الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قضايا متعلقة بالرهاب وعلاجه السلوكي والدوائي وأثره الجنسي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي بعض التساؤلات عن الرهاب الاجتماعي والدواء الذي يوصف لأجله.

1- لماذا يوصف الزروكسات لهذا المرض؟ علماً بأنه يسبب متاعب جنسية وخاصةً الضعف في الانتصاب، فماذا يفعل من كان مقبلاً على الزواج؟ علماً بأنه يقال: إنه لا يسبب هذا إلا عند 5% من الرجال، لكن تقريباً في كل الاستشارات نجد هذه الشكوى.

فما دام يوجد أدوية لا تسبب هذا الخلل فلماذا يوصف إذن هذا الدواء وخاصةً للشباب؟ ألأجل أنه أنفع لهذا المرض وأقوى في مفعوله أم لماذا؟

2- هل الرهاب سببه عدم الانتظام في إفراز السيروتينين أم الأدرينالين؟ وهل هذا هو السبب المباشر لهذه الأفكار والحالة التي تحدث للمريض، أم أن الأمر بالعكس، يعني أن أفكاراً وسلوكيات معينة جعلت هذه الإفرازات غير منتظمة؟

3 - لماذا دائماً ينصح الطبيب بالعلاج السلوكي مع الدواء وبالتعرض للمواقف التي كانت تسبب تلك الأعراض؟ علماً بأن المريض أثناء تعاطيه للدواء لفترةٍ معينة يتخلص من المخاوف كثيراً، ويصبح يتعامل بشكل طبيعي، أي: يسترجع ثقته في نفسه ويمكنه الحديث وغير ذلك من الأمور.
أليس هذا من العلاج السلوكي؟ وهل هو كفيلٌ أن يقضي على الأفكار التي كانت في عقل الإنسان بغير رجعة؟ أم أن هذا من مفعول الدواء والأفكار متعششة في العقل ويمكنها الرجوع في مرحلة ما بعد الدواء لا قدر الله؟

4- قرأت أنه في منطقة الرياض يوجد مركز لعلاج الرهاب من غير أدوية، وأن هناك من نجح في القضاء على المرض بعد التزامه لفترةٍ معينة لجلسات العلاج، ألا يعني هذا أن الأفكار المتعششة في عقل الإنسان هي التي تسبب الخلل في الإفرازات أم ماذا؟ وإذا كان هذا الأسلوب من العلاج ممكناً فلماذا لم تنتشر هذه المراكز بدلاً من الأدوية التي تسبب بعض المتاعب، علماً بأن المريض يبدأ أحياناً يفكر في مرحلة ما بعد الدواء ويتساءل: هل بالفعل يمكنه الشفاء التام -بإذن الله- والتخلص من الدواء نهائياً؟


5- أنا الآن منذ خمسة أشهر تقريباً آخذ الزيروكسات بمعدل حبة يومياً، وقد تحسنت حالتي ولله الحمد كثيراً جداً بغض النظر عن الأعراض الجانبية التي حدثت والله المستعان، وقد كتبت استشارة وقال لي الدكتور أن أستمر على هذه الجرعة فهي كافية لي -بإذن الله-، وفي أثناء مراجعتي لبعض الاستشارات قرأت أن جرعة الزيروكسات العلاجية يجب أن تصل إلى حبتين في اليوم، وسؤالي: هل حبة في اليوم جرعة علاجية لمن تحسن عليها أم يجب الزيادة؟ علماً بأنني حاولت أن أنقص نصف الحبة بسبب المتاعب الجنسية وأنا مقبل على زواج، فساءت الحالة قليلاً بعد أربعة أيام وأحسست بصداع وقلق وضيق، فرجعت إلى حبةٍ كاملة، فهل هذا يعني أن مدة الدواء ليست كافية (خمسة أشهر)، أم أن هذه الأعراض كانت سوف تختفي لو استمررت على نصف حبة حتى أتوقف تماماً تدريجياً؟

(علماً أن الطبيب في أول الأمر قال لي: إن حالتك ليست بالصعبة، ولن تحتاج إلى الدواء إلا لمدة (4) أو خمسة أشهر، فما قولكم؟

6- كيف يعرف المريض أنه بإمكانه البدء في التوقف التدريجي (كما يوصف له) عن الدواء؟ وهل من الطبيعي أن يشعر بالآثار الانسحابية هذه؟ أم أن مجرد الشعور بها يعني أن المرض ما زال متمكناً منه وعليه أن يأخذ الدواء لفترة أطول؟

7- قرأت في بعض المنتديات النفسية الفرنسية أن هذا الضعف الجنسي ممكن أن يكون لشهور، وممكن لسنوات، وفي بعض الأحيان يكون لا رجوع فيه وهذا شيء أقلقني، وأرجو أن يجاب عن هذا السؤال إن أمكن على عنوان بريدي، وإلا فليحذف لكي لا ينزعج بعض من انتابه هذا الأمر ويوقف العلاج أو تقل ثقته في العلاج.

سؤالي الأخير: هل البرمجة اللغوية وتقنياتها التي أصبحت معروفة ومفهومة يمكن أن تكون فعلاً حلاً لهذا المرض؟ مثل أسلوب التوكيد والتخيل والاسترخاء، فهل هناك فعلاً -كما ينقل كثيراً- أن بعض الناس تخلصوا من هذا المرض في فترةٍ وجيزة ومن غير أدوية إلا استمرارهم على هذه التقنيات؟

معذرةً على الإطالة، وجزاكم الله خيراً، وجعل صبركم علينا في موازين حسناتكم، وطمأنكم الله يوم الفزع الأكبر، وكان الله في حوائجكم كما سخركم لقضاء حوائجنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

جزاك الله خيراً على هذه الاستفسارات، وسوف نجيب عليها -إن شاء الله- بقدر ما نعرف.

بالنسبة للسؤال الأول: لماذا يوصف الزيروكسات لهذه المرض، علماً بأنه يسبب متاعب جنسية خاصةً الضعف الجنسي؟

الزيروكسات حين تمت مقارنته بالأدوية الأخرى التي تُفيد في علاج القلق -خاصةً قلق الرهاب الاجتماعي- وُجد أنه هو الأفضل، وذلك يقوم على إحصاءات وأرقام بحثية.

إذن: هذا الدواء علمياً -وبعد تطبيق كل المعايير العلمية المطلوبة في البحوث المحترمة- اتضح أنه هو الأفضل لعلاج الرهاب الاجتماعي، وهذا الدواء يعمل على عدة مسارات بايولوجية، نعم هو في الأساس يعمل على السيروتنين، ولكن السيروتنين نفسه له مشتقات كثيرة فيها ما يختص بالاكتئاب، وفيها ما يختص بالقلق، وفيها ما يختص بالوساوس والهرع، وهكذا، وُجد أن الزيروكسات أكثر تخصصية في أن يتصيد الموصلات العصبية التي يعتقد العلماء أنها هي المختصة أو أن اضطرابها يؤدي إلى الخوف أو الرهاب الاجتماعي.

بالنسبة للمتاعب الجنسية لا يوجد دواء -حقيقةً- ليست له آثار جانبية، ولكن نعرف أن الأمر حين حين يكون موضوع الجنس يكون الناس أكثر حساسية ويشغلهم بصورةٍ أكثر.

مرةً أخرى: الأبحاث تقول إن الزيروكسات ربما يؤثر سلباً على الأداء الجنسي لعددٍ قليل من الرجال، وأكثر أثر سلبي هو أنه قد يؤخر القذف لدى بعض الرجال، وهذه الخاصية الآن استغلت كعلاج لحالات القذف السريع المرتبطة بالقلق، ولكن تأتي المشكلة الحقيقية في أن الكثير من المرضى يتطورون ويكبر لديهم الجانب النفسي وليس التأثير العضوي للدواء، فالتأثير العضوي بسيط جداً، ولكن المريض مجرد أن يسمع بهذه المشكلة يبدأ لديه التكيف النفسي السلبي حيال أدائه الجنسي، ويعرف في الجنس أن الخوف من الفشل هو الذي يؤدي إلى الفشل، وأن المريض يفرض على نفسه رقابة صارمة، وهذه الرقابة الصارمة في الأداء الجنسي تؤدي إلى السلبية.

ولذا يرى بعض الأطباء ألا يُخطر المريض في الأصل عن هذه الآثار لأنها سوف تشغله وتعود عليه بعوائد نفسية سلبية، أنا لست من أنصار ذلك؛ لأن من حق المريض أن يعرف إذا أراد أن يعرف.

إذن: هذا هو الأمر فيما يتعلق بالآثار السلبية الجنسية، ولا نرى أنه يسبب خللاً حقيقياً، أنا أعرف من تحسن أدائه الجنسي وذلك بعد تناول الزيروكسات، لا أقول: إن ذلك للأثر المباشر للزيروكسات، ولكن نتيجةً لاختفاء القلق والتوتر والمخاوف أدى ذلك إلى تحسين الأداء الجنسي للمريض.

أتفق معك أنه توجد أدوية أخرى مثل الماكلوبمايد والفافرين، والتفرانيل (الدواء القديم) كلها تفيد في القلق والرهاب الاجتماعي، ولكن أكثر الأدوية التي درست وعرفت واتضح أن فعاليتها هي القصوى تقريباً هو الزيروكسات، ويا أخي! لابد أيضاً من الإشارة أن شركات الأدوية كثيراً ما تتحارب وتروج لمنتجاتها بصورٍ مختلفة، فأول ما يأتي ويقول لك أحد مندوبي الشركات المنافسة لهذا الدواء يتكلم عن الآثار الجنسية السلبية، هذا واحد من الأمور التي رأيت من المفترض أن أطلعك عليها.

بالنسبة للسؤال الثاني: هل الرهاب سببه عدم انتظام في السيروتنين أو الأدرانلين؟

أخي! دائماً للرهاب وغير الرهاب من الحالات النفسية هنالك أسباب مسببة وهنالك أسباب مهيئة، وهنالك أسباب للاستمرارية، نحن نرى أن الإطار الأمثل بالنسبة لمسببات هذه الحالات هو أنه توجد عوامل بايولوجية وتوجد عوامل نفسية وتوجد عوامل اجتماعية، وهذه العوامل تتفاعل مع بعضها.

الأرجح أن هنالك بعض الأشخاص لديهم القابلية للمخاوف والرهاب، ولا ننس أن الرهاب أصلاً هو نوع من أنواع القلق، هؤلاء الأشخاص لديهم قابلية واستعداد جيني أو فطري أو ناتج من المركب الفزيولوجي لشخصياتهم، هذا الاستعداد ينشط أو يؤدي إلى عدم الانتظام البايولوجي في مادة السيروتنين أو خلافها، وتأتي بعد ذلك العوامل الاجتماعية، ربما يكون الشخص قد تعرض لمظهر من مظاهر الخوف، إذن هذه التجمعات الثلاثة -وهي الجانب البايولوجي والنفسي والاجتماعي- تتفاعل مع بعضها وتؤدي إلى ظهور الحالة.

هذا هو الإطار المقبول والإطار الذي نعتبره أكثر علمية.

السؤال الثالث: لماذا دائماً ينصح الطبيب بالعلاج السلوكي مع الدواء والتعرض للمواقف التي كانت تسبب تلك الأعراض، علماً بأن المريض أثناء تعاطيه للدواء لفترة معينة يتخلص من المخاوف؟

أخي الفاضل: الطب النفسي أيضاً يقوم على مدارس، فهنالك المدرسة البايولوجية وهنالك المدرسة السلوكية وهنالك المدرسة التحليلية، هذه هي مدراس العلاج الثلاث.

بالطبع قبل خمسين عاماً كانت المدرسة التحليلية هي المدرسة السائدة، وكانت تبحث في الطفولة والمكونات الجنسية وغير ذلك، ثم بعد ذلك أتت المدرسة السلوكية، وهي التي قامت أيضاً على أسس علمية قوية، وفي رأيي كانت مرتكزاتها قوية وثابتة جداً؛ لأنها اعتمدت على البحث وعلى التجربة، ثم بعد ذلك في السنين المتأخرة ظهر الجانب البايلوجي في تسبب هذه الأمراض، وأصبح لهذه المدرسة أيضاً كيانها ووجودها.

الذي أود أن أؤكده لك أن الأدوية أو الجانب البايلوجي تفيد الناس كثيراً، ولكن الانتكاسات المرضية كثيرة جداً بعد أن يتوقف الإنسان عن الدواء، ولكن الذي يقوم بالأخذ بالعلاج السلوكي يعتبر علاجاً مدعماً وفاعلاً وقوياً، ويمنع الانتكاسات.

حين نتكلم عن السلوك نتكلم عن نمط حياة، والإنسان حين يعدل من نمط حياته المنطق يقول: إنه يستطيع أن يتواءم ويتكيف مع وضعه الجديد.

للمدرسة البايلوجية وجودها، وكذلك للمدرسة السلوكية وجودها، وأنا أعرف الكثير من الأطباء ما زالوا في بريطانيا وغيرها يُعالجون فقط عن طريق العلاج السلوكي، وهذا قد يروق للكثير من المرضى؛ لأن الكثير من المرضى لا يحب أن يتعاطى الأدوية، واتضح الآن أن العلاج السلوكي نفسه يؤدي إلى متغيرات في الدماغ، هذا من الأشياء الحديثة جداً، فقد اتضح أن هنالك مناطق معينة في الدماغ تتغير بالعلاج السلوكي عن طريق ما يعرف بالطنين المغناطيسي الوظائفي بعد أن يتعرض المريض للعلاج السلوكي الصحيح وبعد أن تتحسن حالته.

حتى العلاج السلوكي يؤدي إلى التغيير البايولوجي وهذه حكمة عظيمة وملاحظة جديدة.

يجب على الإنسان أن يأخذ بوصفة العلاج كاملة بجانبه الدوائي وجانبه السلوكي وجانبه الشخصي.

بالنسبة للسؤال الآخر وما قرأته أنه توجد مراكز لعلاج الرهاب بدون أدوية في منطقة الرياض، هذا موجود في أماكن كثيرة جداً في العالم، هنالك كما ذكرت لك من يرى فعالية المدرسة السلوكية، ولكن أود أن أؤكد لك أن العلاج السلوكي المنفرد هو علاج مكلف جداً، مكلف بالنسبة للمعالج وبالنسبة للمريض، مكلف بالنسبة للمريض من الناحية المادية؛ لأن الكثير من الأطباء أو المعالجين النفسيين السلوكيين بالطبع يطلبون الأجر المناسب للوقت الذي يقضونه مع المريض.

أنا شخصياً أرى لا بأس أن يتعالج الإنسان سلوكياً، وكما ذكرت لك حتى العلاج السلوكي يؤدي إلى متغيرات بايولوجية في المراكز والموصلات العصبية، ولكن في ذات الوقت يعتبر الدواء أيضاً مهماً ومطمئناً؛ لأن الدواء يعطي الإنسان الراحة ويزيل منه القلق، ونعرف أن الرهاب في الأصل هو قلق، وحين يزيل القلق هذا ربما يعطي الإنسان الدافعية الأفضل للعلاج السلوكي.

وبالنسبة لما يخص الجرعة المناسبة فمعظم الأبحاث تدل أن الرهاب الاجتماعي قد يحتاج فيه الإنسان إلى (40 إلى 60 مليجراماً في اليوم، أي: حبتين إلى ثلاث في اليوم، هذا أيضاً ينطبق على الوساوس القهرية، في حين أن القلق البسيط قد يحتاج إلى نصف حبة إلى حبةٍ في اليوم، أما الاكتئاب فهو يحتاج إلى حبة إلى حبتين في اليوم.

هذا هو المجرب إكلنيكياً وعلمياً وبحثياً، ولكن هنالك الكثير من الحالات التي تستجيب لجرعاتٍ أقل، وحقيقةً إذا استجاب الإنسان لجرعة أقل فهذا فيه خير كثير، ولا يحتاج مطلقاً لزيادة الجرعة أبداً .
بل على العكس تماماً أنا دائماً أنا دائماً أنتظر في كثير من الحالات حتى أرى مدى التحسن الذي سوف يتحصل عليه المريض مع الجرعة الصغيرة، وإذا لم يتحسن بعد ذلك نفكر في زيادة الجرعة.

هذه فوارق شخصية ولا شك في ذلك.

بالنسبة لآثار الانسحاب للزيروكسات، ففي الحقيقة من أسوأ الأشياء التي قد يسببها الزيروكسات هي الآثار الانسحابية، خاصةً إذا أوقفه الإنسان بسرعة أو كانت الجرعة كبيرة، وبدأ بعد ذلك في خفضها بسرعة، وهذه الأعراض هي تتمثل في الصداع والألم والضيق وشعورٍ بالدوخة لدى بعض الناس، وكذلك التعرق، وهذه الأعراض دائماً تختفي بعد أربعة إلى خمسة أيام من إيقاف الدواء، وعليه نقول: إن المريض سوف يشعر بأن وضعه أصبح طبيعياً بعد مضي أسبوع، ولكن معظم المرضى يُصابون بقلقٍ شديد في هذه الفترة، ليس لأن القلق هو في الأصل شديد، ولكن لانشغالهم وتفكيرهم، وأن هذه ربما تكون انتكاسة.

لو كنت صبرت على الأعراض الجانبية كانت سوف تختفي -إن شاء الله تعالى-.

مدة العلاج هي أيضاً مدة فيها الكثير من الخلاف، المدرسة القديمة تقول: إن ستة أشهر تعتبر كافية، ولكن الآن الأبحاث الحديثة تأخذ كل مريض ووضعه، هنالك بعض المرضى الذين لديهم صعوبات، ومشاكل وضغوطات، وهؤلاء بالطبع يحتاجون لفترة أطول في العلاج، ومعظم الأطباء الآن والأبحاث تشير أن المريض من الأفضل أن يستمر لمدة ستة أشهر بعد أن يشعر بالتحسن الكامل، أي: بداية هذه الستة الأشهر لا تكون هي بداية العلاج إنما هي بداية التحسن الكامل، بعد ذلك يبدأ الإنسان في تخفيض الدواء.

ما قاله لك الطبيب أن حالتك تحتاج إلى أربعة أو خمسة أشهر، بالطبع هذه وجهة نظره، ونحن أيضاً نقول لبعض الناس: إن حالتك قد تحتاج من ثلاثة إلى ستة أشهر، والكثير من المرضى حين تقول لهم: إن العلاج قد يتطلب سنة أو أكثر من ذلك ينزعجون جداً، وأرى أنه إن كان هذا هو تقدير الطبيب فأرجو ألا تنزعج لذلك، ونصيحتي لك يا أخي أن تدعم وضعك بالعلاج السلوكي، فهذا إن شاء الله فيه خير وفائدة كبيرة جداً لك.

بالنسبة للسؤال الخامس، وهو: كيف يعرف المريض أنه بإمكانه البدء في التوقف التدريجي؟

كما ذكرت لك الدراسات تشير أن المريض حين يكون في وضع نفسي وصحي ممتاز لمدة ستة أشهر وهو على العلاج، بعد ذلك يمكن أن يفكر في التوقف التدريجي للدواء، وقد يشعر الإنسان بآثار انسحابية بسيطة وربما لا يشعر بها، هذا أيضاً يتفاوت من إنسان لإنسان.

عموماً: الذي ننصح به هو التدرج البسيط، التدرج البطيء، هذا إن شاء الله يقلل تماماً من فرص الآثار الانسحابية، وهنالك بعض الناس نبدؤهم على علاج مخالف حين نبدأ في تخفيف الدواء الأساسي مثل الزيروكسات، فمثلاً: بعض الناس أنا أعطيهم البروزاك، والبروزاك يُعرف عنه أنه لا يسبب آثاراً انسحابية؛ لأنه يتمتع بإفرازات ثانوية مركزة جداً، ولكن يعاب عليه أنه لا يعالج الرهاب الاجتماعي ولكنه ربما يخفف القلق، عموماً هنالك بعض الناس أعطيهم البروزاك لمدة أسبوعين أو ثلاثة حين أبدأ في التدرج في خفض الزيروكسات، هذه أيضاً واحدة من الطرق التي أنا أستعملها ووجدتها مفيدة مع بعض الناس.

بالنسبة للسؤال السادس، وهو الأثر الجنسي أو الضعف الجنسي الناتج عن هذه الأدوية، أنه ربما يكون ذلك لشهور أو سنوات.

هذا الكلام لا نستطيع أن نقول: إنه صحيح علمياً، فالأثر الجنسي من المفترض بايلوجياً أن يختفي بعد أسبوع من توقف الإنسان من الدواء، ولكن هنالك بعض الناس يحصل لهم امتداد نفسي، أي أن التوقع في الفشل، وأن الإنسان يخاف من الفشل الجنسي، ويبدأ في رقابته لنفسه وأدائه الجنسي بصورةٍ لصيقة وشديدة، هذا بالطبع سوف يؤدي إلى استمرارية الفشل، وهنا يكون الفشل الجنسي أو الضعف الجنسي نفسي المنشأ وليس بايلوجي المنشأ وهذا هو الفرق.

بالنسبة للسؤال الأخير، وهي البرمجة اللغوية والبرامج المشابهة: حقيقة البرمجة اللغوية ليست قائمة على ثوابت علمية قوية، وهنالك جانب بحثي علمي أيد هذه البرامج، ولذا نجد أن المتخصصين وغير المتخصصين يمارسون هذه العلاجات.

هي في الحقيقة نوع من تغيير السلوك، وأنا أعتقد أنه لا بأس للإنسان أن يجربها، وإذا وجد فيها منفعة فلا بأس في ذلك، ولكن لا نستطيع أن نقول: إنها هي العلاج الوحيد أو العلاج الناجع للرهاب الاجتماعي أو الأعراض المشابهة والحالات المشابهة.

أخيراً: أشكرك جداً وبارك الله فيك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً