الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدوية الصرع والأدوية النفسية

السؤال

السلام عليكم.

تعقيباً على سؤالي السابق عن الدواء الذي اسمه ليريكا (Lyrica 75 mg) فأفيدكم بأن الاسم العلمي الموجود عليه هو (Pregabalin) وهو من شركة فايزر وهو جديد في السوق السعودية، ويبدو لي أنه من مثبتات المزاج، فما هي فوائده وآثاره الجانبية؟ وكم يؤخذ كمدة زمنية؟ وما هي الجرعة المناسبة؟ وهل يؤثر على الدورة الشهرية؟ حيث أن زوجتي تعاني من الكوابيس والعصبية الزائدة وهي تأخذ هذه الأدوية المذكورة سابقاً (زيروكسات حبة يومياً 20 ملجم وروميرون نصف حبة 15 ملجم وليريكا حبتين يومياً عيار 75 ملجم)، فهل هذا من الروميرون؟ لأني قرأت في ورقته أنه يسبب كوابيس.

ثانياً: دائماً تنصحون بالتفريغ النفسي وعدم السكوت عما لا يرضينا ولكن بأدب وذوق، والقرآن يدعونا إلى كظم الغيظ والعفو والصفح والدفع بالتي هي أحسن، فكيف نوفق بينهما؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن دواء (Pregabalin) هو – كما ذكرت – من منتجات شركة فايزر للأدوية، وهو في الأسواق منذ عام 2004م، وهو دواء في الأصل لعلاج مرض الصرع الجزئي أو الصرع الذي يتحول من صرع جزئي إلى صرع كلي، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً من حيث التركيب الكيميائي للدواء المعروف باسم (جابابنتين Gabapentin)، وهو معروف من الأدوية التي تعالج مرض الصرع ويستعمل كمثبت للمزاج، ومن فوائده الكبيرة أنه يستعمل لعلاج الآلام المصاحبة لمرض السكر أو التهاب العصب الخامس أو الالتهابات والآلام العصبية المشابهة.

وموضع البحث والسؤال والاستفسار لهذا الدواء الذي سألت عنه وهو (Pregabalin) مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدواء المعروف والذي أشرنا إليه (Gabapentin)، وهذا الدواء الذي أشرت إليه (Pregabalin) مرخص أيضاً لعلاج الصرع الجزئي أو الصرع الجزئي الذي يتحول إلى صرع كلي، وهو أيضاً مرخص لعلاج آلام الأعصاب الطرفية مثل التي يعاني منها بعض مرض السكري وكذلك التهاب العصب الخامس بالوجه.

وأما استعماله كمثبت للمزاج فهناك دراسات تشير إلى أنه ذو فائدة، ولكن لم يتم الترخيص في استعماله لهذه الخاصية بواسطة المجلس الأوروبي أو المنظمة الأمريكية للأغذية والأدوية التي تعتبر السلطة العالمية الكبرى لترخيص الأدوية واستعمالها، ولكن هذا لا يعني أنه مخيف أو طالماً أنه لم يرخص عالمياً وبواسطة هذه المنظمات يجب عدم اعتباره، فهناك دراسات وأبحاث أخرى من هنا وهناك تفيد أن الدواء قد يفيد في بعض تقلبات المزاج، وهذا ليس بالمستغرب؛ لأن معظم الأدوية التي تستعمل الآن في علاج الصرع وجد أنها أيضاً مثبتات للمزاج، والأدوية المرخصة الآن للاستعمال لهذا الغرض هي: (تجرتول، ودباكين كرونو، ولامكتال)، وأما (الدوبامكس) فلم يرخص له حتى الآن رغم أنه يستعمل لتسحين المزاج، كما أن (Pregabalin) لم يتم الترخيص لاستعماله أيضاً حتى الآن، ولكن كما ذكرت لك هناك بعض الأطباء يستعملونه لهذا الغرض وذلك استناداً على أبحاث عالمية وإقليمية ومحلية، إذن الأخ الطبيب الذي قام بوصف هذا الدواء (Pregabalin) لابد أن يكون قد اعتمد على هذه الأبحاث وربما تكون له تجاربه الشخصية.

وهذا الدواء (Pregabalin) يسبب بعض الآثار الجانبية وهذا ليس مستغرباً، وهي تتمثل في الدوخة، وربما يؤثر على النظر أيضاً تأثراً وقتيّاً، وقد يسبب بعض النعاس، وربما يزيد الشهية للأكل، وكذلك زيادة الوزن، وفي بعض الحالات ربما يسبب طفحاً جلدياً، لكنه لا يؤثر على الدورة الشهرية، فهذه هي الآثار الجانبية، ولا يوجد دواء لا يخلو من آثار جانبية، وشركات الأدوية الآن ملزمة بذكرها حتى لو حصلت في أقلية قليلة جدّاً من المرضى وذلك كنوع من الشروط القانونية، والآثار الجانبية لا تظهر في العادة إذا بدأ الإنسان بجرعة صغيرة وتدرج في بناء الجرعة.

وأما بالنسبة لجرعة هذا الدواء (Pregabalin) فجرعة البداية هي 25 إلى 50 مليجرام، وترفع بمعدل 50 مليجرام كل أسبوع حتى تصل إلى 900 مليجرام في اليوم، ولكن بالطبع هذه الجرعة كبيرة بالرغم من أنها سليمة لكن لا تتطلبها كل الحالات خاصة فيما يخص تثبيت المزاج، وربما تكون الجرعة 200 إلى 300 مليجرام هي جرعة كافية بالنسبة لهذا الدواء، ويجب أن لا ننسى أن هذه الأدوية مثل هذا الدواء (Pregabalin) هي أيضاً تتفاعل مع الأدوية الأخرى بصورة إيجابية وربما تساعد في فعاليتها.

وأما سؤالك عن أن زوجتك تتناول الزيروكسات والريمانون وتود أن تستفسر عن الكوابيس؛ فلا أعتقد أن الريمانون مسبب للكوابيس؛ لأن الأبحاث العلمية لا تدل على ذلك، وأكثر الدواء الذي يسبب الكوابيس هو (إندرال)، وعموماً لكي تزول هذه الكوابيس لابد أن تتحسن الصحة النومية لدى زوجتك والتي من أهم الأشياء عليها أن تتجنب النوم النهاري وأن تتناول وجبة العشاء في وقت مبكر ويحبذ أن تكون من الأطعمة الخفيفة، فهذا أمر ضروري جدّاً، وأيضاً تجنب الكافيين - الموجود في الشاي والقهوة والبيبسي - في وقت المسائية، فيعتبر أيضاً أمراً محبذاً لتحسين النوم وتقليل هذه الكوابيس.

ومن المهم جدّاً أن لا تذهب إلى الفراش إلا إذا شعرت بالنعاس، ولابد أن يكون ما حولها هادئاً، ولا شك أن الالتزام بأذكار النوم والتيقن من فائدتها يساعد في إزالة هذه الكوابيس.

وبالنسبة للعصبية الزائدة فلا شك أن تمارين الاسترخاء وممارسة الرياضة والتعبير عن الذات كلها تساعدها كثيراً في إزالة هذه العصبية.

وأما بالنسبة للشق الآخر في رسالتك والخاصة بالتفريغ النفسي وعدم السكوت عما لا يرضينا ولكن بأدب وذوق والقرآن يدعونا إلى كظم الغيظ والعفو والصفح والدفع بالتي هي أحسن، فهذا السؤال قد أعجبني كثيراً في إثارة هذا الأمر وأعجبني كثيراً ما ورد فيه من استفسار، فلا شك أن كظم الغيظ والعفو والصفح هي من فضائل الأخلاق والقرآن الكريم قد دعانا لها وهي بلا شك وسيلة من وسائل التواصل الإنساني الراقي جدّاً، ومع ذلك لا يوجد أي نوع من التعارض مطلقاً بين التفريغ النفسي وبين العفو والصفح وكتم الغيظ، بل الذي أراه أن التعبير عن الذات بذوق وأدب يؤدي إلى تسهيل أمر كظم الغيظ، فكظم الغيظ هو تعبير عن مشاعر في داخل نفس الإنسان تحت إرادته وتصرفه وضبطه بمعايير شرعية ونصوص تربوية مثل الذي أشار إليه القرآن وغيره، وأما التفريغ النفسي فهو إخراج لهذه المشاعر حتى لا تحتقن ولكن لابد أن يكون إخراجها بأدب وذوق، وحين نقول أن تخرج المشاعر وأن يعبر الإنسان عن نفسه بأدب وذوق هذا يعني قمة التسامح وقمة الصفح وهي الدفع بالتي هي أحسن في أجمل وأروع صوره.

فحين تبتسم في وجه أخيك وأنت تعبر عن وجهة نظرك بكل ذوق وأدب فأنت هنا تفرغ ما بداخلك، ولكن توصل له الرسالة بكل حميمية ومودة، فهذا بالطبع سوف ينعكس عليه، وبالطبع سوف يتخذ هذا المنهج لنفسه أيضاً، إذن هذا التعبير الراقي والذوقي هو صفح وهو عفو وكتم الغيظ بالطبع هو أن لا أظهر حماقتي وانفعالاتي للطرف الآخر، ويجب أن أتحملها في داخل نفسي وأكتمها ولكن بالطبع حين أفرغ ما في داخلي بذوق وحميمية سوف يكون هنالك متسع في داخل نفسي لتحمل مزيد من كتم الغيظ وهو تعبير عن الصفح.

إذن أرى أن التفريغ النفسي هو مرحلة أولى ضرورية جدّاً لأن يكتم الإنسان غيظه ويعفو ويصفح بطريقة صحيحة؛ لأن التعبير الذوقي يفرغ عما بداخل النفس، وكما ذكرت هذا يؤدى بصورة تلقائية إلى تحمل الإنسان للغيظ وما لا يرضيه، وحين يوصل الإنسان هذه الرسالة للطرف الآخر بهذه الصورة الإنسانية الطيبة فلا شك أن ذلك يعضد من الصفح ومن الدفع بالتي هي أحسن، فلا يوجد أي تناقض، إنما هي مرحلتين لعملية واحدة وهي التواصل الإنساني في سموه ورقيه وتحضره.

نسأل الله تعالى لزوجتك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً