الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقمص الشخصيات

السؤال

أنا شابٌ عمري 23 سنة، عندي أخ وحيد عمره 15 سنة، المشكلة أن أخي يقوم بتقمص شخصيتي وتكرار أفعالي بشكلٍ كبير جداً، فهو يقلدني في لباسي وعاداتي، وإذا قرأت القرآن يقرأ مثلي، وإذا أقلعت أقلع مثلي، أتكلم أمامه في موضوعٍ ما وبعد أيام أجده يتكلم بنفس الكلمات أمام أحد الأقارب (وهذا تكرر كثيراً) الآن في رمضان إذا ذهبت إلى صلاة القيام يذهب هو أيضاً، وإذا رآني لا أذهب لا يذهب، هو يضعني في وضعٍ محرج، فأنا أتحمل مسئولية تصرفاته إذا أذنبت ذنباً فهو سيذنب مثلي؛ لأنه يراني..ماذا أفعل؟ والمشكلة الأكبر هو أنني حين أكون غائباً فهو يفعل ذلك مع من حوله يعني يقلد أولاد عمه ويقلد كل من حوله وليس له رأي خاص به.

منذ فترة ترك ابن عم لنا الدراسة فأصبح هو أيضاً يريد ترك الدراسة، وبعد جهدٍ كبير جداً بالنقاش ترك رأيه وأنا أشعر أنه غير مقتنع وهو يدرس رغماً عنه.

أنا خائف من أن يستمر به الحال هكذا فلا تكون له شخصية؛ لأنه يكتسب صفاته وأفعاله ممن حوله، وقد لا يكونوا جيدين فيكتسب عادات سيئة وأخلاقٍ رديئة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأرجو أن يجد فيك القدوة الحسنة، كما أرجو أن تمنحوه الثقة؛ وذلك بأن تكلفوه بالقيام ببعض المهام وتشعروه بحاجتكم إليه وإلى خدماته في المنزل، كما أرجو عدم القسوة في التعامل معه، مع ضرورة ربطه بالرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، والعاقل يتأس بمن قد مات؛ لأن الحي لا تؤمن فتنته، وإذا عرف الإنسان الحق عرف أهله.

ولست أدري ما هي أسباب هذا الضعف؟ وهل هناك خلل في بناء الأسرة؟ وهل كان الأساتذة يتعاملون معه بقسوة؟ وهل يوجد في الأسرة من يكثرون من نقد الآخرين؟ وهل من عاهة تلازمه؟ وهل عوقب في صغره على أخطاءٍ عملها؟ وهل تعرض للتوبيخ والتنقيص؟ ...وهل..وهل؟ فإنه إذا عرف السبب بطل العجب، وسهل علينا إصلاح الخلل والعطب.

ولعل مما يُساعد في العلاج ما يلي:

1- الدعاء له من قبل والديه ومن قبلكم.

2- تشجيع أي بادرة تحسن ولو كانت يسيرة.

3- تشجيعه على قراءة كتب العظماء والمؤلفات التي تتكلم عن الإبداع والإيجابية.

4- مساعدته على اكتشاف جوانب التميز فيه، فكل إنسان صاحب موهبة، ولكننا نفشل في اكتشافها، فإن الله سبحانه وزع المواهب كما وزع الأرزاق.

5- بيان أهمية قوة الشخصية، والمؤمن لا يكون إمّعة، ولكن المؤمن يحسن إذا أحسن الناس، ولكن ليس لأجل إحسانهم ولكن لأن الإحسان شريعة الله، ويتجنب الإساءة لأن ديننا يرفضها، وفرقٌ كبير بين من يقول: (من يكون معي؟) وبين من يقول: (أنا مع من؟) وقد قال أهل الخسارة وهم يعددون أسباب سقوطهم في الهاوية: (( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ))[المدثر:45] علماً بأن الإنسان المقلد يكرر فعل الآخرين ولا يضيف الجديد.
وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله، وأرجو أن يتغير الحال بالملاطفة والنصح وتكرار المحاولات، مع ضرورة التنسيق في مسألة التوجيه حتى لا تتعمق المعاني السالبة في نفسه، وحبذا لو ركز الجميع على التشجيع والإيجابيات.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً