الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشاد لفتاة في دعائها على أبيها

السؤال

كنت يتيمة الأم من الصغر وكان والدي مدمناً للخمر، وكثير الشجار معنا أنا وأخواتي، وكنا نعيش مأساة حقيقية لا يتسع الوقت لسردها، وفي يوم تشاجر أبي معنا ودعوت عليه، وقلت له: لماذا ربنا تركك وأخذ أمي؟ وبكيت، وبعد يومين توفي أبي وكانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، وإلى الآن أشعر بالذنب لأني دعوت على أبي، وكان عمري 19 سنة، فهل أنا مذنبة وعاقة لأبي؟ ومعاناتي معه جعلتني لا أستطيع الدعاء له لأني لا أتذكر أي خير فعله معنا، ماذا أفعل لأني أتألم؟ أنا الآن عمري 45 سنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مصطفى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأب يظل أباً وإن لم يفعل لأبنائه الخير وقصر في حقهم وأحسن إلى الغير، ورحم الله والديك ومن أحسن إليكم من أهل الخير، ولا تقصري في الدعاء لوالديك في النهار والليل، واعلمي أن البر لا ينقطع بموت الوالدين لكنه يمتد بالدعاء لهما والاستغفار لهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.

ولا شك أن شرب الخمر إساءةٌ عظيمة، ولكن المسلم مُطالب بأن يصحب والده بالمعروف وإن كان كافراً، وإن دعاه إلى المعاصي، فقد قال سبحانه: (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ))[لقمان:15].

واعلمي أن والدك مات في الوقت الذي قدره له ربنا، قال تعالى: (( فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ))[الأعراف:34] ولا يخفى عليك أنه كان سيموت حتى لو لم تدعوا عليه، وأرجو أن تستغفري من قولك: (لماذا أخذ ربنا والدتي وتركك؟) فإنها عبارة يشم منها رائحة الاعتراض على القدر، والله تبارك وتعالى: (( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ))[الأنبياء:23].

كما أرجو أن تستغفري عن كل تقصير في حق والدك أو والدتك، ونسأل الله أن يرحم موتانا وموتى المسلمين.

ولا داعي للألم لما حصل، فإن الله غفورٌ رحيم، وأرجو أن تجتهدي في الدعاء له، واذكري محاسنه، فإنه قد أفضى إلى ما قدم، واشغلي نفسك بطاعة الله وبما يرضه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً