الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنواع الاكتئاب وتشخيصه

السؤال

السلام عليكم

هل صحيح أن هناك اكتئاباً داخلي المنشأ وخارجي المنشأ؟ وهل صحيح أن الاكتئاب خارجي المنشأ الذي ينتج بسبب المشاكل والهموم والضغوط النفسية يختفي بإختفاء المسبب ويكون غير مزمن ويسهل علاجه والتغلب عليه أكثر من النوع الآخر الذي يكون ناتجاً عن عوامل وراثية بيئية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الاكتئاب النفسي يقسم إلى عدة تقسيمات، كان في الماضي في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي كان الاكتئاب يقسم – كما تفضلت – داخلي المنشأ واكتئاب خارجي أو ما يعرف بالاكتئاب التفاعلي أي الناتج عن نوع من التفاعل الظرفي غير المواتي.. كان هذا هو المتفق عليه بالنسبة لتقسيم أنواع الاكتئاب، وبعد ذلك استمرت الأبحاث في الثمانينات والتسعينات وحتى بداية القرن الحالي واتضح أن هذا النوع من التشخيص غير دقيق؛ حيث اتضح أن الاكتئاب ذو منشأ واحد، ولكن هنالك بعض الأشخاص لديهم قابلية أكثر للاكتئاب إذا تهيأت الظروف الحياتية السلبية أو غير المواتية؛ بمعنى أن الاكتئاب يحدث لأي إنسان لديه القابلية الجينية أو الوراثية أو المتعلقة بشخصيته، وفي بعض الناس تكون الظروف الخارجية هي التي عجلت في حدوث الاكتئاب، أي أن هذا الشخص في الأصل سوف يصاب بالاكتئاب في يومٍ ما، ولكن نسبة لما حدث له من صعوبات حياتية جعلت الاكتئاب يظهر في الوقت الذي ظهر فيه.

والآن توجد مجموعة تشخيصية تعرف بالاكتئاب الذي ينشأ من عدم القدرة على التواؤم أو عدم القدرة على التكيف، لكن هذا لا يعتبر مرضاً اكتئابيّاً حقيقيّاً، إنما هو نوبة تتسم بعسر المزاج وعدم الارتياح وقد تستمر لفترة قصيرة وتكون مرتبطة بالتفاعلات الحياتية، هذا النوع من الاكتئاب يستجيب دائماً لإزالة السبب المساند، وربما يحتاج الإنسان لبعض العلاجات النفسية البسيطة.

التشخيص الأفضل الآن للاكتئاب هو اكتئاب بسيط، اكتئاب متوسط، اكتئاب شديد، اكتئاب مع أعراض جسدية، اكتئاب بدون أعراض جسدية، اكتئاب مصحوب بأعراض ذُهانية، واكتئاب غير مصحوب بأعراض ذهانية، إذن هذا هو التشخيص العالمي المتبع الآن، ولا نقسم الاكتئاب إلى داخلي المنشأ وخارجي المنشأ كما كان يحدث في السابق.

والذي أود أن أضيفه أيضاً أن الاكتئاب دائماً ينظر إليه بأنه متعدد الجوانب ومتعدد الأسباب، ويمكن اختصار أسباب الاكتئاب في العوامل البيولوجية والعوامل الاجتماعية والعوامل النفسية.. وبالطبع هذه العوامل قد تختلف من إنسان إلى إنسان، ولكنها حين تتفاعل وتتشابك مع بعضها البعض تؤدي إلى الحالة الاكتئابية.

وبالنسبة لعلاج الاكتئاب أيّاً كان نوعه وسببه لابد أن يأخذ المريض حظه وفرصته الكاملة في كل الآليات العلاجية، وهي تتمثل في الأدوية وتتمثل في المساندة وهنالك نوع من العلاج النفسي السلوكي المعروف والذي يسمى بالعلاج المعرفي، ولا شك أن إزالة الأسباب وتهيئة الظروف الحياتية حتى تكون أكثر إيجابية تساعد كثيراً في العلاج من الاكتئاب، كما أنها تقلل من فرصة الانتكاسة وهذا أمر ضروري جدّاً.

بالطبع الأشخاص الذين لديهم جوانب وراثية قوية؛ بمعنى أنه يوجد عدة أفراد من الأسرة يعانون من الاكتئاب ربما تكون فرصهم في الشفاء أقل من غيرهم، ولكن هذا الأمر لا يؤخذ على الإطلاق؛ لأن العوامل الأخرى يجب أن تعتبر وهي الالتزام بالعلاج والالتزام بمراجعة الطبيب وتحسين إرادة التحسن عند الإنسان وفعاليتها... هذه كلها تلعب أدواراً كبيرة ومهمة جدّاً.

أرجو أن أكون قد أوضحت بعض المعلومات، وللاطلاع أكثر على أنواع الاكتئاب وتشخيصه يمكن أن ترجع إلى كتاب الدكتور أحمد عكاشة المسمى بـ (الطب النفسي الحديث)، وفي المملكة العربية السعودية يوجد أيضاً كتاب جيد للأخ الدكتور طارق علي الحبيب عن الطب النفسي يمكن أن تجد فيه مزيداً من الإيضاح، ولتشخيص الاكتئاب الآن يتبع التشخيص العالمي المسمى بالتشخيص العالمي العاشر أو التشخيص الأمريكي الرابع، فهنالك نظامان عالميان للتشخيص هما التشخيص (العالمي) والتشخيص (الأمريكي)، وهي متقاربة لدرجة كبيرة فيما يخص تشخيص الاكتئاب وأنواعه.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً