الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعوة إلى الله تعالى وسط مجتمع يكثر فيه الفساد

السؤال

السلام عليكم.

نعيش في وسط مجتمع مليء بالفاسدين والفاسدات، فما العمل ونحن مسلمون؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Nabil حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك مصباح والمصباح لا يقول: ما بال الدنيا مظلمة، وحسب المصباح أن يقول: هأنذا مضيء، ولأن يضيء الإنسان شمعة صغيرة خير من أن يلعن الظلام، ومن قال: هلك الناس فهو أهلَكَهم - أي: سبب هلاكهم - ومن قال: هلك الناس فهو أهلَكُهم - يعني: أشدهم هلاكاً - فعليك بمعرفة الحق لتعرف أهله، وتمسك بالإيمان والصدق وسوف يقترب منك أهله، وقد قال الحسن البصري: (لو أن مكاناً ملئ بالمنافقين ولم يكن بينهم إلا مؤمن واحد، ثم دخل عليهم في المجلس مؤمن لذهب حتى يجلس إلى أخيه المؤمن، ولو أن مكاناً ملئ من أهل الخير والإيمان ولم يكن فيه إلا منافق واحد، ثم دخل عليهم رجل من أهل النفاق لذهب وجلس إلى أخيه في النفاق)، فالطيور على أشكالها تقع.

ولا يخفى على أمثالك أن وقوع الناس في الفساد لا يبرر للإنسان التهاون والتقصير، وكما قال ابن القيم: (سر على طريق الحق ولا توحشنك قلة السالكين، واترك طريق الشر، ولا تغتر بكثرة الهالكين)، قال تعالى: (( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ))[يوسف:103]، وقال تعالى: (( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ))[الأنعام:116].

وقد يصبح الإنسان أمة وحده إذا تمسك بدينه والتزم بأحكامه، قال تعالى عن خليله إبراهيم: (( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ))[النحل:120]، ونحن لا نشك في أن دافعك الخير والشفقة، وهذا عذر لك، ولن ينطبق عليك ما ذكرنا في البداية من أنك سبب هلاك الناس أو أنك أشدهم هلاكاً والعياذ بالله، وقد أشار لهذا المعنى الإمام مالك رحمه الله، حيث استثنى من قال ذلك بدافع الشفقة والرحمة والخوف على إخوانه، ولكننا ندعوك لإحسان الظن، وتلمس جوانب الخير ولو كانت قليلة، ثم البناء عليها وتشجيع من يقومون بها، وأظهر ما عندك من الخير، وقم بالدعوة إلى الله، وكن قدوة في نفسك، وغداً سوف يلتف حول النور تائهون، وسوف يعود للحق مجموعات من الحائرين، فإن حب الخير والدين كامن في النفوس، وما أحوجنا إلى من يداوي القلوب ويزيل ما علق من الران والغبار.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، وأرجو أن يكون لك إسهام في الدعوة إلى الله، ومرحباً بك في موقعك، وكم نحن سعداء بهذه الغيرة التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يلهمك رشدك، وأن يجعلك سبباً لهداية النساء والرجال.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً