الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتحكم بنفسي وأقاوم تقلبات المزاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا إنسانة هادئة جداً وأتعامل مع الكل بلطف، أرضي الجميع على حساب مصلحتي في بعض المرات، لكن في بعض الأوقات لا أعرف ماذا يحدث لي؟ أتذمر بسرعة حتى لأتفه الأسباب، وأرى الدهشة في وجوه الجميع، لأنهم غير متعودين على صراخي وغضبي.

لا أتحكم في نفسي، ولا أعرف لماذا أتغير بهذه السرعة، فأنا مثل الجو الربيعي الجميل الذي تتخلله العواصف الرعدية، حاولت تغيير سلوكي ولم أستطع فغضبي يكون شديداً، زرت طبيباً نفسانياً وأخبرني أن طبعي حاد جداً، وأحاسب نفسي على كل صغيرة وكبيرة، ولا أغفر لنفسي ولا لغيري أي خطأ.

ووصف لي أدوية أصبحت بعدها هادئة جداً، لكن ما إن انقطعت عن تناولها حتى عدت كما كنت، المقربين مني لا يعيرون اهتماما لتقلب طبعي، لكن المشكلة مع الآخرين فهم يستغربون طبعي المتقلب، ولا يفهمون كيف أجمع بين طبعين متناقضين، مع أن هدوئي هو الغالب، ماذا أفعل حتى أتحكم في نفسي أكثر مهما كانت الظروف؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ انيسة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:-

وجزاك الله خيراً على سؤالك هذا.

تقلب المزاج هو أحد السمات المتعلقة بشخصية الإنسان، ونعرف أن هنالك عدة أنواع من الشخصيات، هنالك الإنسان الحساس، فهنالك الإنسان الغضوب، وهنالك الإنسان الاكتئابي، والوسواسي، والشكوكي، والظناني، والقصوري، والاعتمادي، والحادي... وهكذا. هذه سمات ربما تميز الناس من بعضهم البعض، وهي في معظم الحالات لا نعتبرها حالات مرضية إلا إذا كانت للدرجة الشديدة والمعيقة، خاصة إذا سببت نوعاً من الإعاقة الاجتماعية، وذلك بأن أثرت سلباً على التواصل الاجتماعي بين الإنسان ومن حوله.

أنت كما ذكر لك الطبيب ربما تكون فيك جوانب الانفعال والغضب هي الأكثر، وحقيقة يمكن للإنسان أن يوازي بين أبعاد نفسه، وهذه تسمى اضطرابات أبعاد الشخصية، يمكن أن يساوي بين أبعاد نفسه بأن يحاول أن ينقل نفسه بالاتجاه المعاكس، أي الاتجاه الآخر، حين أكون في جانب الغضب أحاول أن أتذكر أنني أكون مرات في جانب الهدوء، هذا سوف ينقل الإنسان ولو جزئياً إلى جانب الهدوء.

وحين يكون في جانب الهدوء والسكينة أو الاستكانة المطلقة هنا يتذكر أنه أحياناً يتعصب ويتوتر، وهذا ربما يخلق لديه نوعا من القلق الصحي الذي يساعده في التفاعل الصحيح مع الموقف حسب متطلبات المكان والزمان.

مثل هذا العلاج يتطلب نوعا من الحوار مع النفس، أي قولي لنفسك: إنني حين أكون غضوبة أو في مرحلة الغضب: لماذا أغضب؟ لماذا أغضب؟ لماذا لا أنشرح؟ لماذا لا أنبسط؟ أنا أحياناً أكون هادئة، قولي ذلك لنفسك، هذه تمارين سلوكية ممتازة، أعرف أنه ربما يكون هنالك صعوبة في التطبيق، ولكن لابد من محاولة التطبيق بأي حال من الأحوال.

الشيء الآخر: أنت محتاجة للتعبير عن نفسك، لابد أن تعبري عن نفسك دائماً، لا تتركي الأمور البسيطة تتراكم وتختزن وتحتقن مما يؤدي إلى هذه الانفعالات، والانفعال حين يشتد نوع من الهدوء، وهذا الهدوء هو نوع من الجلوس مع الذات ومحاسبتها.

إذن: الأمر كله يتعلق أيضاً بالتفريغ النفسي، التعبير عن الذات أمر مهم جدّاً جدّاً.
هنالك أيضاً دراسات أن ممارسة الرياضة من الوسائل الجيدة جدّاً لإزالة الغضب ولإزالة الانفعال ولخلق نوع من الحيوية والتوازن النفسي، هذه أيضاً إحدى الوسائل التي يمكن أن يحاولها الإنسان.

من السُّنَّة أن يغيِّر الإنسان مكانه إذا غضب، وأن يتوضأ، وأن يصلي ركعتين، وعليه أن يُسمع نفسه صوت فكره بأن يقول: يجب ألا أغضب لأن الغضب مذموم... وهكذا.

أنت تقولين أن جوانب الهدوء لديك أكثر، إذن...حين تحسي بالهدوء استفيدي من هذا الوقت، اطلعي، اقرئي، فكري في شيء طيب، فكري في اللحظات السعيدة التي مرت عليك في حياتك، هذا أيضاً نوع من الاستثمار لأوقات الهدوء النفسي، يمكن أن نستثمرها، وهذا إن شاء الله أيضاً تؤدي إلى توازن نفسي.

هنالك بعض الأدوية التي تستعمل من أجل توازن المزاج، ولا أرى أن حالتك بالحدة التي تتطلبها هذه الأدوية، ولكن إذا رأيت أنك في اضطراب وعدم توازن شديد في المزاج فيمكن أن تتناولي دواء يعرف باسم دباكين، ويمكن أن تتناوليه بجرعة صغيرة، 200 مليجرام ليلاً، هذه الجرعة بسيطة جدّاً لأن بعض الناس نعطيهم حتى 2000 مليجرام في اليوم، ولكن بما أن حالتك بسيطة أرى أن 200 مليجرام من الدباكين ليلاً قد تكون كافية، استمري عليها وجربيها لمدة ستة أشهر، ثم يمكن التوقف عنه، هو دواء بسيط وفعّال، وهذه الجرعة البسيطة لا تؤدي إلى آثار سلبية.

هنالك عقار آخر يعرف باسم تجرتول، أيضاً يستعمل بجرعة 200 مليجرام صباحاً ومساء، لكن الدباكين سوف يكون كافياً.

ربما يكون من الأفضل لك أن تتناولي دواء مضاداً للقلق، لأني أشعر أن القلق أيضاً لديك عال، هنالك عقار يعرف باسم موتيفال، أرجو أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين.

إذن: ابدئي بالموتيفال واجعلي الأدوية المثبتة للمزاج وهي الدباكين أو التجرتول لوقت آخر، وربما لا تحتاجين لها كما ذكرت لك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد..


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً