الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشاكل النفسية المتعلقة بالرهاب والاكتئاب وكيفية علاجها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لدي عدة مشاكل تتعلق بالتركيز وهي كالتالي:

1. السرحان وكثر التفكيرة الإيجابي ولكن أكثر من اللزوم، فأنا أفكر في أشياء جيدة ولكنها تشغل بالي على الدوام.
2. بعض الأحيان أجد صعوبة في التركيز لفترة مستمرة.
3. أغرق دائماً في الأفكار وأحب التحدث والتفكير بصوت عال، إذا كنت وحيداً.
4. في بعض الأحيان أنسى الأشياء التي أفعلها لا شعورياً، مثل مكان خلع الحذاء ومكان إيقاف السيارة.
5. لا أستطيع الانتباه طوال المحاضرة.

وتواجهني بعض مشاكل الامتحانات والدراسة، وهي كالتالي:

1. في الامتحانات أو عند وجود مهمة أو واجب أو أي عمل فلا أستطيع أن أبدأ، ليس خوفاً من الفشل ولكن لا أعرف لماذا، وأحس بعدم الرغبة في ذلك، وأشعر بتوتر إذا استمررت في التفكير في ذلك، فلذلك أشغل نفسي.
2. لا أستطيع أن أبدأ، لكن إذا بدأت أفرح وأستمر ولكن سرعان ما يعاودني السرحان وعدم الرغبة وأبتعد عن ذلك وأعيد الحلقة من جديد.

وأما مشكلتي النفسية فهي الاكتئاب، فتأتيني حالات أغلق فيها جوالي وأنعزل تماماً عن العالم الخارجي، كما أن لدي مشاكل بسيطة جداً في الثقة بالجميع.

علماً أني كنت في صغري مختلفاً تماماً، وقد بدأت مشكلتي قبل ما يقارب سبع سنوات، ولكنها كانت خفيفة في البداية وأصبحت تشتد، وأنا ألجأ إلى القرآن والصلاة فتبعث فيّ الطمأنينة ويذهب بعض القلق، ولكن يبقى السرحان وعدم التركيز والخوف من البدء.

وليس لدي مشكلة في الدراسة فأنا متميز على الرغم من هذا، ولكني أحب الانطوائية، ومع ذلك فأنا جيد مع الناس ومحبوب.

وأشعر أني غريب الأطوار ومتقلب، فليس لي جدول، وأي شيء يخطر ببالك فليس غريباً علي، وأقضم أظفاري منذ سن العشر سنوات تقريباً.

وقد عشت مع أمي فقط، وغمرتني - ولا زالت - بحبها حفظها الله لي، وأنا مقصر في طاعتها، ولدي إخوة كثر، لكني منذ صغري ألازم أمي فأنا أصغرهم، ومنذ طفولتي وأنا لا أحب الجلوس مع الأطفال وأحب الجلوس مع الكبار، وكنت أعاني مشكلة في الطفولة من أن صغار الحي يضربونني بلا سبب، مع أني قوي الجسم لكني لا أجرؤ على الرد خوفاً مما سيحدث إذا أوجعت أحدهم.

وأبي لم يعش معنا في طفولتي لظروف خاصة به، فأنا قليل التحدث معه وأحترمه ولكني لا أعرف كيف أعامله، وأراه فقط على العشاء أو الغداء.

والأهل جميعاً لم يثقوا بي حتى كبري، فهم يعاملونني على أني صغير، وهذا يغضبني أحياناً، ولدي تفاؤل ولا أحب الشر لأحد - حتى عدوي -، وأتمنى أن أرد الجميل وأن أشرف عائلتي وأهلي، فأنا عبقري في تخصصي، ولكن مشاكلي النفسية تمنعني من ذلك.

فهل توجد أدوية كيميائية لا تسبب الإدمان تنصحني بها لتعينني على أداء أعمالي ودراستي؟!

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائر الليل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه التفاصيل الدقيقة والجيدة توضح أنك تعاني من نوع من قلق الوساوس وهي تعتبر المشكلة الأساسية لديك، ويعرف عنه أنه يؤدي إلى ضعف التركيز وكذلك يؤدي إلى السرحان والنسيان، والقلق ذاته قد يدخل الإنسان في مزاج اكتئابي في بعض الأحيان وهذا هو الذي يحدث لك، ولكن أرى أن العلة المصاحبة هي الجوانب الوسواسية أيضاً؛ فأنت تميل إلى التفاصيل والتدقق والتأمل في كل شيء، وهذا يجعلك تكثر من التحليل واللجوء إلى التفاصيل، ولا شك أن مقدراتك هي مقدرات طيبة وجيدة جدّاً.

وما ذكرته فيما يخص تربيتك وتنشئتك فأرى أن الكثير من الناس قد مر بظروف مماثلة لظروفك التي مررت بها وربما يكون مر بظروف أسوأ، وأرى أن طفولتك هي طفولة معقولة جدّاً، وأنت بالطبع ربما تكون ميالاً للتفسير بأنك كنت عُصابياً بعض الشيء، وربما تكون قد وجدت نوعاً من التركيز والاهتمام من جانب الوالدة أكثر مما يجب نظراً لأنك أصغر الأبناء، ولكن عموماً أرى أن تربيتك هي تربية جيدة وصحيحة ولا أرى أبداً أي تبعات سلبية، فكل الذي ذكرته من إيجابيات وسلبيات هي حقيقة ناشئة من المجتمع ومن البيئة.

ونحن نرى دائماً أن التركيز على الماضي لا يفيد كثيراً، وبالنسبة للصحة النفسية وعلم النفس فهناك الكثير الذين يتعلق تفكيرهم على أمر التنشئة والطفولة، فهذا في نظري ليس بالأهمية التي كان يعتقد في السابق، ونحن لا نتجاهل الماضي ولا نتجاهل التربية السوية، ولكن الماضي يجب أن يتخذ وسيلة لتطوير الحاضر والمستقبل، وهذا هو المطلوب بأن يكون الإنسان فعّالاً في حاضره ويأخذ الأمور بثبات وقوة وجدية وفعالية وألا يضيع زمناً في اجترار الماضي ومحاسبة النفس ومحاسبة الآخرين على أمور لا تفيد ولا تجدي.

وعلى هذا أرى أن طفولتك طفولة جيدة والأعراض التي تنتابك هي أعراض قلقية مع وجود الطابع الوساوسي فيها، وبالتأكيد القلق في حد ذاته يولد نوع من عسر المزاج.

ومن أهم الأشياء التي يجب أن تحسنها هي إدارة الوقت، فيجب أن تدير وقتك بصورة صحيحة؛ لأن هذا الآن أصبح أمراً مهمّاً لدرجة كبيرة، وأنت ربما تعطي بعض الأشياء أكثر مما تستحق وتهمل أشياء أخرى، وعدم التوازن في هذه الأمور في تقسيم الوقت بين النشاطات المختلفة ربما يجعلك تحس بقلق وتوتر أكثر.

إذن حاول أن تقسم أوقاتك ما بين الراحة وممارسة الرياضة والترفيه عن الذات وكذلك العبادات والدراسة والتواصل الاجتماعي وغيرها من الأمور، فهذه الأمور يجب أن تأخذ حيزاً من وقتك ويجب أن تستثمر وقتك لأن استثمار الوقت يجعل الصحة النفسية في وضع أفضل.

وأيضاً سوف تستفيد من الرياضة لأنها تحسن التركيز وتحسن النوم؛ وسوف تقلل من السرحان وعدم التركيز.

وأما بالنسبة للأدوية فتوجد أدوية جيدة وفعّالة وممتازة جدّاً وتساعد كثيراً في مثل حالتك، ومن أفضل الأدوية العقار الذي يعرف باسم (فافرين) وهو دواء جيد يعالج القلق والتوتر والوساوس ويحسن المزاج أيضاً، ولكن لابد من الصبر عليه والالتزام بجرعته وبموعده ووقته وأن تكون هناك مواصلة عليه؛ لأن هذه الأدوية تعمل على متغيرات كيميائية وبيولوجية خاصة ولابد من مواصلة الجرعة بالصورة الصحيحة، وجرعة البداية لهذا الدواء (الفافرين) 50 مليجراماً ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع إلى 100 مليجرام وهي تعتبر جرعة كافية جدّاً بالنسبة لك؛ لأن هذا الدواء جرعة حتى 300 مليجرام في اليوم، فاستمر على هذه الجرعة (100 مليجرام) لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى 50 مليجرام لمدة شهر، ثم توقف عنه.

وباتباع هذه الإرشادات وتناول الدواء (الفافرين) والتركيز على التفكير الإيجابي وأن تعرف وتدرك أن مشكلتك هي مشكلة نفسية بسيطة وسف تنتهي، وأن تعيش الحاضر بجدية وقوة والمستقبل أيضاً بأمل ومثابرة وتخطيط إيجابي.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً