الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضرورة الالتزام بالدين في حياتنا العملية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم شكراً جزيلاً على جهودكم المبذولة، ولكن عندي ملاحظة صغيرة وهي أني ألاحظ أحياناً في بعض الاستشارات التي أرسلها إليكم أن الجواب لا يكون كافياً أو واضحاً أو مقيداً، فنحن الآن لا نعيش في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو في زمن مثالي، ومعظم الناس لا يتقيدون بمبادئ الإسلام البسيطة وذلك بسبب اختلاف ظروف المعيشة، فمثلاً أصبح الفتيات يبحثن عن قوت اليوم كالرجل تماماً، وذلك بسبب المساواة التي طالبت بها المرأة، مما اضطر الكثير من الملتزمات باللباس الشرعي (الجلباب) إلى عدم ارتدائه للالتحاق بالعمل وذلك لأنها محتاجة إليه.
وكذلك الاختلاط مع الرجال كثيراً كما هو حاصل في أيامنا هذه، وعند الإجابة على الاستشارة تجاب ضمن تعاليم الدين بحذافيره، فإن كنتم تريدون الالتزام بتعاليم الدين بحذافيره فسوف تجدون الملتزمين في بيوتهم دون عمل، وحتى الشباب، فالشباب الذين يلتزمون بإطلاق اللحية وأصحاب الدين يجدون صعوبة في إيجاد العمل معهم، حتى في أبسط أمور الحياة وهي إيجاد الزوج أو الزوجة الصالحة؛ لأن معظم الناس ينظرون إلى الشكل أو المظهر؛ فإذا كانت الفتاة متبرجة فهي غير صالحة، فهل يجب مراعاة هذه الظروف في بعض الأمور؟!
ثانياً: أحياناً عندما أقرأ القرآن الكريم أبدأ بالتثاؤب بالرغم من أنني لا أشعر بالنعاس، وفي بعض بعض الأوقات أجد صعوبة في قراءة القرآن، وحتى أحياناً أصل إلى أنني لا أستطيع أن أتلفظ ببعض الكلمات، مع أنني أقرأ هذه السورة تقريباً كل يوم -سورة البقرة- والحمد لله مستمرة في قراءتها.
أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم أو اجتزت حدودي، ولكني أشعر بالراحة لمراسلتكم فلذلك أقول كل ما عندي.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ranea حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنحن أكثر راحة وسروراً بتفاعلك مع الموقع، ونحن سعداء بجرأتك في الطرح، وسوف تجدي صدرونا مفتوحة لكل انتقاد أو ملاحظة، فهذا الموقع منكم وإليكم، ونسأل الله أن يسهل أمرنا وأمركم، وأرجو أن تعلموا معشر الشباب أن هذا الإسلام سوف يظل في سموه، فهو سفينة نوح من ركبها نجا، ولا نملك أن تغير المسار لأنها شريعة الواحد القهار خالق الإنسان ومكور الليل على النهار، ((أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ))[الملك:14].
ولا يخفى على أمثالك أن هناك من يصمد ويتمسك بدينه حتى في بلاد الشهوات، وهذه قصة شاب بريطاني أسلم على يد طائفة من أبناء الإسلام الذين يصدق عليهم قول الله: ((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا))[الأحزاب:23]، أجل ثبات حتى الممات، وكان ذلك الشاب الذي أسلم عاطلاً بلا عمل، فسافر لينافس على وظيفة أُعلن عنها في مدينة أخرى، فسارع بعض إخوانه للحاق به وتحذيره من إعلانه إسلامه، ولكن ولحسن التوفيق لم يدركوه فقابل اللجنة وقال لهم: أسلمت وسميت نفسي عمر، فقيل له: لقد اخترناك للوظيفة لأننا تحتاج إلى رجل عنده قدرة في اتخاذ القرار وأنت استطعت أن تتخذ قرارين خطرين، ذلك أنك غيرت دينك وأسلمت ثم تسميت بعمر، وهذا اسم له دلالاته الخاصة عند المسلمين.
أجل يا ابنتي إننا نعلوا بتمسكنا، وننال احترام غيرنا باعتزازنا بديننا، ولن نشجع من تريد ترك الحجاب لأجل الوظيفة، وأي بركة في رزق يبدأ السعي إليه بالمعصية، والأرزاق مكتوبة، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، ثم وجهنا عليه الصلاة والسلام فقال: (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذو ما حل ودعوا ما حرم).
وهذا شاب آخر ذهب للدراسة والعمل في البلاد الغربية فلما نظروا في شهاداته الدراسية وجدوه راسباً في مادة التربية الإسلامية، فرفضوا قبوله وقالوا أي خير في إنسان لا يحترم عقيدته ودينه، وليتنا ندرك أننا نهبط مع كل تنازل عن ثوابتنا وقيمنا، فتأكدي أننا نعيش في هذا القرن، ونرى ونسمع بتأييد الله وتعويضه لكل من يترك شيئاً لله، ونلمس ونؤمن بأن الله يدافع عن الذين آمنوا.
وهذه دعوة لكل شاب وفتاة بدأ رحلة الالتزام أن يكون رحمة على أهله، وأن يعاملهم برفق وشفقة ورحمة، وأن يحرص على أن يعكس جمال الإسلام وعظمته في كل كلمة وتصرف، ونحن لا نريد المتدين العابس؛ لأن نبي الله كان يتهلل بشراً وإشراقاً، ولا نريد المتدين القاسي؛ لأن رسول الله بعث رحمة للعالمين، ولا نقبل المتدين العاق لوالديه؛ لأن القرآن يقول: ((وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا))[الإسراء:24]، وحتى لو وقفوا في طريق صلاته وعقيدته فإن الإسلام يقول: ((فَلا تُطِعْهُمَا))[العنكبوت:8] في الكفر والعصيان، ومع ذلك ((وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا))[لقمان:15].
وأرجو أن يعلم الجميع أن للإسلام ثوابت لا تحتمل التغيير والتبديل، وأن المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على الأذى خير من الذي لا يخالط ولا يصبر، ونحن واثقون من أنك وكل صاحبة فطرة سليمة لا ترضى أن يكون عرضها وجمالها ثمناً للقمة العيش، وأن الحرة تموت جوعاً ولا تأكل على حساب دينها وعرضها.
ولا يخفى عليك أن الإسلام لا يمنع التعامل بين الرجل والمرأة، ولكنه يضع الضوابط الشرعية التي تصون كرامة المرأة وتحفظ عفة الرجل.
ولا يخفى عليك أن الإسلام دين يهتم بالمخبر قبل وبعد المظهر، والله سبحانه لا ينظر إلى صورنا، ولا إلا أجساد، ولا إلى أموالنا ولكنه ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا.
وأما بالنسبة لتلاوة القرآن فالصواب أن تقرأه المسلمة عند نشاطها وإقبالها، وأن تتوقف في حال تعبها ونعاسها، مع ضرورة أن تبدأ القراءة بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأما إذا كنت مرتاحة ومهيأة للقراءة وصعب عليك التلاوة فإننا نصحك بالإصرار على المواصلة واللجوء إلى من بيده التوفيق والهداية.
وهنيئاً لمن تقرأ سورة البقرة في كل يوم (فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة (السحرة))، وقد أسعدني استمرارك في قراءة سورة البقرة.
وبالله التوفيق والسداد.
هنالك استشارة عن التثاؤب عند الصلاة، يمكنك الاطلاع عليها برقم (266044).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات