الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ولدي يكره مدرس القرآن.. فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي ولدٌ يدرس القرآن، ولدى شيخه تجربةٌ جيدة في التحفيظ إلا أن الولد أصبح يكره الدراسة عند هذا المدرس كرهاً شديداً، ويرفض المشي إليه، فبماذا تنصحونني، هل أجبره أم أتركه في البيت؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا لا نقبل أن يُقهر هذا الطفل، ولا أن يُترك، والأمر بحول الله وقوته أهون مما تتصورون، فارفع أكف الضراعة لمن يوفق البنات والبنين، واشغلوا أنفسكم بطاعة رب العالمين، ولا تظهروا انزعاجكم لما حصل لابننا الكريم، وانظروا في الأسباب العادية قبل عرضه على الأطباء النفسانيين، وان احتجتم لزيارة الطبيب فليكن صاحب دين، ومرحباً في موقعكم وفي صحبة إخوانكم في الدين، ونسأله تبارك وتعالى أن يقر أعينكم بصلاح ولدكم وأبناء المؤمنين.

ورغم أنه لم يتضح لنا عمر هذا الطفل إلا أننا نعتقد أنه يحتاج لقربكم واهتمامكم، فلا تحرموه من اللمسات الحانية، وحاوروه في هدوء، واجتهدوا في معرفة أسباب النفور، فربما لم ينتبه الشيخ إلى مسألةٍ معينة مثل عقد المقارنات بين طلابه، وربما كان السبب هو شدة الشيخ وإصراره على طريقة معينة في الحفظ، وقد يكون سبب النفور من التلميذ لتأثره بصديق أو رغبته في اللعب، وربما كان السبب من المنزل كعدم المتابعة وقلة الاهتمام وعدم وجود التشجيع.

وعلى كل حال؛ فإذا عرف السبب بطل العجب، وسهل إصلاح الخلل والعطب.

ولا شك أن طفل اليوم يحتاج إلى فهم نفسياته، وتقدير الظروف المحيطة به، مع ضرورة إيجاد عناصر التشويق في عملية التعليم، فطفل اليوم يزعجه طول الدرس خاصةً إذا كان صغيراً، ولذلك قالوا إذا كان عمر الطفل عشر سنوات فإن الصواب أن تكون حصة الدراسة عشر دقائق، ثم يسمح له بالحركة أو تغيير المكان أو الذهاب لشرب الماء ليعود بروح جديدة، والمعلم الناجح يغتنم إقبال الطلاب ويعالج فتورهم، ولا يكثر عليهم حتى يملوا، ويحرص على أن يقلل من التوبيخ واللوم حتى لا يعتاد الملامة ويسهل عليه الانحراف والسقوط والإهمال، والمعلم الناجح يرفق بطلابه ويكشف ما يضايقهم ويحرص على إدخال السرور عليهم بوقوفه مع الضعيف حتى يجتاز أزمته وينهض من كبوته، وحبذا لو سِرنا نحن معاشر الآباء والمعلمين على خطا رسولنا الأمين الذي كان يقول: (نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)، فكان ابن عمر لا ينام بعد ذلك من الليل إلا قليلاً، فهل وجد هذا الطفل مثل هذا التشجيع؟

ونسأل الله أن يرحم أستاذنا الدكتور مبارك إدريس وموتى المسلمين، ولا أنسى يوم قال لنا: (لا تكن مدرساً فاشلاً. فقلنا له: وكيف يكون المدرس فاشلاً؟ فكانت إجابته هي هذه القصة: رفض تلميذٌ الدراسة فجاء به أبوه إلى المدرسة، فلما وصلوا إلى الباب -وكانت يد الطفل في يد والده- فسمع زملاءه يقرؤون سورة الكافرون سَلَّ التلميذ يده من والده وانطلق هارباً، فقال الأب: لماذا هربت؟ فقال: لأجل هذه السورة التي يضربني فيها المعلم كل يوم بسبب عدم حفظي لها ... ثم علق الدكتور قائلاً: كان على المعلم أن يتجاوز هذه السورة ويلاطف التلميذ ويشجعه ثم يعود إليها بعد مدة، وبعد أن يعيد للتلميذ ثقته من خلال حفظه لبقية السور.

وإذا أمن هذا الطفل على نفسه فسوف يُخرج لكم ما في نفسه، ويا حبذا لو جلس والده أو والدته إلى جواره وأعطاه حلوى أو عصيرا ثم حاوره في هدوء؛ لأن هذا هو كرسي الاعتراف وجلسة الاعتراف، وإذا كان بالإمكان استبدال الشيخ إذا كان السبب منه، أو نصح التلميذ إذا كان الخلل من جانبه، مع ضرورة توفير جوٍّ هادئ وبيئة مستقرة للابن الكريم.

ونسأل الله أن يجعل الصلاح ميراثاً في ذرياتنا إلى يوم الدين.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً