الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البكاء المتكرر عند مفارقة العائلة

السؤال

السلام عليكم

عندما أكون مجتمعة مع العائلة وأقضي معهم أكثر من ثلاثة أيام وأريد أن أفارقهم أبدأ بالبكاء وأخجل من نفسي ويظل أولادي يضحكون علي، فما سبب ذلك البكاء؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن البكاء في أي موقف وفي أي مكان وزمان هو تعبير عن الحالة الوجدانية التي يعيشها الإنسان، والناس تتفاوت في الطريقة التي تعبر بها عن أفراحها وأتراحها ووجدانها، فأنت بالطبع ربما تكوني حساسة أكثر من اللزوم، ولذا يسهل لديك البكاء للدرجة التي تسبب لك الخجل.

فأرجو أن تراجعي نفسك وتقولي لها: هذه المواقف لا تتطلب كل هذه الانفعالات، أنا أقوى من ذلك، أنا أصلب من ذلك، أنا لن أنفعل أبداً، وعليك أيضاً بالدعاء وبقراءة القرآن لأن ذلك يبعث على الطمأنينة، قال تعالى: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ))[الرعد:28].

وتذكري أن التوكل على الله هو الذي يجب أن يكون ديدننا في جميع الحالات، تذكري أنك حين تغادري أهلك ويحصل هذا الفراق، فالجميع إن شاء الله في كنف الله وحرزه ورعايته، تذكري ذلك فسوف يعطيك هذا الكثير من القوة.

أمر آخر أرجو أن تكوني معبرة عن نفسك ومشاعرك في جميع المواقف، فإننا نعتقد أنك حساسة، وهذه الحساسية تؤدي إلى نوع من الاختزان والاحتقان النفسي الداخلي، فكوني منطلقة ومعبرة ولا تسكتي عن الأشياء الانفعالية التي تسبب لك نوع من الاحتقان الداخلي، مهما كان الأمر صغيراً وبسيطاً، فتحدثي عنه وعبري عنه، فهذا سوف يريحك كثيراً.

وهناك نوع من العلاج السلوكي الذي أرى أنه سوف يفيد في حالتك، وهو أنك حين تكوني جالسة بمفردك تذكري بعض المواقف العاطفية وقولي لنفسك: أنا سوف أغادر وأفارق أهلي، ولكن هذه المرة لن أبكي وسوف أدعو لهم ولنفسي وأسأل الله أن يحفظهم، تخيلي وعيشي هذه المواقف، كرري هذا التخيل، فهذا التكرار سوف يؤدي إلى نوع من (فك الارتباط الشرطي) كما يسميه علماء النفس، وهذا يجعل نفسك في توائم وتكيف مع هذه اللحظات التي تشعرين فيها بهذه العواطف والوجدان.

أنت بالطبع لست بمريضة فهي إن شاء الله ظاهرة وجدانية وعاطفية، وهي قد تكون دليلاً على الرحمة.

تذكري ذلك واتبعي الإرشادات السابقة، وأسأل الله لك التوفيق والثبات، وأن تكوني أكثر صلابة، وأن تعبري عن عواطفك ووجدانك بصورة مناسبة أكثر.

وبالله التوفيق.
-----------------------------------------------------------
إضافة:

ونحن نبشرك أن حالة البكاء هي حالة إنسانية تدل على رحمة في القلب في مثل حالتك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الدموع التي نزلت من عينيه الشريفتين: (هذه رحمة يجعلها الله في قلوب من يشاء من عباده) فلا تقلقي من هذا الموضوع ولا تكثري من التفكير فيه، وهذا لا يدل على ضعفك بحمد الله تعالى- بل هو من كمال عاطفتك الإنسانية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً