الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقعت في شباك الحب ثم أفقت على مسألة الجمال والاختلاف العائلي!

السؤال

مشكلتي تعود لقرابة سنتين، حين تعرفت عليها بمقر عملها بإحدى المستشفيات، وتطورت علاقتنا فصارت كلها حبا وعشقا، لكن الأمر لم يكن هكذا مرة واحدة، فقد كان مجرد إعجاب ثم تطور إلى حب، لكنني كنت أراه حباً لأجل الحب فقط، حتى أثرت في حياتي ووقتي، وأعرف أن هذا ليس صحيحاً، لكني كنت ضعيفاً مع أول حب كما كانت هي كذلك، لكنها حين سألتني ذات مرة عن إمكانية الزواج أخبرتها بعدم قدرتي على ذلك لأسباب عائلية؛ حيث إن أمي ترفض الزواج من الغريبة عن الأسرة، ولم أكن أكذب على حبيبتي في هذا، كما أنني لم أعدها يوماً بأنني سأتزوجها، وأعتقد أنها أدركت هذا، لكن المشكلة أننا لم نستطع الابتعاد، وتواصلت العلاقة بيننا.

علماً أنني لم أرها إلا مرة واحدة بسبب بعدي عنها، حيث إنني أسكن في مدينة أخرى فلم أقدر على رؤيتها، ولكننا كنا نتصل هاتفياً كثيراً، وبقي الحب على ما هو عليه رغم أنها تتحدث معي أحياناً وهي مقتنعة بأن لا زواج بيننا، غير أنني لم أكن أفضل الحديث معها في موضوع الزواج.

وتواصلت علاقتنا هكذا حتى أتيحت لها فرصة زيارة أحد أقاربها مع أهلها في مدينتي وهناك التقينا وتحدثنا، لكنني فوجئت بأن جمالها متواضع ولكنني أحبها، وهكذا مرت الأشهر سريعاً حتى عاودت معي مؤخراً موضوع زواجنا، وكنت أستغرب ذلك فأخبرتها بأننا تحدثنا في الموضوع، لكنها أصرت على أن نتزوج وأن أناقش وأقنع أهلي بتقبلها، رغم أن والدي يقضي معظم أوقاته خارج مدينتنا، كما أن ظروف عملي تدعوني للسفر بين الحين والآخر، فقد لا أجد مع هذه المعطيات وقتاً لأتحدث إلى أهلي حديثاً قد لا أبالغ حين أقول لكم إن نتيجته معروفة لدي مسبقاً وهي الرفض.

وأنا الآن في حيرة، فيجب أن أحسم موضوع علاقتنا إما سلباً أو إيجاباً، فلا أريد أن أضحك عليها ولا أن أظلمها مثقال ذرة، تعرفون أنها نزوة شباب أسأل الله تعالى أن يكون ختامها خيراً، فكيف سأقنعها؟ وهل أحاول إقناع عائلتي؟!

والمشكلة أن عدم ارتياح صار يدب في جسمي بعد أن شاهدتها، فالجمال مهم بالنسبة لي، وماذا سيقول أهلي عندما يرونها وهي بذلك الجمال، وأفكر في موضوع الاختلاف العائلي وعامل المسافة، فأنا لا أعرف عائلتها جيداً، وهل الأمر يستحق كل تلك التضحيات مع حب قد لا يكون مدروساً، وأحياناً أفكر لو لم أتزوجها هل يمكن أن أجد فتاة تحبني لأتزوجها، وهل يمكن أنا أن أحبها، فأنا أشعر بأن شحنة الحب كلها قد أعطيتها لتلك الفتاة، وإذا لم يكتب الله تعالى الزواج بيننا فكيف سأتعامل معها؟ وهل هناك وجهٌ آخر للعلاقة يمكن أن أقنعها به على الأقل لتجنيبها صدمة عاطفية لا أعرف عواقبها؟ وهل من الممكن أن نبقى أصدقاء ... أو .... أو ....، فأنا لا أحب الظلم أبداً، ولم يكن في بالي يوماً أن أتخذ هذه الفتاة ألعوبة أو ما شابه، فهي رائعة ومثقفة جداً -ولله الحمد- فهي تدرك هذا تماماً.

ولقد التجأت إليكم لأنني أريد خلاصاً ينقذني وينقذها، فكيف أتصرف مع هذا الوضع الشائك؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جاسم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الوضوح مهم جدّاً في هذه المسألة، والتسويف لا يفيد وليس فيه مصلحة لأحد، ونحن نحذر الشباب من التمادي في أي علاقة عاطفية لا تنتهي بالزواج، وإذا كان أهلك لا يتقبلون الوضع فمن الصعب عليها أن تسعد معك، فاتق الله في نفسك وفيها وواجه الأمر بمنتهى الصراحة.

فإن الآلام المترتبة على التسويف أكبر من صدمة مواجهة الحقيقة، كما أن مرور الأيام على هذا الوضع له آثار سلبية عليك والأضرار عليها أكبر، والإنسان لا يرضى مثل الوضع لأخته أو لقريبته فكيف يرضاه لبنات الناس.

ونحن نتمنى أن تتوبوا إلى الله من تلك المخالفات وأبشروا فإن الله يقبل التوبة ويعفو عن السيئات.

ولا يخفى عليكم أن الإسلام يرفض أي علاقة بين الفتاة والشاب إلا إذا توفر لها غطاء شرعي وأعلنت، وهذا دليل على عظمة هذا الدين، وقد أثبتت الدراسات المتخصصة في البلاد الغربية وبعض العواصم العربية أن العلاقات العاطفية قبل الزواج سبب في فشل تلك العلاقات، ونسبة الفشل أكبر من (85%)، والنسبة المتبقية يعيشون في فتور وأزمات وشكوك، كما أن تلك العلاقات لا فائدة منها لأنها تقوم على المجاملات وذكر الإيجابيات وإخفاء السلبيات، بخلاف الحب الحلال الذي يبدأ بالرباط الشرعي ويتقبل فيه كل طرف شخصية الشريك بسلبياتها وإيجابياتها، وهو حب يقوم على المسئولية والأهداف العظمى بخلاف عبث الشباب الذي غالباً ما يكون لمجرد قضاء الأوقات.

وهذه وصيتي لكم بتقوى الله ثم بضرورة هذه القضية بأسرع وقت، أرجو أن يكون في الذي حصل عظة وعبرة لكم ولغيركم والمؤمن لا يلدغ من الجحر الواحد مرتين، وما عند الله من التوفيق لا ينال إلا بطاعته، والبدايات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة، وها نحن ندفع في كل يوم ثمناً باهظاً لوجود النساء مع الرجال، فمتى ينتبه العقلاء والفضلاء لخطورة الأمر.

نسأل الله أن يقدر لك ولها الخير وأن يلهمك السداد والرشاد.
وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً