الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التغلب على وساوس الطهارة والصلاة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أوجه تحية للقائمين على هذا الموقع، وأسأل الله أن يكون ما تقومون به في ميزان حسناتكم.

كنت للأسف من الغافلين عن عبادة الله ولا أقيم الصلاة، ومنذ سنة - تقريباً - وفي شهر رمضان الماضي تبت إلى الله وندمت على ما أسلفت من ذنوب، وبدأت بالالتزام بالصلاة المكتوبة ثم السنن فانصلح حالي وحافظت على فعل الحلال واجتناب الحرام، وحرصت على الاستزادة من العلم وقراءة القرآن وعبادة الله كما أمر، كما جعلت رضا الله هو غايتي، وكنت أجد في الصلاة راحة نفسية لم أجدها في شيء آخر، وبعد الصلاة أجد سعادة قلبٍ وطاقة روحية تدفعني للعمل والاجتهاد.

ولكن للأسف ظهر ما ينكِّد حلاوة الصلاة والراحة النفسية، فقد ظهر لدي الوسواس في الصلاة وبعد الصلاة والشك في صحة الصلاة؛ هل أخطأت؟ هل تقبل الله صلاتي؟ فأنتهي من الصلاة بهَمٍّ وغمٍّ حتى أصبحت الصلاة حملاً ثقيلاً على عاتقي وأصلي وأنا متوترة وخائفة من الخطأ في الصلاة، وعظُم الوسواس فصرت أُوسوس في الطهارة بشكل عام، وكانت في البداية مشكلة صغيرة ولكنها ما لبثت أن أصبحت أكبر فأكبر، ثم بدأ الشك في نزول المني أو المذي لمجرد رؤية رجلٍ ولو بالصدفة.

وبعد ذلك بدأت أشك بأني مصابة بسلس البول حيث أني أشعر بنزول قطراتٍ لا أدري أهي بولٌ أم إفرازات المرأة الطاهرة، وتعاملت مع القطرات وكأنها بول فأخذت حكم المصاب بسلس البول مع أني لست متأكدة بإصابتي بسلس البول فكنت أتحفظ لكل صلاة وأغيِّر ملابسي الداخلية لكل صلاة، وكم يتعبني ويزعجني هذا وخصوصاً خارج المنزل.

ولقد استشرت والدي مؤخراً فنصحني بأن أعتبر القطرات إفرازات المرأة الطاهرة ولا أقوم بتغيير الملابس الداخليه لكل صلاة، وأبني الحكم على أني طاهرة وأفكر بإيجابية لكي أتخلص من الوساوس، وبالفعل أخذت بكلام أبي وبدأت بهذا منذ أسبوع وأشعر بتحسنٍ وأريد مشورتكم فإني أريد أن أعود كما كنت، وأريد أن أتخلص من الشعور بالذنب، وأريد أن أصلي براحةٍ ويسرٍ مثل أصحابي، وأريد أن أصلي دون حسراتٍ ولا تساؤلات؟!

مع العلم بأني زرت طبيبة أمراض نساء وظهر لدي التهاب في المهبل، وأخبرتني بأن هذه الإفرازات طاهرة، وكذلك زرت طبيب مسالك بولية وظهر لدي التهاب في البول فأخذت علاج لمدةٍ تجاوزت الشهرين ولم تتغير الحالة. فأرجو أن تفيدوني؟!

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن ما أشار به والدك هو الصواب، وعلاج الوساوس يكون بالإهمال والتغافل، فخالفي عدوك الشيطان، واعلمي أن الله لم يكلِّفنا بما هو فوق طاقتنا فتبارك الرحيم الرحمن، وزادك الله حرصاً وثبتك على الإيمان، ومرحباً بك بين الآباء والإخوان، ونسأل الله أن يعيد لك الأمن والاطمئنان.

والشيطان يأتي لمقعدة الإنسان فيُحدث صوتاً حتى يخيل للإنسان أنه خرج منه شيء ويشوش عليه بمثل ما ذكرته ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قطع الشك باليقين وبين لنا كمال الدين؛ يقول صلى الله عليه وسلم: (فإذا وجد ذلك أحدكم فلا يخرج حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، ويعني ذلك حتى يتيقن مائة بالمائة، ومن قواعد الشريعة العظيمة أن اليقين لا يزول بالشك، كما أن البقاء على الأصل، فالأصل أنك طاهرة، والأصل أن الإفرازات من النوع الطاهر فلا تنتقلي من ذلك إلى الشكوك والأوهام، وخالفي عدوك الشيطان الذي أحزنته توبتك وتحسَّر على رجوعك إلى الله وأراد أن يشوش عليك، وهمُّ الشيطان أن يُحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله، ومعلومٌ أن المشقة تجلب التيسر، وأن الأمر إذا ضاق اتسع، وقد أحسن من قال:

وكــل مـا شقا فإنه يُعفـــى **** لِعُسْرِه والدين يسر لطفا
كثوب قصاب وثوب المرضعة **** وبلل الباسور أو ما ضارعه

فاطردي عن نفسك الوساوس، ولا تكلفي نفسك فوق طاقتها، وخالفي عدوك وسوف يتركك، وسدّي عليه الأبواب باستغفارك للتواب وشكرك للوهاب واستعانتك برب الأرباب.

ولا يخفى عليكِ أن الشريعة جعلت النجاة في مخالفة هذا العدو وإرغام أنفه بسجود السهو، فإذا أراد الشيطان أن يخلط علينا صلاتنا زدنا فيها سجدتين نرغم بهما الشيطان ويكمل بهما الخلل والنقصان، فيعتزل الشيطان ويبكي ويقول: يا ويحه ويا ويله أُمر بالسجود فلم يسجد فله النار، وأُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة.

بل إننا ندعوكِ إلى عدم البحث والتحرِّي استجابةً لوساوس الشيطان وتخيُّلاته، ولكن على مثل الشمس في الوضوح فاشهدي، فإن قال لك بعد الصلاة فيها كذا فقولي: سوف يقبلها الله رغماً عن أنفك، وإن قال لك لست مخلصة فزيدي صلاتك طولاً، وإذا فتح عليك باباً فسارعي بسدِّه وإغلاقه، وأنتِ على خيرٍ وسوف تنالين الأجر مرتين.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً