الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع الأولاد المراهقين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ابني يبلغ من العمر 12 سنة، وقد لاحظت تكرار ملامسته لأعضائه التناسلية أمامنا مع الاحتياط أننا لا ننظر إليه في تلك اللحظة، وأنا قلقة عليه جداً وأحب أن أحتاط في كل شيء يخصه، وهو طويل القامة لكنه نحيف، وأخشى أن يتأخر في البلوغ، فما الذي يخص تلك المرحلة العمرية؟ وكيف أتحدث معه في شأن تكرار ملامسته لذلك؟!

علماً أنه لا يخجل مني كثيراً بعكس والده، وقد قلت له مرة: لماذا تفعل هكذا؟ وهل يوجد شيء يؤلمك؟ لكنه لم يجب، فكيف تتصرف الأم مع الولد أثناء فترة المراهقة؟!

ثانياً: ابنتي عمرها 15 عاماً، وهي كثيرة التذمر والدعاء على أخيها لإحساسها أني أفضله عليها، لكني بريئة من ظنها، وأحاول التحدث معها في هذا الشأن، وهي تغار منه، فمثلاً إذا عزمت على أخيها بالأكل فإنها تغار جداً، علماً بأنه أصغر منها ونحيف وينسى نفسه في الأكل، وهي على العكس من ذلك فهي لا تنسى نفسها إطلاقاً، وكل شيء تحت تصرفها.

وعندما أحتاج لشيء أو مشوار فإنه لا ينفع معه العنف بل يحتاج للذوق والمعاملة الحسنة فيلبي طلبي سريعاً، وأما هي فإن الذوق معها يجعلها تؤجل الطلب إلى اليوم التالي، ولا تنفذ إلا إذا كنت حازمة وغيرت حالتي من الهدوء إلى الصوت العالي، وترجع تتهمني أني أفرق في المعاملة، مع أني أوضحت لها الفرق بينهما وكان ردها بالضحك، وهذا يدل أنني على صواب في فهم طبيعتهم، لكنها دائماً تردد أني أفرق بينهم، فهل من طريقة أمثل في معاملتهما مع مراعاة الفرق بين طبيعتهما المختلفة؟!

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lahnelhob حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد أسعدني اهتمامك بهذه الأمور، وأفرحني حرصك على تنبيه الأخوات على دورهن في التوجيه، وكم تمنينا أن يتولى الرجال توجيه أبنائهم الذكور والاقتراب منهم في هذه المرحلة مع ضرورة اهتمام الأمهات أكثر وأكثر بالفتيات؛ لأنهن يتعرضن لأزمة عنيفة عند نزول دم الحيض لأول مرة، وربما وجدت بينهن من تصلي وهي حائض أو تصوم وهي بتلك الحالة، ولا شك أن حصول ذلك دليل على غفلة عظيمة من الأمهات وتقصير كبير في هذه الناحية، والأخطر من ذلك هو أن غياب التوجيه الصحيح يفتح الأبواب للتوجيهات الخاطئة من الأصدقاء والصديقات.

والفتاة تحتاج إلى أن تتعرف على ما يحصل لها ولابد من إرشادها إلى الأسلوب الصحيح في التعامل مع أعضائها الخاصة، حتى لا تقع في انحراف قد تفقد معه بكارتها، فتعيش في حسرات وآهات، وربما رفضت بعد ذلك الأزواج خوفاً من الفضيحة، وهي بذلك تعالج الخطأ بخطأ أكبر وأعظم، والأمر عند الذكور لا يقل خطورة، فكم دمرت العادة السرية من الشباب وأورثتهم ضعفاً في أجسادهم واصفراراً في وجوههم وقعدت بهم عن الكمالات وأبعدتهم عن مواطن الخير، لأنها تورث صاحبها الانطواء والانهزامية والإحساس بالذنب والاحتقار للنفس إلى غير ذلك من الآثار الصحبة والنفسية.

ونحن نقترح عليك وعلى كل أخت التدرج في طرح هذه الأمور، ويفضل استخدام الأسلوب القصصي، وإظهار الفرح ببلوغ الشاب أو الفتاة لمرحلة التكليف والمسئولية، كأن تقول له: إن هناك أناساً لا يهتمون بنظافة أعضائهم من البول، وهذا يسبب التهابات ويجعلهم يقومون بحك أعضائهم التناسلية، وذلك أمر له خطورته بالإضافة إلى أن منظرهم لا يكون لائقاً، ومن المهم أن تقدمي لذلك بمقدمة، كأن تقولي: أنا أمك وأنا أحبك وأفرح عندما تذكر لي الأشياء الخاصة، فأنا وأبوك نحبك ونحن أصدقاؤك، وأنت ولله الحمد أصبحت كبيراً ونحن فرحون بك، والمسلم يسأل عن كل شيء في أمر دينه دون خجل.

ونحن نفضل اقتراب والده منه واستخدام أسلوب الحكمة في توضيح مثل هذه الأشياء، مع تأكيدنا أنه لا مانع من أن تقومي بدورك أيضاً، فأنت أم ونحن نشكر لك تربيتك لأولادك على الوضوح والصراحة، وهذا دليلٌ على أنك وفرت لهم جرعة الأمن والحب والتقدير، وعليك بكثرة الدعاء لهم جميعاً.

وأما بالنسبة للبنت فإننا نؤكد لك أن مسألة التوتر والغيرة من أخيها من طبيعة هذه المراحل العمرية، وأرجو أن تبتعدي عن المقارنات السلبية، كأن تقولي أخوك ممتاز وأنت كذا، ولكن الصواب أن تقولي نعمت البنت فلانة لو كانت تنفذ ما يطلب منها، ونعم الرجل فلان إذا كان يحافظ على صلاة الجماعة ويصادق الأخيار، وهذا أسلوبٌ نبويٌ عظيم عندما قال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) فكان ابن عمر لا ينام بعد ذلك من الليل إلا قليلاً.

كما أرجو الاقتراب من ابنتك أكثر وأكثر، والثناء على جمالها وجوانب التميز عندها، ولا تحرميها من القبلات واللمسات الحانية، وأثني عليها إذا أحسنت أمام والدها وأهلها وزميلاتها، وابتعدي عن كثرة النقد، وأعطيها مساحة من الثقة المخلوطة بالحذر، واستخدمي معه ومعها أسلوب الحوار والأخذ والرد، كأن تقولي: ما رأيك يا ابتني الفاضلة في كذا وكذا؟ وما هي مواصفات الصديقة الناجحة في رأيك؟ فإذا ذكرتها فقولي لها وهل هذه الصفات متوفرة في صديقاتك، ولا يخفى عليك أن شريعة الله تطالبنا بالعدل بين أولادنا في كل شيء، حتى في القبلة والنظرة والاهتمام، كما أرجو أن تعلمي أن البنت في هذه المرحلة تحتاج إلى جرعات عاطفية كبيرة، وأن الاضطراب عندها أكثر، فهي تحتاج أحياناً أن تعامل على أنها امرأة كبيرة، وتحتاج أحياناً أن نلاطفها وندلعها كأنها طفلة، والأم الناجحة هي التي تدرك ذلك وتوفره، فلا تقولي أنت تحسبي نفسك صغيرة أو بلاش دلع بنات إلى غير ذلك من العبارات التي تترك آثاراً سلبية عليها، نسأل الله أن يوفقكم ويسدد خطاكم، وشكراً على السؤال .

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً