الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أإتخلص منالرهاب الاجتماعي والانطواء والحساسية؟

السؤال

السلام عليكم..

لا يسعني إلا الدعاء لكم بالتوفيق والسداد في الدنيا والآخرة.

سأحاول أن لا أطيل، فبداية أحسست بالسعادة الغامرة عندما قرأت الأسئلة والأجوبة في هذا الموقع بخصوص من يشكون أعراضاً نفسية وأن هناك حلاً لهذه المشاكل بإذن الله، ولمشكلتي التي لازمتني منذ صغري من خلال الأدوية المقننة... ولدي عدة محاور في استفساري وهي كالتالي:

1. لا أعرف ما هو تشخيص حالتي؟ هل أنا انطوائي أو لدي رهاب اجتماعي أم ماذا؟

أ . لا يوجد لدي أصدقاء أراهم باستمرار، بل أمضي جل وقتي وحيداً أو بين عائلتي وقليل الخروج من المنزل فلا أذهب لأحد ولكني أشعر بالسعادة والانشراح إذا خرجت هنا أو هناك لضيقي من الجلوس بالمنزل، وأكثر الأوقات ضيقاً ما بعد العصر ونهاية الأسبوع والإجازات حيث أظل بالمنزل.

ب . أحاول أن أنخرط في تجمعات الشباب لكني لا أستطيع لاختلاف التوجهات والسلوكيات.

ج .يأتيني خفقان القلب والرعشة وجفاف الشفتين والارتباك وشيء من عدم التركيز والتلعثم في بعض الحالات وليس دائماً.

د. أشعر بالضيق والحزن والاكتئاب عندما لا أجد أحداً أخرج معه، وفي أوقات الفراغ والإجازات والأعياد.

2. لا أدري ما الذي يناسبني من الأدوية، فكلما قرأت عن علاج لحالة معينة في هذا الموقع قلت هذا يناسبني، فأنا أشكو نفس هذه الحالة، ووصف استخدمات هذا الدواء يناسبني ثم أنتقل إلى الآخر وأقول لا هذا أكثر ... وهكذا.

3. من جانب آخر هل أدوية العلاج النفسي مثل زيروكسات وبروزاك تعالج المرض إلى الأبد بعد إيقاف استخدامها؟

4. قرأت في النت أن طبيباً بريطانياً اكتشف أن هذه الأدوية لها أضرارا على الدماغ لأنها تقوم بإيقاف أو تعطيل حمض أو شيء ما يفرزه الدماغ، فهل هذه الأدوية تعطل هذا الإفراز وقت استخدام الأدوية أو أنه يعطله باستمرار حتى بعد التوقف من استخدامها؟

إني سعيد ومسرور لأني وجدت مختصاً أميناً أشكو له حالتي ( وشكواي لله سبحانه أولاً وأخيراً ) فهل يوجد علاج بالأدوية لي؟

أرجوكم ساعدوني فأنا محتار ومتضايق من أهلي وزوجتي الذين يرددون علي كلمة: لماذا لا تخرج؟

كثيراً ما أوصف بأني طيب وحسن النية وهذا الشيء يضايقني؛ لأنه يقصد من ورائها الغباء والبلاهة.

آسف للإطالة وعدم ترتيب الأفكار وأرجو أن تتأنوا في الإجابة ولا تنسوني.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

جزاك الله خيراً على هذا الثناء العطر لما تقدمه الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً، ويجعلنا عند حسن الظن.

أيها الأخ الفاضل، حقيقةً أنا أود أن أبدأ بأن أقول لك: إن مشكلتك النفسية الحمد لله ليست مشكلة مستعصية، وليست مشكلة متعاظمة، لا أقول لك ذلك من قبيل التطمين، ولكنها حقيقة، وبالنسبة لتشخيص الحالة، الحمد لله أنت قد بينت لنا المحاور الأساسية للشكوى، والتي تمكننا إن شاء الله من إعطائك التشخيص الصحيح.

أنت لديك شخصية حساسة، وحقيقةً ربما تحاول دائماً أن تفرض القيم الخاصة بك على الآخرين، مما يجعلك تكون حذراً في التعامل معهم، وهذا الأمر ربما لا يكون على مستوى الشعور، ربما يكون فيه شيء متبطن وداخل في العقل الباطني وأللا شعوري، وحقيقةً الإنسان حين ينتهج منهج الانطواء أو الابتعاد عن المجتمع سوف يجد صعوبة ويحدث له نوع من الرهاب ونوع من الخوف حين يضطر للخروج ومواجهة المجتمع، وهذا هو الذي تعاني منه، أي أن هذا الخوف والرهاب الذي يأتيك هو ظرفي وليس من أصل التكوين النفسي لك، وهذا في حد ذاته شيء مطمئن جداً، ويعرف يا أخي أن حالات الرهاب والخوف هذه، والابتعاد عن التواصل والاحتكاك يؤدي بالطبع إلى نقصان الكفاءة النفسية ويؤدي إلى الشعور بالضجر وعسر المزاج ودرجة بسيطة من الاكتئاب.

أرجو يا أخي أن لا تعتقد أن حالتك متشعبة أو أنك تعاني من عدة تشخيصات، لا، هو أمر واحد يتعلق بشخصيتك، ثم بعد ذلك أتى هذا الاضطراب الوجداني البسيط.

حقيقة أخي، المبدأ الأساسي في العلاج النفسي دائماً هو أن نسعى لأن نتذكر إيجابياتنا، القلق والتوتر والاكتئاب والوساوس والمخاوف دائماً تجعل الإنسان يفكر سلبياً، وينسى إنجازاته وينسى الأشياء الجميلة في حياته، وهنالك عالم نفسي يعرف باسم ( آرون بك ) وضع نظرية متميزة حقيقة، قال إن الشخص حين يكون مكتئباً ينظر إلى نفسه دائماً بسلبية، ينظر إلى نفسه دائماً بكارثية، ينظر إلى نفسه كأنه هو الوحيد الذي يعاني وينسى كل إيجابياته، ولذا تعتبر وسيلة العلاج هي وسيلة بسيطة جداً، هو أن يستبدل هذا الشعور السلبي بالشعور الإيجابي، وذلك بأن يقوم الإنسان بكتابة وتسجيل ما يعاني منه وما يقابله من أفكار إيجابية، وما يوجد في حياة الإنسان من إنجاز، وهذا أخي بالتركيز عليه يؤدي إلى كثيرٍ من التغيرات الإيجابية في حياة الناس، فأنا حقيقة أرجو أن تنتهج هذا المنهج؛ لأني أرى أنه مفيد جداً بالنسبة لك.

أخي! ما يقوله الأهل أو أهل الزوجة أرجو أن لا تكون حساساً حياله، أنا في نظري هم يريدون بك خيراً، ولكن ربما يكون لم يوفقوا في إحسان التعبير حيال مشاعرهم نحوك، فكن متغاضياً، كن متسامحاً، وحقيقة أنا أرجوك أن تخرج أن تتفاعل، أنت رجل لديك مقدرات، أن تبرز وجودك في كل المحافل، في المجتمع، على نطاق الأهل، على نطاق الجيران، الزملاء في العمل، على نطاق المسجد، أخي كل هذه التفاعلات الإيجابية تكون شخصية وتمتص وتقضي على كل السلبيات التي توجد في الوجدان.

بالنسبة للعلاج الدوائي، أنا أرى أنك سوف تستفيد من العلاج الدوائي أيضاً وسوف يكون مدعماً حقيقةً للعلاج السلوكي.

بالنسبة للأدوية النفسية الحديثة التي تستعمل لعلاج مثل هذه الحالات، حقيقة النظرية السائدة أن هذه الأدوية تؤدي إلى نوع من التوازن الكيمائي لما يعرف بالموصلات العصبية، والتي يعتقد أن هنالك نوع من الخلل في إفرازها، لا يُعرف هل هو قصور أو هو عدم انتظام فيما تفرزه؟! ويا أخي الأدوية إذا استعملت بالجرعة الصحيحة وللمدة الصحيحة يمكن أن تقضي تماماً على المرض وعلى الأعراض بشرط أن ينتهج الإنسان المنهج السلوكي ويواصل عليه.

إذن هذا هو موقف الأدوية.

والدواء الذي سوف يكون مناسباً بالنسبة لك هو زيروكسات؛ حيث أن كل الدراسات تشير بفعاليته في نوعية الأعراض التي تعاني منها، جرعة البداية أخي الفاضل فهد هي (10 مليجرام) نصف حبة تناولها بعد الأكل ويفضل أن يكون ذلك ليلاً، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، هذا كل ما تحتاج إليه، بعض الناس يحتاج إلى جرعات أكبر حبتين أو ثلاث في اليوم، وفي نظري أنت لا تحتاج لأكثر من حبة واحدة.

استمر على هذه الحبة لمدة خمسة أشهر، ثم خفضها بعد ذلك إلى نصف حبة يومياً، لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناولها، وأؤكد لك أن الدواء سليم، وأنه فعال، وأنه لا يعطل الإفرازات، هذا الكلام الذي ذُكر مع احترامي لما ذكره هذا الطبيب إلا أن هذا الكلام غير صحيح، هذه الأدوية تؤدي إلى تحسين الخارطة الكيميائية البايولوجية وتنظيم الإفرازات، وحقيقةً شركات الأدوية الآن حذرة جداً من تسويق أي دواء يسبب أي ضرر رئيسي؛ لأن المسائلات القانونية ومطالبة الناس بالتعويضات أصبحت تمثل عبئاً كبيراً على هذه الشركات، كما أن المنظمات العالمية التي تقوم بمراقبة وضبط الأدوية لا تسمح أبداً بدواء يضر بصحة الناس خاصةً في مثل هذه الحالات، فأرجو أخي أن تطمئن وأرجو أخي أن تتناول هذا الدواء وعلى بركة الله، وأرجو أن تطبق الإرشادات النفسية السابقة، وأود أن أضيف عليها أيضاً أن تمارس الرياضة، فهي إن شاء الله معين كبير لتحسين الصحة النفسية.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ولنا جميعاً.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً