الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج ضعف العقل وارتكاب السرقة والكذب

السؤال

السلام عليكم.

قريبتي عمرها 21 سنة، من صغرها ضعيفة التركيز، وتلجأ للكذب، وتعاني من داء السرقة، بالرغم من أن أسرتها متدينة وتخاف الله، وكلهم متفوقون في الدراسة، وهي الصغرى، حملت بها أمها فوق سن الأربعين، قبل 5 سنوات تقريباً أصابتها تشنجات سببها زيادة كهرباء الدماغ، هي الآن تستخدم الدواء، ووضعها عادي، كانت تعمل في صالون، ولكن بسبب السرقة استغنت عنها صاحبة العمل، فما الحل هل؛ من أمل في إصلاح حالها؟ وهل نشجعها على إعادة التوجيهي لأنها رسبت فيه؟

أرجوكم ساعدوني كيف تتخلص من السرقة والكذب؟ مع أننا دائماً ننصحها ولكن نشعر دائماً أن عقلها صغير، بالرغم أن عمرها 21 سنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم امين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه الأخت – عافاها الله - محدودة الذكاء، وكانت تعاني من تشنجات صرعية، وهي لا زالت على الدواء، هذا بالطبع يكون سبباً في هذا المسلك غير المقبول، وحقيقة السرقة لدى بعض الناس هي مسلك لا يتم استيعابه من الناحية العقلية بما يتطلبه من تغليظ، وأنه أمر ممقوت، وأن الإنسان يجب ألا يمارسه.

أولاً: لابد أن تخاطب وتحاور بلغة بسيطة تستوعبها، هذا أمر ضروري جدّاً.

ثانياً: أن يتولى مهمة مناقشتها وحوارها شخص واحد يكون له نوع من التأثير عليها، التأثير الفعلي والتأثير الإيحائي.

ثالثاً: من أهم ما يمكن توصيله إلى هذه الفتاة هو أنه يمكنها أن تتغير – وعفا الله عما سلف – هذا أمر يجب أن تستوعبه.

بداية العلاج تكون بإطلاعها وإخضاعها إلى نوع من التفكير الجديد فيما يخص الممتلكات؛ فلابد أن تعرف قيمة التملك، فالأشخاص الذين يقومون بالسرقة خاصة الأطفال أو محدودي الذكاء والقدرة المعرفية لا يعرفون قيمة الأشياء، ولا يعرفون قيمة التملك.
إذن: يجب أن تبنى فيها هذه الغريزة، وحين تعرف أهمية التملك، وحين تعرف أهمية الأشياء مهما كانت بسيطة، هذا سوف يجعلها أكثر حرصاً فيما تمتلك وأقل اعتداءً على ممتلكات الآخرين، هذا الأمر قد يكون غريباً بعض الشيء، ولكن الدراسات تؤكد ذلك.

عليه يجب أن تنمَّى فيها الشعور بالملكية الذاتية الشخصية، وفي نفس الوقت ينمَّى فيها أن الاعتداء على ممتلكات الآخرين هو أمر ممقوت ومرفوض تماماً، هذه واحدة من وسائل العلاج الطيبة، فالشرح والانفتاح عليها والتواصل معها بلغة مبسطة، وأن يقوم بذلك شخص واحد.

أمر آخر: هو محاولة بناء شخصيتها، وذلك بإشعارها بأنها معتبرة ومقدرة، وأنها يمكن أن تلعب دوراً إيجابيّاً في الأسرة، وبالطبع يجب أن توكل إليها أعمال تقوم بأدائها في الأسرة، وأن تتعلم فضائل الأخلاق، ويشرح لها ذلك بصورة مبسطة، مثل مساعدة الضعيف، ومساعدة المسكين، فهذه كلها - إن شاء الله - تبني فيها نوعا من الإيجابيات.

أما بالنسبة للكذب؛ فالكذب دائماً مرتبط بالسرقة في كثير من الأوقات، وأيضاً تفهم أهمية الصدق، والأشياء التي يمكن أن تترتب على الكذب، ولا شك أن في تعاليمنا الإسلامية الكثير الذي يحض على أهمية الصدق وأهمية الأمانة، فأرجو أن تطلع مثلاً على بعض القصص فيما يخص الأمانة وفيما يخص الصدق، ويمكن أن تعطى أمثلة عن تاريخنا الإسلامي العريق.

هذا هو الذي أراه، وهذا هو الذي أرى أنه سوف يفيدها، وبالطبع هذه الأمور تتطلب الكثير من الصبر، وتتطلب الكثير من الاستمرارية، وأفضل أن تكون هنالك جلسة خاصة بينها وبين الشخص - الذي سوف يعين معالجاً وهو من داخل الأسرة - لابد أن يجلس معها يوميّاً لمدة نصف ساعة، ويكون الحوار حول عملية التملك والصدق والأمانة.

لابد أيضاً أن ينتهج معها مبدأ الترغيب والترهيب أيضاً، ولكن بصورة معقولة، فالمهم جدّاً هو أن تنمَّى شخصيتها، وأن تعطى اعتبارها، وهذا سوف يساعدها.

أسأل الله لها الحفظ، وأن تتخلى عن هذه العادات السيئة، ويعرف أن اضطراب المسلك من هذا النوع يختفي بتقدم العمر، ولكن من الضروري أن يتم تدارك الأمر من الآن، وذلك باتباع الإرشادات السابقة.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً