الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تأهيل الشباب ليكونوا دعاة إلى الله والكتب المقترحة

السؤال

أرجو إرشادي عن إقامة دورة لتدريب أو تأهيل دعاة إلى الله، ماذا تقترحون أن تكون خطة سير هذه الدورة؟ وماذا تتضمن من مواد وكتب لإقامتها؟

أرجو الإجابة على البريد الإلكتروني بأسرع وقت.
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ عبير محمود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يرزقنا جميعاً الإخلاص في الأقوال والأفعال والأحوال، وأن يقر أعيننا بنصر الإسلام وعز الموحدين.

حق للإنسان أن يفرح وقد وجد في فتياتنا من تفكر بهذه الطريقة، ولن تموت أمةٌ هذه نساؤها، وأبشري فإن الدعوة إلى الله تُطيل الأعمار، وهي أشرف الأعمال والمهام (ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً -أو امرأة- خيرٌ لك من حمر النعم).

أعظم الناس أجراً هم الدعاة إلى الله (ومن دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أعمالهم شيئاً) قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه) [فصلت:33]^.

لا شك أن أهم أسلحة الدعاة إلى الله هو هذا الكتاب الذي شرفنا الله به، فهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الخالدة، وما من نبيٍ إلا وأوتي ما آمن على مثله البشر، وكان الذي أعطيه رسولنا صلى الله عليه وسلم وحياً أوحاه الله إليه، وهو -عليه صلاة الله وسلامه- يرجو بالقرآن أن يكون أكثر الأنبياء تابعاً، ولابد من دراسة السنة النبوية العطرة، فقد أوتي رسولنا صلى الله عليه وسلم القرآن ومثله معه، فالسنة هي المفصلة والمبينة لما جاء في كتاب الله، وهي وحيٌ وشرع، فما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يتكلم من عند نفسه، ولكن كما قال سبحانه: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى )[النجم:3-4]^، ولا يستغني الداعية إلى الله عن دراسة السيرة النبوية؛ فهي التطبيق الحي لما جاء في الوحيين: الكتاب والسنة، وهي الصورة المجسدة لتطبيق الإسلام.

والداعيةُ الناجح يأخذ من كل شيء طرفاً، ثم يتعمق بعد ذلك في دراسة علوم الشريعة، ويتخصص في بعض الجوانب.
لأن العلم عميقُ بحره ** * فخذوا من كل شيء أحسنه.

وقد أحسن من قال:
أما ترى أن النحل لما جنى من كل فاكهة
حوى لنا جوهرين الشمع والعسلا
فالشمع نورُ يستضاء به
والشهد يبري لنا الأسقام والعللا

ولابد من مراعاة التدرج في طلب العلم، ودراسة صغار العلم قبل كباره، وأخذ العلوم الشرعية من أهل الاختصاص.

والداعية الناجح يبتعد عن الجدال، ويتفادى قضايا الخلاف، ويجعل هدفه إخراج الناس من الظلمات إلى النور، فهو يتلطف في دعوته، ويُحسن العرض، ويختار الأوقات المناسبة والكلمات المؤثرة، ويبحث عن المدخل الحسن إلى النفوس، ويُقدم الإحسان، ويصبر على الأذى، ويسع الناس بطلاقة وجهه وحسن خلقه.

ومن المفيد للدعاة إلى الله دراسة مناهج الأنبياء في الدعوة إلى الله وخاصة أولي العزم، والنظر في سير المصلحين، فإن الذي يقرأ ويدرس التاريخ يضيف أعماراً إلى عمره، ومن الضروري التركيز على ترسيخ العقيدة في النفوس، والانتقال منها إلى غيرها من الجوانب، فإن الإصلاح الحقيقي ينبع من الداخل ولا يفرض من الخارج، وهذا هو الذي فعله رسولنا صلى الله عليه وسلم حتى تمكن من تكسير الأصنام بأيدي عابديها، وأراق الخمور بأيدي شاربيها، ووجه القلوب إلى الله باريها.

والداعية إلى الله لا يتوقف عن الدعوة بحجة أن تأهيله لم يكتمل، ولكن عليه أن يبلغ ما سمعه ووعاه، فرب مبلّغ أوعى من سامع، ولابد من أن يتعود تقديم الدعوة وبذل النصح، ويمتلك الشجاعة الأدبية التي تمكنه من تقديم ما عنده في تواضعٍ للناس وانكسار وافتقارٍ إلى الله؛ شريطة أن يجيد فهم المسألة التي يدعو إليها.

والداعية إلى الله لا يتوقف عن طلب العلم، فإن الإنسان لا يزال عالماً ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل.

ويحتاج الدعاة إلى الله إلى فهم الواقع الذي يعيشون فيه، والداعية الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، والمرأة الداعية أعرف بما تحتاجه النساء، وهي الأقدر على دعوتهن إلى الله، وبصلاح المرأة يصلح حال الأمة فهي والدة الأبطال ومربية الرجال.

وعندما يلتزم الداعية في نفسه ينفع الله به، فهو دعاية للإسلام بسمته وفِعاله، ودعاية إلى الله بأقواله وأحواله، أما إذا خالف قوله فعله فتلك قاصمة الظهر، قال تعالى: (( كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ))[الصف:3]^، وقال تعالى على لسان نبيه شعيب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: ((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ))[هود:88]^ وذم قوماً فقال: ((أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ))[البقرة:44]^.
أما بالنسبة للمواد الضرورية للدعاة إلى الله، فهي كما يلي:
1- القرآن الكريم حفظاً وفهماً.

2- العقيدة وهي أساس البنيان.

3- صحيح السنة النبوية دراسةً وفهماً.

4- الفقه - حسب المذهب الفقهي المعمول به، ويُفضل أن يعرف الداعية الأوجه الراجحة في المسائل بأدلتها، والاطلاع على الفتاوى الصادرة عن المجتمعات الفقهية والهيئات.

5- السيرة النبوية دراسة وفهماً.

6- فقه الدعوة إلى الله.

7- الثقافة العامة، وفهم الواقع.

8- معرفة مناهج الشر، مثل الأفكار القومية والإلحادية، وعموم فرق الضلال ومعرفة وسائل الغزو الثقافي وصوره.

9- تزكية نفوس الدعاة، وتقوية الإيمان.

أما بالنسبة للكتب المقترحة -وهذا فقط على سبيل التمثيل- فهي كما يلي:

1- تفسير ابن كثير، أو تفسير السعدي.

2- كتب السنة الصحيحة، وخاصة التي تعنى بالأحكام مثل عمدة الأحكام، وتلك التي تعنى بالفضائل مثل رياض الصالحين.

3- الرحيق المختوم في السيرة (في البداية).

4- أعلام السنة المنشورة . للشيخ حافظ حكمي رحمه الله.

5- أساليب الغزو الفكري د . جريشه.

6- مقومات الداعية الناجح د. سعيد بن وهب القحطاني.

7- كيف يدعو الداعية؟ عبد الله ناصح علوان.

8- فقه الدعوة في إنكار المنكر عبد الحميد البلالي .

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً