مضمونه العام، وأرجو أن يتحرى الأطباء دائماً الصدق والأمانة حين يصفون هذه الأدوية للناس، وأن يكون الأطباء حذرين حيال المؤثرات التي تأتي من شركات الأدوية.

جزاك الله خيراً، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً