الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاج الدوائي والسلوكي للاكتئاب...نظرة طبية

السؤال

أنا سيدة متزوجة ولدي طفلان، أعاني من مرض الاكتئاب، ونصحني الطبيب بتناول دواء ( Zoloft وAtarax ) ولم أشعر بتحسن مع أني مواظبة على استعماله، فهل من نصيحة أخرى.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Bouchra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الاكتئاب النفسي من الأمراض النفسية الشائعة والتي يمكن أن تعالج بإذن الله تعالى، هنالك عدة محاور للعلاج يجب أن تمشي مع بعضها البعض، والكثير من الناس يبدأ بالأدوية ويعتمد عليها فقط، أو يقول سوف أقاوم بدون أدوية، وهكذا.

الشيء الصحيح والعلمي والذي نراه مفيداً – حسب الأبحاث العلمية – هو أن العلاج النفسي والعلاج السلوكي والعلاج الدوائي وكذلك إزالة أي أسباب إن وجدت هي الآليات التي إذا أخذت مجتمعة سوف تفيد بإذن الله تعالى.

إذا كان هنالك أي أسباب جعلت هذا الاكتئاب يحدث أو يكون شديداً بالنسبة لكِ فأرجو أن تعالجي هذه الأسباب بما تستطيعين، أعرف تماماً أن بعض الأمور قد يكون ساهم فيها أُناس آخرون أو أطراف أخرى، ولا يستطيع الإنسان أن يتحكم في الآخرين، ولكن عن طريق التفكير الإيجابي، عن طريق تجنب المواجهات الغير مجدية، عن طريق التعبير عن الذات والإفصاح بما في داخل النفس في حدود المعقول، هذا يفيد كثيراً.

من آليات العلاج الضرورية جدّاً، وهي تعتبر من ركائز علم النفس المعرفي السلوكي هو التفكير الإيجابي، وهذه الجملة ربما تكون متداولة بين الناس ولكن الكثير لا يعرف حقيقتها.

التفكير الإيجابي أساساً يعتبر هام جدّاً؛ لأن الاكتئاب النفسي يجعل الإنسان يحس بالتشاؤم ويكون سلبيّاً في تفكيره ويعظم الصغائر ولا ينظر إلى إيجابياته وإنجازاته في الحياة أو يعتبرها نوعاً من المسلمات أو من حقوقه التي يجب أن تأتيه بصورة تلقائية، لا؛ الإنسان يجب أن ينظر بدقة في حياته ويحاول أن يفكر في الإيجابيات بعمق أكثر؛ لأن التفكير في الإيجابيات الموجودة سوف يجعل السلبيات تتلاشى، وحين تتلاشى السلبيات سوف يحدث التحول الإيجابي في المزاج.

على سبيل المثال: أنا لا أعرف الكثير عنك - أيتها الأخت الفاضلة – ولكنَّك الحمد لله سيدة في عمر الشباب، عمر فيه كثير من الطاقات، متزوجة، وقد رزقك الله بالذرية، وتعيشين في بلد مسلم، وأنت الحمد لله ـ من هذه الأمة الإسلامية العظيمة، ونحمد الله تعالى أن خلقنا في هذه الأمة، هذه إيجابيات عظيمة جدّاً لو تأمل فيها الإنسان وتفكر فيها سوف يجد فيها هي فعلاً دوافع للانشراح والانبساط وليس للاكتئاب، وأنا على ثقة أنه لديك إيجابيات أخرى في حياتك، انظري لها بإيجابية وسوف تجدين الأمور قد تبدلت وتحولت.

نحن في كثير من الحالات ننسى الدعاء، الدعاء والإلحاح في الدعاء والتيقن بالإجابة – بإذن الله تعالى – هو من دوافع الشفاء ومن دوافع العلاج، وأنا أرى أن نبدأ بالدعاء، لا نترك الدعاء ويكون متأخراً في العلاج، ولا نيأس ونواصل ونواصل وندعو وندعو ونكون ملحين في الدعاء، فهذا - إن شاء الله - يفرج الكرب (اللهم رب الناس، أذْهِب البأس، اشفِ أنتَ الشافي، لا شفاء إلا شفاءك، شفاءً لا يغادر سقماً، اللهم إني أعوذ بك من الهم والغم، وأعوذ بك من الحزن، وأعوذ بك من اليأس)؛ هذه كلها كلمات عظيمة جدّاً، والحق عز وجل يستجيب لعباده لأن هذا من رحمته، هذه كلها جوانب علاجية فعّالة جدّاً.

هنالك جوانب أخرى وهي إدارة الوقت، نحن لا نحسن إدارة الوقت في بعض الأحيان، وهذا يؤدي إلى التكاسل، والتكاسل يؤدي إلى اليأس وإلى الممل، إذن: أرجو أن تديري وقتك بصورة جيدة، وزعي وقتك بين واجباتك المنزلية، واجباتك الزوجية، التزاماتك نحو الأسرة، نحو الأهل، التواصل، العبادات، الترفيه عن النفس، ممارسة شيء من الرياضة، الاطلاع والقراءة، هذه كلها تجعل الإنسان يبني حياة جديدة وصحة نفسية ممتازة.

إذن هذه أيضاً من آليات العلاج التي لابد أن تتبع، وهي تفيد كثيراً.

أما بالنسبة للجانب الدوائي، الدواء مهم -والحمد لله- الآن توجد أدوية فعّالة وممتازة جدّاً، والزولفت هو من الأدوية الممتازة، أنتِ لم تحددي الجرعة ولم تحددي المدة التي بدأت فيها هذا العلاج.

عموماً جرعة البداية في الزولفت هي 50 مليجرام، وكثير من الناس يحتاج إلى 150 مليجرام في اليوم، أي: ثلاث حبات.
إذن: أنصح أن تستمري في العلاج، وأن تنتظمي فيه، وأن ترفعي الجرعة، وترفع دائماً بالتدرج بمعدل حبة – 50 مليجرام – كل أسبوعين حتى تصل إلى 150 مليجرام، وهنالك من يتناول أربع حبات في اليوم، ولكن في نظري الـ 150 مليجرام سوف تكون كافية جدّاً.

الأتراكس هو علاج مساعد للقلق ويساعد في النوم، وجرعته هي 10 مليجرام أو 25 مليجرام، لا مانع من تناوله ليلاً ولكنه لا يعتبر العلاج الرئيسي، بل العلاج الرئيسي هو الزولفت.
نحن نقول إن رفع الجرعة بالنسبة للزولفت لا يحكم بفشله أو عدم فعاليته – بعد أن رفعت الجرعة إلى 150 مليجرام – إلا إذا مضت ستة أسابيع، ستة أسابيع علاج متواصل على جرعة 150 مليجرام، إذا لم يحدث أي نوع من التحسن المعقول هنا نقول: إن هذا الدواء لن يفيد وفشل، وعليه يتم إيقافه بتدرج بسيط بواقع حبة واحدة كل أسبوع.

الأدوية ربما لا تنجح في بعض الحالات مع بعض الناس وذلك نسبة لتكوينهم الجيني أو لظروفهم، هنالك تفاوت.. وإذا لم ينجح الزولفت هنالك أدوية أخرى كثيرة منها: الإيفكسر، الزيروكسات، السبراليكس.. ولكنِّي متفائل جدّاً أنك سوف تستفيدين من الزولفت.

عليك -إذن- أن تأخذي الجرعة التي نصحتك بتناولها، وعليك أيضاً بمواصلة الرياضة، الرياضة تقوي النفوس مثل أنها تقوي الأجسام، وعليك أيضاً أن تنظمي نومك، وأرجو أن تتجنبي نوم النهار بقدر المستطاع.

أرجو أن تفرغي عما داخل نفسك، عبري عن ذاتك، النفس تحتقن مثلما تحتقن الأنف، لا تتركي الأمور البسيطة التي لا ترضيكِ، تُبنى داخليّاً وتؤدي إلى تفاعلات نفسية سلبية.
أرجو اتباع الإرشادات السابقة وتناول الدواء كما وصفته لك، وأنا على ثقة أنك سوف تشفين.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً